عجز ميزانية “السعودية” تدفعها إلى المزيد من الاقتراض لأجل تمويل زخم المشاريع

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 13
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تمضي “السعودية” في مسار اعتمادها على الاقتراض لتمويل مشاريعها في ظل التوقعات التي تشير إلى أن ميزانيتها ستظل تعاني من العجز خلال السنوات القليلة المقبلة على الأقل. ووفق بيان صادر عن وزارة المالية السعودية، قالت أنها اعتمدت الخطة التمويلية للعام الجاري 2025، متوقعة اقتراض ما يصل إلى 37 مليار دولار، لتغطية العجز في موازنة العام الجاري. ويقول البيان، أن الاحتياجات التمويلية لعام 2025 بلغت ما يقارب 139 مليار ريال؛ لتغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة لعام 2025، والذي يقدر بحوالي 101 مليار ريال، بالإضافة إلى سداد مستحقات أصل الدين خلال العام الحالي البالغة ما يعادل 38 مليار ريال. وفي حين أن أحد العوائق أمام تمكّن “الحكومة” من تمويل مشاريعها بنفسها هو سعر برميل النفط، فإن خام برنت يتم تداوله اليوم عند حوالي 76 دولارا للبرميل، وهو أقل من المستوى الذي تحتاجه “السعودية”، أي أكثر من 90 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها في عام 2025، وفقا لصندوق النقد الدولي. إلى جانب ذلك، فإن استضافة البلاد المرتقبة لكأس العالم عام 2034 وضعها أمام ضغط الحاجة إلى التمويل، خاصة أنها سوف تضطر إلى بناء 8 ملاعب في “الرياض” وحدها -حيث المشاريع بأغلبها قائمة فيها-، إلى جانب سائر التجهيزات الأخرى. أمام هذا، يعترف المسؤولون السعوديون، بأنفسهم، أنهم أعادوا ضبط بعض الخطط في إطار تقييمهم لقدرة البلاد على إكمال المشاريع في الوقت المحدد. وقال وزير المالية محمد الجدعان في إحاطة قدمها مؤخرا بشأن ميزانية الدولة: “نريد أن نبرز الدولة ونتأكد من أن الأمور جاهزة بحلول موعد هذه الأحداث. لقد أخذنا ذلك في الاعتبار من حيث التأكد من أن ما خطّطنا له من حيث الملاعب الجديدة والاتصال جاهز لعام 2034”. فيما يقول خبراء إن الإطار الزمني الممتد لعشر سنوات يضيف عاملا لعدم القدرة على التنبؤ المالي بسبب الأهمية الدائمة لأسعار النفط الخام بالنسبة لمالية البلاد. وقال ستيفن هيرتوج، الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد: “إن السيناريو الذي يشهد انخفاضا مستمرا في عائدات النفط، والذي يجعل تمويل البنية التحتية الرئيسية صعبا، هو أمر يمكن تصوره، لكنه ليس النتيجة الأكثر ترجيحا”، مضيفا أن “الإنفاق المرتبط بكأس العالم سيكون له الأولوية” على المشاريع الأخرى نظرا للمخاطر التي تهدد السمعة نتيجة عدم تسليم العمل للبطولة في الوقت المحدد. وفي السياق تُثار الشكوك حول قدرة ابن سلمان على استكمال كل هذه المشاريع، وحتى مع التصريحات والاعترافات التي خرجت من شخصيات رسمية التي تقرّ بتمديد مهل الانتهاء من المشاريع وتقليص حجمها، إلا أن الأمور تبدو أكثر تعقيدا من مجرد الاعتراف بخطئ التقدير. ووفقاً لإد جيمس من شركة ميد لاستشارات ذكاء الأعمال، فإن القدرة على تسليم كل هذه المشاريع، دفعة واحدة، هو واحدا من المواضيع المثيرة للقلق داخل البلاد. ويقول: “أعتقد أن هناك اعترافاً في المملكة العربية السعودية بعدم وجود موارد كافية”. ويستطرد متوسّعا ” لن يكون هناك ما يكفي من المواد والمعدات لتنفيذ كل هذه المشاريع بالتوازي. ومن الواضح أن ذلك يخلق ضغوطًا على التكلفة”، ويتطرّق إلى ما يتعلق بالمواد الكثيرة المطلوبة، سواء كانت خرسانة أو زجاج أو فولاذ أو معدات، وأشياء مثل الحفارات والرافعات المتحركة وما إلى ذلك. ويقول جيمس إن الحكومة السعودية تحاول التغلب على تحدي توفير الموارد من خلال تشجيع الشركات من عدد من الصناعات على إقامة عمليات في البلاد. ويقول: “سواء كان ذلك زجاجاً أو فولاذاً أو سيارات كهربائية أو كابلات، فإنهم يقولون: “سوف نساعدكم على الدخول، وإنشاء منشآتكم في المملكة، ويمكننا أن نضمن قدراً معيناً من إنتاجكم”. كما يتم توجيه دعوات مماثلة للمهندسين وشركات البناء والاستشاريين المطلوبين لتسليم المشاريع، لكنهم ليسوا وحدهم في صنعها. يعلق جيمس على هذه المسألة: “أنت ترى تلك الهجرة، لكن الكثير من هؤلاء المهندسين عادوا إلى دبي لأنها تشهد ازدهارًا الآن أيضًا.. من المهم أن نعرف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد أيضًا ازدهارًا وأن هناك سوقين متنافسين للبناء يحاول كل منهما جذب نفس المواهب.” كما أشارت تقديرات، مؤخرا، إلى أن مشاريع 2030 تستنزف خزينة الدولة، وأنها تهدد بإفلاس الدولة بشكل جدي، ولكن يتم غض الطرف عن طرق إبداعية لجمع الديون دون ظهورها في الميزانية العمومية للبلاد. ويرى الكاتب أندرو هاموند، صاحب كتاب “وهم الإصلاح في المملكة العربية السعودية”، أن إلقاء نظرة فاحصة على المعلومات المتاحة من صندوق الاستثمارات العامة يظهر أن المؤسسة تنزف أموالاً لا تستطيع الدولة تحملها. فقد أظهر البيان المالي لصندوق الاستثمارات العامة لعام 2023  أن تكاليف الموظفين – التي تغطي الرواتب والمزايا – ارتفعت بنسبة هائلة بلغت 40% في عام 2023 إلى 59.9 مليار ريال (15.9 مليار دولار). ويفصّل الكاتب، فيقول: رغم أن البيان خضع للتدقيق من قبل شركة كي بي إم جي، فإنه لم يوضح عدد الموظفين الذين يشملهم الرقم ــ كل العاملين في الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة البالغ عددها 168 شركة، أو 2553 موظفا يعملون في مكاتبه الأربعة حول العالم. وإذا كان الرقم الأخير صحيحا، فهذا يعني متوسط ​​أجر سنوي قدره 6.2 مليون دولار، وهو أمر معقول بالنسبة لكبار المديرين التنفيذيين. كما أن الفجوة البالغة 212 مليار دولار بين أصول صندوق الاستثمارات العامة والأصول المملوكة قد تعني أيضا إنفاقا ضخما على الأصول الثابتة مثل مباني المكاتب الفخمة في نيويورك ولندن وسنغافورة. واصفا النهج الذي تسير “السعودية” وفقا له في التعامل مع الأمر بأنه “على نحو ارتجالي”. ومع بقاء احتياطيات النقد الأجنبي عند مستوى 411 مليار دولار أميركي  في سبتمبر/أيلول، فإن الحكومة لا تزال قادرة على دعم ربط الريال بالدولار وتجنب حالة عدم الاستقرار التي قد تؤثر بشكل سلبي أكبر على المواطنين.