بعد استثمار ما يتجاوز ١٠٠ مليون دولار.. إفلاس مشروع المركبات الصديقة للبيئة في “نيوم”
أعلنت شركة ألمانية تستثمر في مشروع “نيوم” عن إفلاسها، بسبب صعوبات في تأمين تمويل جديد، منذرة بصعوبات جديدة يواجهها “المشروع الأضخم” في رؤية 2030. الشركة الألمانية (فولوكوبتر)، كانت مسؤولة عن تطوير وتجهيز مركبات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية، وهي مركبات صديقة للبيئة، تعمل بالكهرباء مما يقلل من الانبعاثات الضارة، وهو جزء مهم من نظام النقل الخالي من الانبعاثات في “نيوم” الذي استخدمته “السعودية” كورقة للترويج عالميا لمشروعها، التي تدّعي أنه مشروع صديق للبيئة. في عام 2022، استثمرت “نيوم” 175 مليون دولار في فولوكوبتر، وأطلقت عليها اسم المشغل الوحيد لطرق النقل العام الأولية عبر مشاريعها الرائدة، بما في ذلك ذا لاين وأوكساجون وتروجينا. في بيان إعلان إفلاسها، ذكرت الشركة أنها كانت مستمرة في العمل طويلا على الرغم من “البيئة المالية بالغة الصعوبة”. تأتي هذه الأخبار على الرغم من أن شركة فولوكوبتر لديها داعمين بارزين مثل مرسيدس بنز، وهانيويل، ودايملر، وإنتل، ومجموعة ميتسوي سوميتومو للتأمين. وما يمكن أن يُنظر له على أنه الجانب الوحيد الجيد بالنسبة لمدينة نيوم هو أن فولوكوبتر أعلنت أن عملياتها ستستمر أثناء إجراءات الإفلاس بينما تبحث عن مستثمرين جدد. مشكلة نقص الاستثمارات الأجنبية كانت ولا تزال واحدة من أبرز المشاكل التي تواجهها مشاريع رؤية 2030، على الرغم من أن محمد بن سلمان عندما طرح مشاريع الرؤية زعم أنه بذلك سوف يجتذب الأموال الخارجية والاستشمارات الأجنبية، إلا أن عوامل عديدة حالت دون تمكّنه من الوصول إلى هذه الغاية، بل على العكس تبيّن كم أن “السعودية” أرض طاردة للاستثمارات الأجنبية. واحدة من الجهات الغربية التي كانت تتأمّل خيرا بمشاريع الرؤية، هي كوريا الجنوبية، التي استثمرت بكثافة وكانت تأمل في أن تؤتي مدينة نيوم ثمارها كما هو مخطط لها في البداية. إلا أن التطورات الأمنية في المنطقة كانت إحدى العوامل التي أقلقت المستثمرين. وقال مسؤول في صناعة البناء الكورية، لموقع BusinessKorea :” على الرغم من الإعلان عن مشروع نيوم باعتباره مشروعًا واسع النطاق بقيمة 700 تريليون وون، فإن حجم العمل الفعلي الذي حصلت عليه شركات البناء الكورية يبلغ تريليون وون فقط”. “كان التوقع مرتفعًا بشأن الفوز بطلبات مشروع نيوم السعودي في عام 2022، لكن شركتي Hyundai E&C وSamsung C&T فقط وقعتا عقودًا فعلية بعد مذكرات التفاهم الخاصة بهما”. وخلال شهر سبتمبر الماضي، ألغت “السعودية” مشروعا ضخما لتحلية مياه البحر تبلغ قيمته 317 مليون دولار. وفي وقت سابق أعلنت السعودية إلغاء مشاريع بقيمة ربع ترليون دولار، موعزةً ذلك إلى ضعف عوائِدِها الاقتصادية مقارنةً بتكلفتِها. وأشارت تقديرات، مؤخرا، إلى أن مشاريع 2030 تستنزف خزينة الدولة، وأنها تهدد بإفلاس الدولة بشكل جدي، ولكن يتم غض الطرف عن طرق إبداعية لجمع الديون دون ظهورها في الميزانية العمومية للبلاد. ويرى الكاتب أندرو هاموند، صاحب كتاب “وهم الإصلاح في المملكة العربية السعودية”، أن إلقاء نظرة فاحصة على المعلومات المتاحة من صندوق الاستثمارات العامة يظهر أن المؤسسة تنزف أموالاً لا تستطيع الدولة تحملها. فقد أظهر البيان المالي لصندوق الاستثمارات العامة لعام 2023 أن تكاليف الموظفين – التي تغطي الرواتب والمزايا – ارتفعت بنسبة هائلة بلغت 40% في عام 2023 إلى 59.9 مليار ريال (15.9 مليار دولار). ويفصّل الكاتب، فيقول: رغم أن البيان خضع للتدقيق من قبل شركة كي بي إم جي، فإنه لم يوضح عدد الموظفين الذين يشملهم الرقم ــ كل العاملين في الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة البالغ عددها 168 شركة، أو 2553 موظفا يعملون في مكاتبه الأربعة حول العالم. وإذا كان الرقم الأخير صحيحا، فهذا يعني متوسط أجر سنوي قدره 6.2 مليون دولار، وهو أمر معقول بالنسبة لكبار المديرين التنفيذيين. كما أن الفجوة البالغة 212 مليار دولار بين أصول صندوق الاستثمارات العامة والأصول المملوكة قد تعني أيضا إنفاقا ضخما على الأصول الثابتة مثل مباني المكاتب الفخمة في نيويورك ولندن وسنغافورة. واصفا النهج الذي تسير “السعودية” وفقا له في التعامل مع الأمر بأنه “على نحو ارتجالي”. ومع بقاء احتياطيات النقد الأجنبي عند مستوى 411 مليار دولار أميركي في سبتمبر/أيلول، فإن الحكومة لا تزال قادرة على دعم ربط الريال بالدولار وتجنب حالة عدم الاستقرار التي قد تؤثر بشكل سلبي أكبر على المواطنين.