“أزمة التغير المناخي ” تلاحق موانئ النفط “السعودية”
أفادت دراسة علمية حديثة إلى أن خطرا بيئيا يتهدد موانئ النفط الساحلية لعدد من الدول على رأسها “السعودية”. حيث أن تحليلات تشير إلى أن ارتفاع مستويات سطح البحر الناجم عن أزمة المناخ سوف يطغى على العديد من أكبر موانئ النفط في العالم. وقال العلماء إن التهديد مثير للسخرية لأن حرق الوقود الأحفوري يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض. وأضافوا أن الحد من الانبعاثات من خلال التحول إلى الطاقة المتجددة من شأنه أن يوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض ويوفر طاقة أكثر موثوقية. والمفارقة تكمن في أن “السعودية” اليوم، المهدّدة من هذا الخطر، هي نفسها من تقف في وجه أي قرارات دولية ممكن أن تحد من انبعاثات الكربون. فكان للبلاد مواقف معرقلة في العديد من المحطات آخرها الموقف الذي اتخذته خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29)، المنعقد العام الماضي في أذربيجان، حيث أعلنت رفضها أي نص يصدر عن القمة يستهدف الوقود الأحفوري. هذا ووجد التحليل أن ثلاثة عشر من الموانئ التي تشهد أعلى حركة لناقلات النفط العملاقة سوف تتضرر بشكل خطير بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد فقط. وقال الباحثون إن اثنين من الموانئ المنخفضة في “السعودية” – رأس تنورة وينبع – معرضان للخطر بشكل خاص. وكلاهما تديره شركة أرامكو، شركة النفط الحكومية السعودية، وتخرج 98٪ من صادرات النفط في البلاد عبر هذين الموانئ. وتشير أحدث الدراسات العلمية التي نشرتها المبادرة الدولية للمناخ الجليدي إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد أصبح أمراً لا مفر منه في غضون قرن أو نحو ذلك، وقد يحدث ذلك في وقت مبكر من عام 2070 إذا انهارت الصفائح الجليدية ولم يتم الحد من الانبعاثات. ومن المحتمل أن يكون ارتفاع منسوب مياه البحر بمقدار ثلاثة أمتار أكثر كارثية أمراً لا مفر منه في الألفية أو الألفيتين القادمتين، وقد يحدث ذلك في أوائل القرن الحادي والعشرين. ويشير الباحثون إلى أن الارتفاع الذي حدث حتى الآن يعني أن العواصف أصبحت أعلى وأكثر عرضة بأن تسبب في فيضانات ساحلية، في حين أن تسرب المياه المالحة إلى الأراضي الساحلية يمكن أن يؤدي إلى تآكل الأساسات.وأشارت إلى أن خفض الانبعاثات بشكل كبير إلى جانب أنه سوف يؤدي إبطاء معدل ارتفاع مستوى سطح البحر، سوف يحد أيضًا من الارتفاع النهائي. وقال موراي وورثي من شركة زيرو كربون أناليتيكس، وهو عضو في فريق الدراسة: “يُظهر هذا التحليل أن الاعتماد على الوقود الأحفوري في عالم دافئ يشكل طريقًا إلى الكارثة، وليس إلى أمن الطاقة. وتواجه البلدان خيارًا: إما التمسك بالوقود الأحفوري والمخاطرة بانقطاع الإمدادات مع ارتفاع منسوب مياه البحار وغمر الموانئ والمحطات، أو الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة المحلية الآمنة والمستدامة”. وكان مركز ستراتفور قد نشر تقريرا تطرق فيه إلى أزمة تغيرالمناخ الذي يضع الحكومة السعودية أمام تحدي مضيها بتنفيذ مشاريع رؤية 2030. التحدّي الأساسي لن يكون افتقارها للمال الكافي لتغطية مضاعفات هذه الأزمة، من تضاعف تكاليف التبريد ومواجهة ارتفاع الحرارة وطول أمد فصل الصيف، لكن بأساليب هذه التغطية المالية التي ستشكل مأزقا مستجدا لميزانيتها. يذكر التقرير أن تكاليف هذا التحدي أصبحت واضحة وملومسة: فخلال موسم الحج لعام 2024، أكثر من 1300 حاج ماتوا بسبب الإجهاد الحراري في مكة المكرمة حيث ضربت موجة حر بلغت 125 درجة فهرنهايت، أو 50 درجة مئوية، المنطقة. وهذه الحادثة المميتة هي جزء من اتجاه أوسع، يتجاوز الحج إلى كل ركن من أركان البلاد، التي يجب ريها وتبريدها وتقويتها ضد أنماط الطقس غير المنتظمة بشكل متزايد. وهذه التدابير ليست رخيصة، والتكاليف الاقتصادية لتغير المناخ، أكثر من الوفيات، هي التي تشكل تحديًا للسعودية وتحولها الاقتصادي. أمام هذا سؤال يطرح نفسه: من سيدفع الثمن المادي لهذا التبدّل؟ ليقدم التقرير إجابة المختصرة وحالية لهذا التساؤل هي “الدولة السعودية”، حيث أنه وفي نهاية المطاف، سوف تقوم الحكومة بتدفيع تكاليف تغير المناخ إلى أولئك الذين لا يملكون ثقلا سياسيا في البلاد، مما يؤدي إلى توسيع فجوة التفاوت، وزرع الانقسام، وتعزيز خطوط الصدع التي قد تندلع في شكل تحركات معارضة وعدم استقرار خلال فترات مستقبلية من الأزمة الجيوسياسية.