ما هي “حُزمة” الضرائب القادمة التي ستَفرِضها الحُكومة السعوديّة بعد زيادة ضريبة القيمة المُضافة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1863
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وما هو المُقابل الذي سيحصل عليه المُواطن السعودي؟ وهل ستنجح هذه الإجراءات “المُؤلمة” في مُواجهة الأزَمة الماليّة الحادّة؟ وما هي الضّربات الثّلاث المُوجعة التي تلقّتها الميزانيّة العامّة؟
قرار الحُكومة السعوديّة برفع نسبة ضريبة القيمة المُضافة مِن 5 إلى 15 بالمِئة وإيقاف “منحة” بدل غلاء المعيشة لمُوظّفي الدولة التي تبلغ ألف ريال شهريًّا (226 دولار) يَعكِس بداية الإقدام على الإجراءات الصّارمة، والمُؤلمة، التي كشف عنها قبل أيّام السيّد محمد الجدعان، وزير الماليّة السعودي، في حديثه إلى قناة “العربيّة”، في محاولةٍ من جانبها لسد العجز في الميزانيّة العامّة الذي يُقدَّر بحواليّ 112 مِليار دولار ومُرشّحٌ للتّصاعد.
انخفاض أسعار النفط، وتخفيض السّلطات السعوديّة لإنتاجها حواليّ 4 مِليون برميل يوميًّا ليَصِل إلى 7 ملايين برميل تطبيقًا لاتّفاق “أوبك بلس” (تخفيض الإنتاج بحواليّ 10 ملايين برميل يوميًّا) في مُحاولةٍ لوقف انهيار الأسعار بسبب تراجع الطّلب نظرًا لانتِشار فيروس كورونا، هذا الانخِفاض علاوةً على حالةِ الانكماش التي يعيشها الاقتِصاد السعوديّ وتَبلُغ نسبتها حواليّ 2.3 بالمئة حسب تقديرات صندوق النقد الدولي أدّيا إلى هذا العجز الذي يُجسِّد حواليّ 40 بالمِئة مِن حجمها (الميزانيّة).
هُناك خِياران أمام الحُكومة السعوديّة للخُروج من هذا الوضع غير المَسبوق أو تقليص أضراره:
الأوّل: تخفيض النّفقات وتجميد أو إلغاء المشاريع العامّة المُدرجة في ميزانيّة العام الحالي، مِثل مشروع “نيوم” السياحي الذي يَبلُغ تكاليفه 500 مِليار دولار، واللّجوء إلى الأسواق الماليّة العالميّة للاقتراض، والسّحب من الاحتِياطيّ الماليّ (400 مِليار دولار).
الثّاني: فرض ضرائب علنيّة مُباشرة وأخرى غير مُباشرة، على المُواطن، أوّلها رفع ضريبة القيمة المُضافة ضِعفين إلى 15 بالمئة، وإلغاء بدل غلاء المعيشة، ووقف كُل البدلات والعَلاوات لمُوظّفي القِطاع العام، ورفع قيمة الخدمات العامّة من ماء وكهرباء ومُواصلات وصحّة، وخفض شِبه كُلِّي للدّعم على السّلع الأساسيّة مِثل الأرز، والسّكر، والزيت والدّقيق، والمحروقات المدعومة من الدّولة.
الميزانيّة السعوديّة تعرّضت لثلاث ضربات رئيسيّة، الأولى، تراجع الموارد المحليّة غير النفطيّة بشكلٍ كبيرٍ التي تُساهم بحواليّ 20 بالمِئة تقريبًا من ميزانيّة الدولة، والثّانية تُقلِّص العوائد النفطيّة بمِقدار الثّلثين حسب تصريحات السيّد الجدعان، وزير الماليّة، والثّالثة، تراجع مداخيل السياحة الدينيّة، أيّ العمرة، (17 مِليون مُعتمر سنويًّا)، والحج (2.6 مِليون حاج سنويًّا)، وهي سياحة تُدِر حواليّ 16 مِليار دولار سنويًّا لخزينة الدولة، وهذا ما يُفسِّر تصريحات السيّد الجدعان في المُقابلة نفسها بأنّ حُكومته ستقترض 60 مِليار دولار من الأسواق الماليّة العالميّة، وستسحب 32 مِليار دولار من صندوق احتِياطاتها الماليّة (حواليّ 440 مِليار دولار) التي مِن المُفترض أن تكون للأجيال القادمة، وللأيّام السّوداء.
باختصارٍ شديدٍ يُمكن القول بأنّ المُواطن السعودي سيكون أحد أبرز المُتضرِّرين من السّياسات التقشّفيّة التي ستَفرِضها حُكومته، ومن غير المُستَبعد أن تلجأ هذه الحُكومة إلى فرض ضريبة دخل، وترفع العديد من الرّسوم مِثل رسوم السفر، والجوازات، والمُعاملات الحُكوميّة الأُخرى في المُستقبل القريب، لأنّها تتبع سياسة التدرّج في هذا الإطار.
الثّمن المُقابل الذي مِن المُفترض أن يحصل عليه المُواطن مُقابل هذه التّضحيات ما زال غير واضح، إن لم يَكُن معدومًا، ونحن نتحدّث هُنا عن إصلاحاتٍ سياسيّةٍ، وتوسيع دائرة المُشاركة في القرارات الاستراتيجيّة التي تتعلّق بإدارة الشّأن العام وكيفيّة إنفاق موارد الدّولة.
وتظَل حرب اليمن هي النّزيف الأكبر للميزانيّة السعوديّة ماديًّا وبشريًّا، واستِعصاء “أنصار الله” الحوثيين على الهزيمة ورفع الرّاية البيضاء، بل وتصاعد قوّتهم مُقابل تفاقم خِلافات وضعف خُصومهم المحلّيين، ولا يَلوح أيّ مُؤشِّرٍ في الأُفق عن إمكانيّة الوصول إلى حَلٍّ سِلميٍّ يُنهِي هذه الحرب.
الأيّام والأشهر والسّنوات القادمة ستكون صعبةً، بل مُؤلمة، بالنّسبة للحُكومة السعوديّة، وما قالة الوزير الجدعان في هذا المِضمار في مُقابلته مع قناة “العربيّة” التي اتّسمت بشفافيّةٍ نادرةٍ ربّما يكون نِصف الحقيقة، إن لم يَكُن أقل.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”