الجسر البرّي بين دبي وحيفا يتجاوز المرحلة التجريبيّة بنجاح

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2124
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبد الباري عطوان

في الوقتِ الذي يُحقّق فيه الأشقّاء اليمنيّون نصرًا كبيرًا للأُمّتين العربيّة والإسلاميّة باعتِراض السّفن الإسرائيليّة أو تِلك الدوليّة المُحمّلة ببضائعٍ إلى موانئ فِلسطين المُحتلّة مُرورًا بباب المندب والبحر الأحمر دعمًا للمُقاومة وحاضنتها الشعبيّة التي تتصدّى لحرب الإبادة في قِطاع غزة، تكشف صُحُف ومواقع إسرائيليّة عن وصول الدّفعة الأُولى من الشّحنات التجاريّة إلى دولة الاحتِلال قادمة من دبي مُرورًا بالأراضي السعوديّة والأردنيّة، تدشينًا للجسر البرّي المُوقّع بين دولة الإمارات وحُكومة الاحتِلال في تل أبيب.

موقع “والا” الاستِخباري الإسرائيلي أكّد اليوم الأحد وصول 10 شاحنات مُحمّلة بالبضائع والأطعمة من دبي إلى دولة الاحتِلال، وتتبع شركتيّ شحن الأولى “تراكنيت” الإسرائيليّة، والثانية “بيور ترانز” الإماراتيّة، واعترف مُدير الشّركة الأولى (الإسرائيليّة) إنّ هذا الجسر البرّي سيُوفّر أكثر من 80 بالمِئة من تكلفة البضائع عبر البحر الأحمر.

***

تفعيل الاتّفاقات الإماراتيّة الإسرائيليّة حول هذا الجسر تزامن مع إقدام زوارق وطائرات عموديّة وصواريخ تابعة للقوّات البحريّة لحُكومة صنعاء، على إغلاق باب المندب، واعتراض سُفن إسرائيليّة في البحر الأحمر، وخلق مَمَرٍّ آمِنٍ للتّجارة الإسرائيليّة في الاتّجاهين، أيّ من دبي إلى حيفا أو بالعكس.

صحيح أن الشّاحنات العشْر المذكورة آنفًا التي انطلقت من دبي إلى حيفا جاءت في إطار خطوة تجريبيّة أولى بهذا الجسر، مثلما ذكر الموقع الإسرائيلي، وصُحُف أُخرى، ولكنّ هذا التّجريب جاء تفعيلًا لاتّفاقات جرى التّوقيع عليها مُنذ سنوات، وتمهيدًا لمُرور مِئات، وربّما آلاف من الشّاحنات الجاهزة كبَديلٍ للبحر الأحمر، وإحباطًا للخطوة اليمنيّة المُشرّفة باستِهداف السّفن الإسرائيليّة، ودعمًا بشَكلٍ أو بآخَر للعُدوان الإسرائيلي على قِطاع غزة الذي أدّى حتّى الآن إلى استِشهاد عشرين ألفًا وإصابة 55 ألفا آخَرين من أبنائه مُعظمهم من الأطفال، وتدمير نِصف المنازل والعمارات السّكنيّة ومُعظم المُستشفيات، علاوةً على تهجيرِ مِليونيّ فِلسطيني من الشّمال إلى الجنوب.

الحُكومة الأردنيّة نفت ما سمّاها المُتحدّث باسمها “ادّعاءات” تتعلّق بمُرور جسر برّي عبر أراضي المملكة لنقل البضائع إلى “إسرائيل”، وقالت وكالة “بترا” الرسميّة التي بثّت النّفي “إن ما يتم تناقله من أخبارٍ منسوبةٍ لوسائل إعلام إسرائيليّة عن وجود هذا الجسر كبَديلٍ للبحر الأحمر لنقل البضائع إلى “إسرائيل” لا صحّة لها بتاتًا”.

وكان لافتًا أنه لم يصدر حتّى كتابة هذه السّطور أيّ نفي لتفعيل هذا الجسر بدايةً بخُطوةٍ تجريبيّةٍ تكلّلت بالنّجاح حسب الأنباء الإسرائيليّة، من قِبَل المملكة العربيّة السعوديّة دولة المُرور الأولى، ولا نعرف ما إذا كانَ هذا الصّمت هو علامة على الرّضا أمْ التّجاهل الكامِل لهذه الأنباء لعدم جدّيّتها.

مصادر رسميّة أردنيّة قالت “إن موقف الأردن واضح بشأن دعم الأشقّاء الفِلسطينيين والوقوف إلى جانبهم بكُلّ الوسائل وإنّ الحُكومة ألغت اتّفاقات ماء وغاز وكهرباء مع دولة الاحتِلال تأكيدًا لهذه المواقف”.

الجيش الإسرائيلي الذي يُواجه هزيمةً كُبرى في قِطاع غزة، وفشل بعد 71 يومًا من تحقيق أيّ من أهدافه الرئيسيّة في تدمير حركة “حماس” وإعادة جميع مُستوطنيه، لم يَعُد قادرًا على حِماية نفسه، ناهِيك عن حِماية الآخرين، وخاصَّةً الدّول المُطبّعة، ولولا الجسر الجوّي الأمريكي لتزويده بالأسلحة والذّخائر والمَعدّات، علاوةً على 2000 جُندي مارينز لانهار بالكامِل أمام ضربات المُقاومة وصُمودها، فما كان يَصلُح قبل حرب غزة لا يَصلُح بعدها، وهذا ما نأمل أن تفهمه الحُكومات التي ما زالت تَكسِر حِصار هذا العدو تجاريًّا واقتصاديًّا وتُعَوّل على حِمايته.

دولة الاحتِلال هي المُستفيد الأكبر من هذا الجسر البرّي لكنّه سيُشكّل تهديدًا مُباشِرًا لقناة السويس، وسيُقلّص الدّخل المِصري من عوائد المُرور فيها من تِسع مِليارات دولار سنويًّا إلى أقل من النّصف، الأمر الذي سينعكس سلبًا على علاقات دولة “المنبع” الإمارات، ودولتيّ المُرور السعوديّة والأردن، مع الشّقيقة مِصر، والأهم من كُل ذلك أن هذا الجسر قد يتعرّض لعمليّات تفجير أرضيّة وجويّة عبر القصف الصّاروخي وبالمُسيّرات، سواءً من “أنصار الله” في اليمن، أو حركات مُقاومة تابعة لإيران والعِراق.. والأيّام بيننا.