السعودية تتهرب من الحرب على اليمن

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2013
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

طالب الحسني

يمكن القول أنه ومنذ ثلاث سنوات بدأت السعودية التي تقود تحالف الحرب على اليمن  منذ 2015 الخروج منها بعد أن تحولت نتائجها من البحث عن إعادت النفوذ (الامريكي السعودي) عبر إسقاط أنصار الله وتحالفاتهم القبلية والسياسية ، إلى البحث عن عدم تحولهم إلى قوة سياسية وعسكرية وشعبية حاكمة لكل اليمن وفي المعسكر المناهض للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ومن الواضح أن هذا الهدف لم يفشل فقط بل بات غير ممكن

نعود إلى الجديد المتعلق بتوجه الرياض نحو الانتقال ثلاث خطوات اضافية خارج الحرب والحصار، وهي خطوات معاكسة جزئيا للرغبة الأمريكية

ـ الخطوة الاولى: اللهث وراء توقيع اتفاق أشار إليه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تحت عنوان خارطة سلام في اليمن، وهو نتاج مفاوضات طويلة مباشرة وغير مباشرة بين صنعاء والرياض بوساطة عمانية، وتشمل نقاط كثيرة ابرزها الاستمرار في وقف العمليات العسكرية بين صنعاء والتحالف والأجنحة الداخلية المتفرعة منه ، وكذلك تفكيك آخر للحصار الجوي والبحري على اليمن .

معضلة السعودية في هذه الاتفاقية أنها لا تريد التوقيع عليها كطرف وتريد أن يفعل ذلك مجلس العليمي الذي لا وجود له كطرف على طاولة المفاوضات وترفض صنعاء الجلوس معهم قبل خروج التحالف من الحرب والعودة إلى ما قبل 26مارس 2015

وعلى الرغم من رغبة السعودية الملحة نقل تموضعها من قائد للتحالف العسكري لإعادة ما تسميها “الشرعية” في اليمن، إلى وسيط بين “الاطراف اليمنية” هو بمثابة تراجع واعتراف بالفشل، إلا أن صنعاء ترفض التعامل مع الرياض كوسيط، وفعليا تجري مشاورات معها كطرف بوساطة عمانية

هذا الرفض مهم وجوهري بالنسبة لصنعاء اذ لا يمكن اعتبار الحرب أهلية بل تدخلا عدوانيا خارجيا يجب أن ينتهي بتوقيع اتفاق بين صنعاء الرياض وليس بين ” أطراف يمنية يمنية “

اتوقع أن يتم الإلتفاف على هذه العقدة عبر إخفاء صورة ومشهد التوقيع وعدم تسمية الاطراف الموقعة بشكل واضح واعتماد صيغة “اطراف الحرب” وهذا ما حدث في اتفاق ابريل 2022 المتعلق بخفض التصعيد بين التحالف واليمن المستمر حتى الآن رغم انتهاء مدته المزمنة بأكتوبر من نفس العام وبالتالي العودة إلى جدلية هل وقعت السعودية كطرف أم وسيط دون حسم ويستطيع كل طرف تمرير روايته للاعلام وللرأي العام مع بقاء تصديق الراوية السعودية محدودة

ـ الخطوة الثانية: التي تنفذها السعودية نحو الخروج من الحرب على اليمن، تتضمن نقل مقر تفتيش السفن التي من المفترض أن تذهب إلى موانئ الحديدة غرب اليمن، وهذا الاجراء “إجراء التفتيش” الذي يتم من 2015 هو جزء من الحصار المفروض على اليمن ، من موانئ جدة، إلى ميناء عدن

التفسير الوحيد لهذا النقل رسالة سعودية أنها لا ترغب في إبقاء الحصار على اليمن، وهي رغبة مدفوعة بالخوف من عمليات مستقبلية يمنية في البحر الأحمر تستهدف السعودية لكسر الحصار، وما يجعل السعودية اكثر اندفاعا في الخروج من هذا الخوف رؤيتها لفشل الولايات المتحدة الامريكية في تشكيل ما سمته تحالف ” حماية ” الملاحة في البحر الأحمر، عقب عمليات القوات المسلحة اليمنية الناجحة في قطع طريق السفن القادمة والمغادرة من وإلى موانئ العدو الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية إسنادا لغزة

وهي العمليات التي خلطت الاوراق على العدو الاسرائيلي في حربه على غزة وكذاك كسرت الهيمنة الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي، وهي في نفس نبهت السعودية إلى البدء في الخروج الطوعي من الحصار على اليمن قبل إجبارها على ذلك

ـ الخطوة الثالثة: التخلي عما يسمى المرجعيات الثلاث للحوار في اليمن ابرزها القرار الدولي 2216 وكذلك المبادرة الخليجية 2011_2012  وفي الحقيقة بات اعتماد هذه المرجعيات كبوابة للحوار مع صنعاء ضربا من الخيال، بيد ان المرجعيات تحمل عودة جزء من نفوذها الذي اجتدته ثورة 2014.

ينبغي الاشارة قبل نهاية هذه المادة التحليلية إلى أن السلوك السعودي المتغير قسري ويتعارض مع ما كانت تريد تحقيقه حين أسست التحالف بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية في 2015 وبالتالي محاولة تقبل التعايش مع جار قوي ويتطور بسرعة عسكريا وسياسيا وفكريا على النقيض مما تؤمن به السعودية الجديدة وبالتالي هو مهدد فعلي للدولة التي بقيت الشريك الثاني بعد الولايات المتحدة الامريكية في النفوذ على اليمن لعقود.

ثانيا/ حتى الآن لا تملك الرياض القدرة على اتخاذ القرار بنسبة 100% في الخروج من الحرب على اليمن، اذ لا تزال واشنطن قادرة على دفع السعودية خارج رغبتها، لكنها في المقابل تستغل تراجع الهيمنة الامريكية وقوة ردعها في المنطقة لتجريب وضع خطوات خارج الصندوق الامريكي.

كاتب وصحفي يمني