اجتماعُ مُنتِجي النِّفط في الجزائر يَرفُض مَطالِب ترامب الابتزازيّة بتَخفيضِ الأسعار ويتَحدَّى تَهديداتِه.. والدَّور السعوديّ الخَليجيّ يتَراجَع داخِل “أوبك”..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2175
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

واجتماعٌ حاسِمٌ في “أبو ظبي” بعد أُسبوعٍ مِن الحَظْر على النِّفط الإيرانيّ.. كيف سيَرُد الرئيس الأمريكيّ؟
  لا نَعرِف كيف سَيكون رَد فِعل الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب على تَجاهُل كِبار المُنتِجين للنِّفط، داخِل مُنظَّمة “أوبك” وخارِجها، أثناء اجتماعِهم الوِزاريّ الذي انعَقد في الجزائر يوم أمس (الأحد)، وقرَّر رفض مَطالِبه الابتزازيّة بخَفضِ الأسعار عن طَريقِ زيادة الإنتاج، وأبقوا على مُعَدَّلات الإنتاج دونَ تغييرٍ، لكن الأمر المُؤكَّد، أنّ الوِلايات المتحدة التي كانَت تُرسِل مَندوبًا إلى اجتماعات مُنَظَّمة “أوبك” في فيينا أو جنيف، لفَرضِ إملاءاتِها، لم تَعُد قادِرةً على ذَلِك، والتَّحَكُّم بأسعارِ النِّفط بالتَّالي.
الرئيس ترامب نَشر تغريدةً على حِسابِه في “تويتر” أعادَ فيها تهديد الدُّوَل النفطيّة الخليجيّة بقوله “إنّنا نَحمِي دُوَل الشرق الأوسط ولن يكونوا آمِنيين بِدونِنا”، مُضيفًا بأنّ زَمَنَ الحِماية “المَجّانيّة” الذي استمرَّ لعُقودٍ قد انتَهى.
المملكة العربيّة السعوديّة، وبَعض الدُّوَل الخليجيّة الأُخرَى المُنتِجة للنِّفط، لم تَعُد تَمْلُك سُلطَة القَرار وحدها في التَّحَكُّم بالإنتاج والأسعار بالتَّالي، واضطرّت إلى التَّوصُّل إلى تَفاهُماتٍ مع الدُّوَل المُنتِجَة خارِج “الأوبك” مِثل روسيا، لوَقفِ انهيار الأسعار، والحِفاظ على استقرار الأسواق، ولا نَعتقِد أنّ روسيا أكبرُ دَولةٍ مُنتِجَةٍ للنِّفط خارِج منظمة “أوبك” ستَسمح بالرُّضوخ لإملاءات الرئيس الأمريكيّ في ظِل التَّوتُّر بين موسكو وواشنطن، وفَرضِ الأخيرة عُقوباتً اقتصاديّةً على الأُولى.
الرئيس ترامب هاتَف العاهِل السعوديّ الملك سلمان بن عبد العزيز قبل شَهرين مُطالبًا بزِيادَة إنتاج المملكة مِليونيّ برميل تقريبًا لتَخفيض الأسعار، وسَد أي نقص في السُّوق العالميّ يُمكِن أن يَنْتُج عَن غِياب الصَّادِرات النفطيّة الإيرانيّة (2.3 مِليون برميل يوميًّا) بفَضلِ الحِصار الأمريكيّ المُتوقَّع عليها الذي سيَبدأ في الرابع من تِشرين الثاني (نوفمبر) المُقبِل، وأكَّد الرئيس الأمريكيّ أنّ العاهل السعودي وافَقَ على هذا الطَّلَب.
أسعار النفط ارتَفَعت إلى 80 دُولارًا للبَرميل كرَدِّ فِعلٍ على قرار اجتماع الجزائر عدم زيادة الإنتاج، وهُناك تَوقُّعات تُفيد بأنّها قد تَصِل إلى مِئَة دولار للبِرميل في حال تحقيق أي نجاح لقَرار أمريكا بفَرضِ الحَظْر على الصادرات النفطيّة الإيرانيّة، الأمر الذي سيَنعكِس بصُورَةٍ سلبيّةٍ على الاقتصاد الأمريكيّ واستقرارِه قُبَيل الانتخابات النِّصفيّة التَّشريعيّة الأمريكيّة، وربّما لهذا السَّبب كانَ مِن بين قرارات اجتماع الجزائر لوزراء نفط “الأوبك” والدُّوَل المُنتِجة المُستَقلَّة الأُخرى، عقد اجتماع مُماثِل في أبوظبي يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، أي بعد أُسبوعٍ بالضَّبط من سَرَيان الحَظر على النِّفط الإيرانيّ.
أمريكا تُنتِج 11 مليون برميل من النِّفط يَوميًّا وتَستهلِك 19 مِليونًا في الوَقتِ الحاليّ، حسب أحدَث الإحصاءات، الأمر الذي سيَفرِض أعباءً على المِيزانيّة في حالِ ارتفاعِ أسعار النِّفط، ممّا يَحرِم الرئيس ترامب مِن أبرَزِ إنجازاتِه الاقتصاديّة التي يتباهَى بِها، ويَعتقِد أنّها سَتَكون سِلاح حِزبِه الجُمهوريّ في الانتخاباتِ النِّصفيّة.
مُنظَّمة “أوبِك” لم تَعُد صاحِبَة القرار في أهَم مَصدَرين للطَّاقة، أي النِّفط والغاز، مِثلَما كان عليه الحال طِوال العُقود الأربعةِ الماضِية، مِمّا يَعنِي أنّ الإدارات الأمريكيّة الحاليّة، والقادِمَة، لن تستطيع استخدام هَذهِ المُنظَّمة، والحُكومات المُسيطِرة عليها، لزِيادَة الأسعار أو خَفْضِها، حسب مصالح الاقتصاد الأمريكيّ وليسَ مَصالِح واقتصاديّات هَذهِ الدُّوَل المُنتِجَة وشُعوبِها.
فليُغَرِّد الرئيس ترامب مِثلَما يَشاء، وليُهَدِّد مِثلَما يشاء أيضًا، فالقرار المُتعلِّق بإنتاج النِّفط وتسعيره لم يَعُد في يده كُلِّيًّا، واجتماع الجزائر الأخير الدَّليلُ الأبْرَز في هذا الصَّدد، والفَضل يعود لأسبابٍ عَديدةٍ أبرزها تَراجُع دور حُلفائِه في الخليج، وبُروز القُوّة النِّفطيّة والغازيّة الروسيّة، والدبلوماسيّة الجزائريّة، “المُستَقِلَّة”، وعودتها إلى لَعِب دَورٍ فاعِلٍ في هذا المِضمار بعد غِيابٍ طَويلٍ، وهَيمَنة “أدوات” أمريكا على مُنظَّمة “أوبك” طِوال العَقدَين الماضِيين.
“رأي اليوم”