خيانة “السيسي” الواضحة.. دعوة لصحوة سعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1893
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

دايلي صباح – التقرير
“التغير المستمر في سيناريوهات الشرق الأوسط أدى إلى تغير جيوسياسي جديد في المنطقة، وظهرت عوامل أخرى في المشهد، وفي السيناريو الحالي، تعتبر السعودية في مشكلة كبيرة غالبًا بسبب سياستها قصيرة النظر من رعايتها للثورة المضادة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، هكذا يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد برويز بيلجرامي، في مقال له حول مستقبل العلاقة بين مصر والسعودية، بعد التوترات التي شابت العلاقات بين البلدين مؤخرًا.
ويقول “برويز”: “يعتبر أبرز ثورة مضادة ترعاها السعودية كانت في مصر تحت قيادة عبد الفتاح السيسي، والذي ساعدته السعودية في الوصول للسلطة، ثم انقلب عليها ودعم منافستها في المنطقة وبدأ في تحدي سياسات السعودية في المنطقة، وآخر هذه الأحداث كان معارضة مصر لاقتراح السعودية بوجود قاعدة عسكرية لها في جزء من البحر الأحمر لجيبوتي”.
ويرى الكاتب أن “دعم السعودية للسيسي في القاهرة بدأ يعود عليها سلبًا الآن؛ حيث أن السيسي لم يدعم السفاح بشار الأسد فقط، ولكنه الآن يتحالف مع إيران عدو السعودية، إذ أن تصويت مصر في 8 أكتوبر لدعم الحل الروسي في مجلس الأمن بشأن حلب، كشف عن توتر العلاقات بين البلدين”.
وأردف الكاتب، قائلًا: “يمكن القول إن مصر وإيران لم يكن بينهما علاقات دبلوماسية على مدى ثلاثة عقود ماضية، وكانت السعودية قد أعربت من قبل عن عدم ارتياحها وكذلك حلفاؤها من زيارة الرئيس السابق محمد مرسي لطهران في قمة عدم الانحياز في 2013، وتحت أعين السعودية، بدأت أمريكا في إصلاح علاقتها مع طهران، حيث تحول عدم تفهمهما الخفي بشأن غزو العراق وأفغانستان إلى استيعاب واضح، فالولايات المتحدة تحت قيادة أوباما ونظام آية الله في طهران أصبحا على وفاق بشأن الخطط الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، والآن تأمل السعودية أن يتغير الوضع تحت حكم ترامب بدلاً من اتخاذ أي موقف استباقي من جانبها”.
ويشير “برويز” إلى أن الروسيين اتخذوا الشيعة في المنطقة كشريكهم الجديد لتحقيق عمق استراتيجي، حيث يزداد فكر إيران بخصوص الإمبراطورية والهيمنة، وزاد السياسيون الإيرانيون الوضع سوءًا من خلال التباهي بالسيطرة على أربع عواصم عربية، فيما يبدو كخيانة من نظام السيسي لحليفها، حيث أن وزير الطاقة المصري طارق الملا، زار طهران لبدء اتفاق بشأن دعم بترولي بعد وقف السعودية اتفاقية توفير البترول لمصر، وفي سبتمبر، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري للمرة الأولى، نظيره الإيراني جواد ظريف، خلال زيارتهما لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة.
“ومن المثير للاهتمام، أن نفس المسؤوليين الإيرانيين من نظام الخميني ذهبوا لحد وصف فوز جماعة الإخوان المسلمين بأنه بمثابة صحوة للإسلام في مصر وكل مكان آخر، واستغلت إيران الفرصة من تغيير النظام في مصر، ووحدت من موقفها في العالم العربي، والآن غازلت نفس الديكتاتور الذي عزل زعيم الصحوة الإسلامية في مصر”، في إِشارة إلى السيسي.
ويوضح الكاتب أن “السيسي لم يرفض فقط جهود السعودية للتخلص من نظام بشار الأسد، بينما يحاول التواصل مع الرئيس اليمني السابق وحلفائه من الحوثيين، والذي استحوذ على صنعاء من خلال تدخل عسكري، أدى لتدخل عسكري مدعوم من السعودية في اليمن، فيما فتح السيسي قنوات دبلوماسية مع حزب الله والمسؤولين عن العديد من المذابح في سوريا”.
ويزعم “برويز” أن “العقول السعودية تعتبر غافلة عن توقع رغبة أمريكا وأوروبا وإسرائيل للديكتاتور الذي لا يرحم في مصر، والذي أدى لخروج مصر من دورها الإقليمي، خاصةً الصراع الفلسطيني والأزمة السورية؛ حيث اتبع السيسي أوامر واشنطن وتل أبيب”.
ويقول “برويز” إن “رؤية السعودية قصيرة النظر للعالم لم تؤدِ فقط لتراجع مصر، ولكنها ساعدت على تسارع الفوضي والمذابح في سوريا، فبعد الانقلاب غيّر السيسي من سياسة مرسي الموالية للثورة في سوريا، وحوّلها لدعم كامل لديكتاتور صديق، ولكن إذا كانت السعودية مسؤولة مباشرة عن مذابح رابعة والنهضة، فإنهم مسؤولون بشكل غير مباشر عن مذابح سوريا”.
ويضيف: “مع إبقاء هذه العوامل في عقولنا، يجب على السعودية إصلاح طريقة تعاملها سريعًا للبقاء في دائرة الجيوسياسة في المنطقة، فاستخدام أمريكا كحماية ربما تستمر في توفير الحماية للأسرة الحاكمة، ولكن النهج الحالي سيؤدي لتضاؤل دور السعودية ونفوذها في المنطقة”.
وبحسب “برويز”، فإنه “لم يعد لدى السعودية أي خيارات واسعة سوى التحرك سريعًا لإعادة تقويم سياستها المنطقية، والتخلي عن النظرة غير الضرورية للثورة المضادة في سياستها الخارجية، مؤكدًا أن تصحيح المسار السعودي سيؤدي لتغيير دول مجلس التعاون الخليجي وجهة سياستهم الخارجية، والتى تعتبر كارثة منذ الصحوة العربية في 2011؛ إذ يتوجب على القيادة السعودية الحالية فهم حدود القوة الناعمة، ويجب أن تستخدم كل أوراقها بذكاء، ومنهم القوة العسكرية.
ويرى المحلل السياسي أن “الدعم الدبلوماسي الضخم من السعودية وتمويلها الضخم لنظام مصري قاتل، لم يشوه فقط الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ولكنه أيضًا أثر بشكل سلبي على سوريا وليبيا، وأصبحت مصر دولة متهدمة بعد انقلاب السيسي، ولو لم يكن الانقلاب العسكري في يوليو 2013 ناجح، كان يمكن أن يتغير الوضع في سوريا وليبيا عما أصبح عليه اليوم”.
ويشدد “برويز” على “ضرورة النظر إلى الأمر في السابق، عندما كانت القيادة السعودية ترفض تلبية النداءات التركية المستمرة حتى لا تنظم انقلابًا في مصر، والذي سيدمر الديموقراطية الوحيدة في الدولة العربية التي لديها عدد كبير من السكان، ويمكن القول إن على الإدارة الحالية في المملكة العربية السعودية تصحيح سياساتها تجاه مصر التي تحتضر للبقاء على وفاق مع الجيوسياسية في المنطقة؛ لتحقيق المزيد في تغيير السياسة”.
ويختتم “برويز” مقاله، قائلًا: “من الصعب على السعودية محو آثار دعمها للنظام المصري منذ 2013، عندما ساعدت في وصول السيسي للحكم، ولكن يمكنها وقف مساعدتها لهذا النظام الفاسد، ويمكنها أيضًا دعم الجنرالات المضادين للسيسي لاستبدال هذا الرئيس بآخر، ولكن هذا لن يجلب الاستقرار لمصر، ولن يؤدي لاستعادة العلاقات البرجماتية بين البلدين، فالشيء الوحيد الذي يمكنه أن يساعدهم للتخلص من الديكتاتور المصري؛ هو إعطاء المصريين الديموقراطية التي قاتلوا من أجلها وفقدوا أرواحهم، وبمجرد حل المشكلة المصرية، فإن معظم مشاكل المنطقة سوف تحل بعدها بفترة قصيرة”.