مقرِّرون أمميون يدينون “الحكومة السعودية” في انتهاكها حقوق الإنسان

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 163
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أرسل مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة رسالة إلى “الحكومة السعودية” يطالبونها بجملة من الإصلاحات، سيّما بما يتعلق بالتضييق المتزايد على حرية التعبير، متخذين من قضية أسعد الغامدي نموذجا لحالات التضييق متعدد الأوجه.تنطلق الانتهاكات التي طالت الغامدي في الأصل من خلفية اعتقاله، بسبب تغريدات له على وسائل التواصل الاجتماعي، وثم احتجازه منغير تقديم مبررات لعائلته، ونفيه مع قطع الاتصال بينه وبين ذويه، حرمانه من حق الدفاع عن النفس، وغيرها من الانتهاكات التي تتكرر في الكثير من القضايا وأغلبها، لكن قلة منها تحظى باهتمام دولي وتغطية من منظمات حقوقية. الرسالة تقدّم تفاصيل قضية اعتقال أسعد بن ناصر الغامدي والحكم عليه بالسجن 20 عاما، مؤكدين انتهاك “السعودية” للقوانين الدولية ولالتزاماتها. وتشير إلى أنه: تم احتجاز أسعد الغامدي في البداية في سجن ذهبان بجدة لمدة ثلاثة أشهر في الحبس الانفرادي. واحتُجز لمدة شهرين من هذه الأشهر بمعزل عن العالم الخارجي. ومنذ اعتقاله، لم يكن للغامدي أي اتصال بينه وبين أسرته حتى 11 يناير 2023. وفي وقت لاحق، أثناء جلسات المحاكمة، كان يُنقل في كثير من الأحيان ويُحتجز في سجن الحائر بالرياض لفترات طويلة، وكانت أطول هذه الفترات 21 يوماً، لم يتمكن خلالها من الاتصال بأسرته. الرسالة لفتت إلى عدم تبيلغ الأهل بالتهم الموجهة للغامدي، وقد تم الاستماع إلى محاكمة السيد أسعد الغامدي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي يبدو أنها تستخدم بشكل متزايد لاستهداف ومحاكمة أولئك الذين يعبرون عن آراء معارضة أو أقلية أو انتقادية في المملكة العربية السعودية.ولم يحصل الغامدي على المساعدة القانونية إلا بعد مرور أكثر من 9 أشهر على اعتقاله واحتجازه، وفق الرسالة التي وقّع عليها كلٌّ من المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.وتشير التقارير إلى أن حق السيد الغامدي في أن يمثله محام قد تم تقليصه باستمرار أثناء احتجازه واستجوابه وأثناء التحضير لمحاكمته. وبالإضافة إلى ذلك، رفضت المحكمة طلباته لاختيار محامٍ وتكليفه بالنيابة عنه. عندما سُمح للسيد الغامدي بأن يمثله محام، لم يتم تزويده بمحامٍ معين من قبل الدولة إلا في الفترة التي سبقت الجلسة الأولى في سبتمبر 2023. وقد ورد أن المحامي لم يسافر أبدًا إلى جدة للقاء الغامدي، وكانت لقاءاتهم الوحيدة في المحكمة. وعلاوة على ذلك، رفض المحامي المعين من قبل الدولة مقابلة أسرة أسعد الغامدي في مكتبه إلا لفترة وجيزة وبعد تأخيرات طويلة. وبحسب ما ورد، رفض أيضاً تقديم نسخة من الحكم إلى الأسرة بمجرد صدورها.وحتى الآن، لا يزال أسعد الغامدي يمثله نفس المحامي المعين من قبل الدولة، حيث رفضت المحكمة جهود الأسرة لتعيين محامٍ من اختيارهم. وفي 29 مايو/أيار 2024، أدانت المحكمة الجنائية الخاصة الغامدي بالتهم الموجهة إليه وحكمت عليه بالسجن لمدة 20 عامًا. وحتى الآن، لم تتمكن عائلته من الحصول على نسخة من حكم الإدانة، على الرغم من طلباتها المتكررة، بما في ذلك طلبها من محامي الدفاع. إلى ذلك، تم تشخيص إصابة الغامدي بالصرع، الأمر الذي يتطلب علاجًا طبيًا، إلا أنه أثناء الاحتجاز لا يحصل على الرعاية الصحية الكافية لعلاج حالته، أو منع نوبات الإغماء، أو علاج الإصابات الناجمة عن نقص الرعاية.وتفيد التقارير أن المعاملة التي تعرض لها الغامدي، بما في ذلك الحبس الانفرادي لمدة شهرين، وعمليات النقل المتكررة بين سجن ذهبان في جدة وسجن الحائر في الرياض دون إشعار أو معلومات كافية وعدم قدرته على الاتصال بأسرته، قد تسببت في تدهور ملحوظ في صحته وسلامته العقلية. على الرغم من شكاوى الغامدي، لم تكن هناك أي تغييرات ذات معنى على الرعاية الطبية التي تم توفيرها له.علاوة عليه، ذكر الخبراء إلى أن المعلومات أكدت تعرضه لسوء المعاملة ضد طوال فترة احتجازه والتي يبدو أنها تنتهك الحظر المطلق ضد التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتزامات السعودية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت إليها في 23 سبتمبر 1997. وأعرب المقررون الخاصون عن قلقهم الشديد بشأن الوضع الصحي للغامدي نتيجة للمعاملة التي تلقاها أثناء الاحتجاز، والتي يبدو أنها تنتهك التزامات السعودية بضمان صحة ورفاهية جميع الأفراد المحتجزين لديها.في 8 سبتمبر 2024، عقدت محكمة الاستئناف جلسة الاستماع الأولى في قضية الغامدي، وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول، عقدت محكمة الاستئناف جلسة ثانية أعلنت فيها، حسبما ورد، قرارها بتعديل الحكم الصادر بحق الغامدي إلى السجن لمدة 15 عاماً. وتذكر الرسالة الانتهاك الذي حصل في هذه المحطة، حيث لم يكن هناك قرارا مكتوبا أو أي وثائق أخرى حول هذا الأمر، ولم يتم إبلاغ الأسرة بهذا القرار إلا شفوياً. الأمميون أعربوا عن قلقهم إزاء الاعتقال والاحتجاز والملاحقة القضائية وإدانة الغامدي بالسجن لمدة 20 عامًا، “والتي يبدو أنها تعكس بشكل وثيق التهم والحكم الصادر بحق شقيقه، السيد محمد الغامدي”، كما أعربوا عن قلقهم “إزاء حقيقة أن أساس محاكمة السيد الغامدي والحكم عليه كان بسبب بعض تصريحاته في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قال وأبدى آراءً ووجهات نظر خاصة به، بعضها كان انتقادياً لدى السلطات، مشيراً إلى أن هذه التصريحات، بحسب المعلومات الواردة، لم تشكل دعوة إلى أي كراهية قومية أو عنصرية أو دينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف. ولهذه الأسباب، نلاحظ أن الحكم الصادر بحق السيد الغامدي يبدو انتهاكاً واضحاً لحقه في حرية التعبير. كما طلب الأمميون من “الحكومة السعودية” إيضاح الأسباب الوقائعية والقانونية لوضع أسعد الغامدي في الحبس الانفرادي المطول، خارج نطاق المعايير القانونية المعترف بها دولياً (15 يوماً كحد أقصى) واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي خلال الشهرين الأولين بعد اعتقاله.كما طالبتها بالإشارة إلى الضمانات التي كانت موجودة أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي وحبسه الانفرادي لضمان عدم تعرض الغامدي للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. الرسالة نوّهت إلى مخالفة “الحكومة السعودية” المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على الحق في حرية التعبير. وتنص المادة 19 على أن “هذا الحق يشمل حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود”. ينطبق هذا الحق على الإنترنت وخارجه، ولا يشمل فقط تبادل المعلومات المفيدة، ولكن أيضًا تلك التي قد تنتقد أو تصدم أو تسيء.يُشار إلى أن العديد من قضايا المعتقلين حظيت باهتمام دولي لأسباب مختلفة، إلا أن أي خضوع “للحكومة السعودية” لهذه الضغوط لا يعني أبدا أي تبديل في سياستها القائمة على القمع، بل كل ما يعكسه هو تبدّل محدود في السلوك يهدف حصراً إلى إبعاد الانتقادات عنها مع الاحتفاظ بالألوف من الحالات المشابهة بل الأشد صعوبة منها خلف السجون. مسألة الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي، سبق أن أثارتها العديد من المنظمات الدولية، منها العفو الدولية، التي أكدت مرارا على ضرورة الإفراج عن الاشخاص الذين احتجزوا لمجرد ممارستهم حرية التعبير على الأنترنت.حملات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي تنشط في ظل استضافة “السعودية” مؤتمرات وندوات معنية بالأمور الرقمية، على سبيل المثال عندما استضافت البلاد منتدى الأمم المتحدة السنوي لحوكمة الأنترنت، حيث ناقشت “تعزيز حقوق الانسان في العصر الرقمي”، وهو ما أثار حفيظة العديد من متابعين ظروف حقوق الإنسان في “السعودية”.المؤتمر، تبيّن لاحقا أنه كان يضم فعاليات تطالب من داخله بتعزيز هذه الحقوق الرقمية في “السعودية”، إلا أن مقررو الأمم المتحدة بأنفسهم قمعوا هذه المحاولات، وهو ما يظهر ازدواجية معايير وتصرفات هذه المنظمة الدولية.