ارتفاع التضخم في “السعودية” مدفوعاً بتبعات أزمة السكن

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 531
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مدفوعاً بارتفاع إيجارات المساكن، سجلت معدلات التضخم السنوي في “السعودية” أعلى مستوى لها منذ 15 شهراً حيث بلغ 2% خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مقارنة مع 1.9% في أكتوبر تشرين الأول. حيث ارتفعت أسعار إيجارات السكن بنسبة 10.8% في نوفمبر/تشرين الثاني،  للشهر الـ 33 على التوالي، مع ارتفاع أسعار إيجار الشقق بنسبة 12.5%، مما أثر على ارتفاع مجمل أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1%، وهي الزيادات التي كان لها الدور الأبرز في زيادة تسارع التضخم بشكل عام. وتفصيلاً، أظهرت بيانات تقرير الهيئة العامة للإحصاء، ارتفعاعا في أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 0.3% في نوفمبر/تشرين الثاني، في حين ارتفعت أسعار السلع والخدمات الشخصية بنسبة 2.7%. وارتفعت الأسعار في مجموعة المطاعم والفنادق بنسبة 1.5%، مدفوعة بارتفاع أسعار خدمات الفنادق والشقق المفروشة بنسبة 5.9%. وبالاستناد إلى ما ورد، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.3% في نوفمبر، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل التضخم في السعودية مستقرا عند نحو 2% على المدى المتوسط. ارتفاع التضخم المنوط بارتفاع ايجارات السكن يأتي في ظل أزمة سكن متفاقمة يعانيها سلفاً السكان المحليين الذين يشتكون من عدم القدرة على تحمّل لا أعباء التملّك ولا أعباء الإيجارات، التي سبق أن قامت “الحكومة السعودية” تسليم دفّتها إلى الشركات الخاصة التي لم تتوانى عن استغلال الأراضي لصالح إنشاء العقارات الفردية الكبيرة، بعيدا عن تلبية حاجة السوق سيما الطبقة المتوسطة والفقيرة من أهل البلاد. وتوضّح عزم “السلطة” تسليم ملف الإسكان إلى القطاع الخاص، عندما تراجع حجم التمويل العقاري السكني المقدم للأفراد من المصارف بنسبة فاقت الـ50% ووصلت إلى 55% العام المنصرم. وتتفاقم الأزمة في ظل سياسة التهجير المتعمّدة حيث طردت السلطات السعودية مئات الآلاف من السكان من منازلهم، وتسبب برنامج هدم احياء في جدة بأزمة نزوح كبيرة، زادت من أزمة السكن خصوصاً مع ارتفاع أسعار الإيجارات. إلى جانب ما عانته نسبة كبيرة من أبناء الشعب من صعوبة في إيجاد مسكن يتلاءم وقدرته المادية في ظل غياب القدرة على التملك كما هيمنة المشاريع التي أنجزت عمرانيا لكن لم تصلها الخدمات الأساسية من الدولة من ماء وكهرباء وطرقات جيدة ما جعلها غير قابلة للسكن. دون إغفال غياب التخطيط العمراني واستيلاء الأمراء على الأراضي ذات الموقع المميز. من ناحية أخرى، تتبلور صورة الأزمة في وصول قروض العقارات من المصارف في البلاد إلى 225.73 مليار دولار في الربع الثالث من العام الجاري، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 13.29 ٪ مقارنة بالعام الماضي. وبحسب البيانات، تشكل قروض العقارات ما يقارب 30% من مجموع القروض المأخوذة من المصارف في البلاد. ورغم هذا الإعلان إلا أن ارتفاع فوائد التمويل العقاري وزيادة أسعار العقارات يعيق تملك المسكن التي تعد واحدة من أكبر المشكلات لدى المواطن. فيما عزا صندوق النقد الدولي في تقرير مشاورات المادة الرابعة الصادر في سبتمبر الماضي، ارتفاع الإيجارات إلى تدفقات العمالة الوافدة وخطط إعادة التطوير، حيث رأى أن ارتفاع أسعار الإيجارات يأتي مع تزايد الطلب على المساكن بالتزامن مع تأسيس الشركات العالمية لمقار إقليمية في “السعودية”، ما يوجد طلبا على السكن من قبل موظفيها، مقابل تباطؤ المعروض مع انخفاض حركة البناء مع تراجع التمويل العقاري السكني الجديد. وتعود الأزمة الإسكانية إلى عقود مضت، مع استيلاء السلطة على الموارد الأساسية في البلاد، وحظر النفع عن المواطنين من نفط وأراض ومشاريع، بل إنها تعمّدت لأعوام سلب الأراضي حتى من أصحابها، وفرضت رسوم خيالية على الوحدات الإسكانية ما منع الكثير من المشاريع من الاستمرار والإستكمال، وبالتالي مفاقمة معاناة الناس، وتضررت أسراً بأكملها، على الرغم من الادعاءات الحكومية التي تتغنى بالمشاريع على الورق وتقول إن هنالك مخططات تعمل على إنجازها، لكن هذه الإنجازات لا تعدو كونها تصريحات إعلامية، يخفى خلفها الكثير من الصفقات والأساليب الملتوية التي يستفيد منها المستثمرين ووراءهم السلطات فقط.. ما سلف كان قائما على أساس صحة ما تنشره الهيئة العامة للإحصاء، من إيعاز ارتفاع التضخم إلى السكن بالدرجة الأولى، إلا أن واقع الحال هو أن  الأسباب التي تعزّز هذا التضخّم تبدأ من فشل مشاريع رؤية 2030 وعجزها عن تنويع مجالات الاقتصاد المحلي، والاضطراب الأمني الذي يبعد الاستثمارات، أضف إلى ذلك الفساد الداخلي وسوء توزيع الثروة بشكلٍ عادلٍ على المواطنين وغياب التخطيط الريادي لتحسين الوضع الاقتصادي في المستقبل.