دول الخليج على خطى القوى العالمية في الهرولة نحو آسيا الوسطى.. كيف ولماذا؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 425
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يرصد تحليل نشرته مؤسسة "جيمس تاون فونديشن" الأمريكية للأبحاث ملامح تزايد الاهتمام الخليجي بمنطقة آسيا الوسطى، وهو الاهتمام الذي يتزامن مع اهتمام عالمي غير مسبوق بهذه المنطقة التي باتت تشكل معادلة صعبة للطاقة والموارد، لا سيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الواسعة على مجال الطاقة وسلاسل التوريد.

ويقول التحليل، الذي كتبه نوربيك بيكمورزاييف، وترجمه "الخليج الجديد"، إن مدينة جدة السعودية استضافت حدثا جيوسياسيا تاريخيا يومي 18 و 19 يوليو/تموز الماضي، وهو أول قمة على الإطلاق بين قادة آسيا الوسطى والعالم العربي، حيث التقى رؤساء دول آسيا الوسطى الخمس - كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان – بزعماء السعودية والإمارات وقطر وعمان والبحرين والكويت.

تطوير التعاون الاقتصادي

كانت الأهداف العامة للقمة الأولى لآسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي هي توسيع الحوار السياسي وتطوير التعاون بين الأقاليم، مع احتلال التجارة والاقتصاد مركز الصدارة خلال المحادثات.

وبوجه خاص، تمت مناقشة فرص الاستثمار المشترك، حيث قدم كل من رئيس أوزبكستان شوكت ميرزيوييف، ورئيس تركمانستان سيردار بيردي محمدوف، ورئيس طاجيكستان إمام علي رحمون، مبادرات لإنشاء وتشغيل مجلس استثمار بين المنطقتين.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش رئيس قيرغيزستان صدير جاباروف، ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف الخيارات المتاحة لزيادة التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك العمل عن كثب مع شركات الطاقة الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي.

واختتمت القمة ببيان مشترك أعرب فيه المشاركون عن نيتهم المشتركة للعمل على تعزيز العلاقات السياسية والاستراتيجية وتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي ومواجهة التحديات المتعلقة بأمن الغذاء والطاقة والمياه.

كما اتفق زعماء آسيا الوسطى والعرب على تنسيق أعمالهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين.

ومن المقرر أن تعقد منتديات الاستثمار السنوية في نهاية عام 2023 في السعودية وفي قيرغيزستان أو تركمانستان لعام 2024. وستنظم القمة القادمة لرؤساء الدول في سمرقند بأوزبكستان، في عام 2025.

ويرى الكاتب أن الدول الخليجية تسير على خطى القوى العالمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا والهند والاتحاد الأوروبي الذين أعربوا جميعًا عن خطط لتوسيع مشاركتهم في منطقة آسيا الوسطى.

ويضيف أنه وسط تزايد عدم الاستقرار وعدم اليقين، نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية إلى حد كبير، أصبحت الموارد الطبيعية وموارد الطاقة الهائلة في آسيا الوسطى وموقعها الاستراتيجي في مركز طرق التجارة والعبور الحاسمة بين آسيا وأوروبا أكثر جاذبية من أي وقت مضى من الناحية الجيوسياسية.

"مأسسة" التعاون الخليجي مع آسيا الوسطى

وتعمل دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي على إضفاء الطابع المؤسسي على تعاونها خلال العامين الماضيين.

ففي عام 2021، عقد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، آنذاك، نايف الحجرف اجتماعا مع وزراء خارجية آسيا الوسطى في أستانا للتعبير عن رغبة المنظمة في إقامة حوار استراتيجي مع دول المنطقة.

وفي عام 2022 التقى وزيرا خارجية الكتلتين في الرياض لمناقشة تفاصيل تنظيم هذه المنصة.

كما تضمنت أجندة الاجتماع مناقشات حول الجهود المشتركة لاستعادة سلاسل التوريد المعطلة، وتعزيز الأمن والاستقرار، وكذلك إنشاء آليات للتجارة والاستثمار المتبادلين.

في موازاة ذلك، يكتسب التعاون الثنائي بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى زخمًا.

وفي يونيو/حزيران 2023، وصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في أول زيارة له إلى المنطقة، تاركًا وراءه مسارًا استثماريًا جديرًا بالملاحظة.

على سبيل المثال، وقع الشيخ تميم في أوزبكستان مشاريع استثمارية بقيمة 12 مليار دولار في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة والسياحة وغيرها من المجالات.

وفي عام 2022، استثمرت الإمارات 420 مليون دولار في مشاريع مختلفة في كازاخستان.

وخلال زيارته إلى السعودية في عام 2022 ، وقع ميرزيوييف عقودًا استثمارية بقيمة 12.5 مليار دولار، تضمن جزء كبير منها مشاريع الطاقة الخضراء وتحديث البنية التحتية للطاقة.

ومع اقتراب كل هذه المشاريع من تنفيذها وخطط دول مجلس التعاون الخليجي لتوسيع تعاونها مع آسيا الوسطى، كانت المشاركة المؤسسية في شكل قمم منتظمة رفيعة المستوى مسألة وقت فقط.

مغازلة دولية

ويقول الكاتب إن الدول الخليجية تحاول التموضع داخل حراك الفاعلين الدوليين الذين يحاولون مغازلة منطقة آسيا الوسطى الآن، ففي عام 2022 وحده شارك رؤساء الدول الخمسة في آسيا الوسطى في ثلاثة اجتماعات مختلفة للحوار الاستراتيجي مع قيادة الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أضف إلى ذلك المشاورات مع الهند وروسيا ومنظمة الدول التركية.

والاتجاه أصبح واضحا: الاهتمام العالمي بآسيا الوسطى ينمو بسرعة، بحسب التحليل.

ويؤكد الكاتب أن المستقبل غير المؤكد لمبادرة حبوب البحر الأسود ونقص موارد الطاقة بسبب العقوبات المفروضة على روسيا قد حول أيضًا الجهات الفاعلة الدولية نحو آسيا الوسطى بفضل طاقتها الهائلة ومواردها الطبيعية.

وتجذب إمكانات المنطقة في مجال إنتاج الطاقة المائية والشمسية وطاقة الرياح استثمارات متزايدة من الصين والإمارات والسعودية.

علاوة على ذلك، تلعب التركيبة السكانية الإقليمية دورًا رئيسيًا في جذب الاستثمارات المتزايدة إلى المنطقة، فآسيا الوسطى هي واحدة من أسرع المناطق نمواً من حيث عدد السكان (Asiaplus.tj ، 29 يوليو 2021). وهذا يترجم إلى قوة عاملة ميسورة التكلفة وقادرة ، فضلاً عن إمكانات السوق المتنامية.

العقبة الوحيدة

ولعل أكبر عقبة تواجه دول آسيا الوسطى في تسخير الفرص التي يوفرها هذا الاهتمام الدولي المتزايد هي محدودية قدرتها وخبرتها في التحدث بصوت واحد موحد حول المصالح الإقليمية المشتركة.

لكن تم إحراز بعض التقدم هنا من خلال عقد اجتماعات استشارية سنوية منتظمة بين الرؤساء الخمسة.

ويختم الكاتب تحليله بالقول: إذا استطاع القادة الإقليميون بالفعل أن يجتمعوا، فإن غنائم اتحادهم ستفيد بشكل كبير كل من بلدانهم ، وكذلك شركائهم الدوليين.

 

المصدر | نوربيك بيكمورزاييف / جيمس تاون فونديشن - ترجمة وتجحرير الخليج الجديد