بكين تتحرك.. ابتعاد واشنطن عن الشرق الأوسط يقوض عقوباتها
يقوض ابتعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط فعالية عقوباتها وجهودها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المنطقة؛ مما يترك فراغا يتحرك فيه خصوم واشنطن، ولاسيما الصين.
ذلك ما خلصت إليه ليزلي شافكين، في تحليل لـ"المجلس الأطلسي" (Atlantic Council) البحثي الأمريكي ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفة أنه "لما يقرب من عقدين من الزمن، كان التعاون في مجال العقوبات ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بمثابة حجر الزاوية في العلاقات الأمريكية مع الشرق الأوسط، ولا سيما في (دول) الخليج".
وتابعت: "خلال ذلك الوقت، استثمرت الإدارات الأمريكية المتعاقب في تعزيز القدرة المؤسسية لتحديد وتعطيل تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط، وقدمت المساعدة الفنية للمنظمين الماليين المحليين وشركاء إنفاذ القانون وشجعتهم على الامتثال للمعايير الدولية وأفضل الممارسات بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
واستدركت: "على الرغم من تأكيدات فريق (إدارة الرئيس الأمريكي جو) بايدن بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالشرق الأوسط، إلا أن نفوذ واشنطن آخذ في التضاؤل، حيث تغيرت ساحة اللعب الدولية مع الحرب الروسية في أوكرانيا والتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين".
الباب الخلفي
و"من المفارقات، أن إدارة بايدن بينما تعيد توازن أولوياتها الاستراتيجية للتركيز على دعم الحلفاء في آسيا والمحيط الهادئ، على أمل مواجهة الصين، تركت الباب الخلفي بلا حراسة في الشرق الأوسط"، بحسب ليزلي.
وأضافت أن "الصين تدخلت لملء الفراغ، بالبناء على قواعد اللعب الدولية التي تركز على التجارة والاستثمار، ولكن مع عدم وجود الالتزام نفسه بالأعراف والمعايير الدولية المحيطة بالتمويل غير المشروع الذي تطلبه واشنطن من حلفائها، وهذا تطور يزيد من إضعاف العلاقات الأمريكية في الشرق الأوسط ويعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر".
وتابعت: "أدى التواصل الدبلوماسي الصيني الأخير مع المنطقة إلى تقليص النفوذ الجيوسياسي للولايات المتحدة، فمثلا في مارس/ آذار الماضي توسطت الصين في اتفاق وافق فيه الخصمان القديمان، السعودية وإيران، على استئناف علاقتهما (...)، دور بكين رفع مكانتها الدبلوماسية وهمش واشنطن".
وأردفت أنه "مع عدم وجود مؤشرات على إحراز تقدم في المحادثات لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ستواصل الولايات المتحدة الاعتماد على العقوبات في محاولة لفرض التغيير في طهران".
وتوقفت منذ فترة محادثات لإعادة إحياء هذا الاتفاق الموقع في 2015 بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، حيث انسحبت منه واشنطن في 2018 واعتبرت أنه غير فعال وأعادت فرض عقوبات على طهران.
طائرات بدون طيار
ليزلي حذرت من أن "صعود الصين الدبلوماسي ودورها في هذه المحادثات قد يضعف فعالية العقوبات الأمريكية على إيران، حيث يصبح عزلها عن الاقتصاد العالمي أكثر صعوبة".
واستطردت: "وهذا ما يحدث بالفعل، فمثلا فرضت وزارة الخزانة (الأمريكية) مؤخرا عقوبات على شبكة مقرها الصين لبيع وشحن مكونات إلى إيران يمكن استخدامها في الطائرات بدون طيار".
وزادت بأن "إحدى الشركات الإيرانية التي تتلقى تلك الأجزاء تنتج نوعا من الطائرات بدون طيار تم تصديرها إلى روسيا لاستخدامها في غزو أوكرانيا. وسيكون من الصعب بشكل متزايد استهداف شبكات المشتريات مثل هذه بشكل فعال، حيث توسع الصين انتشارها في الشرق الأوسط".
ودعت ليزلي إدارة بايدن إلى "الاستمرار في العمل مع شركاء الشرق الأوسط الذين كانوا الشخصيات الرئيسية في تحالفات واشنطن في ما بعد (هجمات) 11 سبتمبر/ أيلول (2001 على الولايات المتحدة)".
وحذرت من أنه "بخلاف ذلك، قد تنظر الإدارات الأمريكية المستقبلية إلى عقود من الآن، وتتساءل كيف ولماذا بنى الشركاء في الشرق الأوسط جسورا أقوى مع بكين بعيدا عن واشنطن".
المصدر | ليزلي شافكين/ المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد