ألكسندر نازاروف: لماذا تحتاج السعودية إلى “بريكس+” ومنظمة شنغهاي للتعاون؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 617
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ألكسندر نازاروف

بداية، يشير اختصار BRIC إلى الدول الأربع سريعة النمو (البرازيل، روسيا، الهند، الصين) التي قامت بتأسيس المنظمة.

ثم انضمت إليهم جنوب إفريقيا عام 2011 ليتحول اختصار اسم المنظمة إلى BRICS. ومنذ عام 2017، وبمبادرة صينية، بدأ ممثلو الدول الشريكة لأعضاء “بريكس” يشاركون في قمم المنظمة، ثم في عام 2022، فتحت المنظمة أبوابها للآخرين، حيث تقدمت كل من إيران والجزائر بطلب للعضوية، ثم أعلنت كل من السعودية ومصر وسوريا وعدد من الدول الأخرى عن رغبتها إلى الانضمام إلى “بريكس+”.

للوهلة الأولى، من الصعب تحديد ما يوحد المشاركين في المنظمة، وما هي أهدافها. ففي السنوات الأولى من وجودها، كان القادة منخرطين بشكل أساسي في الاستفادة قدر الإمكان من الضجة والترويج الذاتي الدولي، وكانت قرارات القمم غامضة للغاية، ولم تدخل حيز التنفيذ.

ومع ذلك، تم زرع بذرة المنظمة بالفعل في ذاك الحين، والتي نمت الآن لتصبح حركة جادة ذات أهداف غير معلنة، إلا أنها مرئية تماما.

وبعكس المفهوم الراسخ والخاطئ، فإن مجموعة “بريكس+” ليست منظمة اقتصادية، إنما منظمة سياسية بحتة، على الرغم من احتفاظها بمظهر الأولى. في واقع الأمر، “بريكس+” هي رابطة للدول غير الراضية عن حقيقة أن تأثيرها السياسي على النظام العالمي أحادي القطب أقل بكثير من إمكاناتها الاقتصادية أو/و العسكرية. وهدف هذه الدول الأوحد هو استبدال النظام العالمي الراهن بنظام جديد، يكون لهم فيه وزن أكبر بكثير.

لا يوجد ما يجمع هذه الدول أكثر من تلك الحقيقة. لكن الغرب لا يزال شريكهم الرئيسي في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا، ولا يزال معظم حجم التبادل التجاري لهذه الدول مع دول الغرب الجماعي، ولهذا السبب، لم تتجاوز المشروعات الاقتصادية والتكاملية لدول “بريكس+” حد الخطط والبيانات.

ولهذا السبب أيضا، من الممكن نسيان فكرة عملة البريكس الموحدة.

ذلك أنه لإنشاء عملة موحدة، من الضروري إنشاء مركز لإصدار النقود المشتركة، ولهذا من الضروري التخلي عن جزء كبير من السيادة في المجال الاقتصادي. لكن أعضاء المنظمة لا يسعون إلى تقليص درجة سيادة سياساتهم، بل على العكس من ذلك، يسعون لزيادتها. أي أن عملة “بريكس+” الموحدة مستحيلة من حيث المبدأ، لأنها تتعارض مع الهدف الرئيسي غير المعلن لهذه المنظمة.

ومع ذلك، فإن الخروج المؤقت عن هذا المبدأ ممكن فيما يتعلق باليوان الصيني، والذي يعتبره معظم المشاركين بمثابة المعول الذي يمكن استخدامه ضد هيمنة الدولار. وكل ذلك تزداد إمكانيته بالنظر إلى الحصة المتزايدة للصين في التجارة الخارجية لكل عضو من أعضاء المنظمة، والصين تحتل الصدارة في المعتاد.

ومع ذلك، فأنا على يقين أن الدول الكبيرة، مثل الهند وروسيا والبرازيل لن تتخلى عن طموحاتها الخاصة، وستحاول جعل عملاتها، على أقل تقدير، إقليمية. بدلا من ذلك، سيحصل اليوان أولا على وضع إحدى العملات العالمية، وبعد ذلك، سيحصل بهذه الصفة على بعض المزايا في إطار “بريكس+”، أو سيدخل في سلة العملات للكتلة، والتي تتكون من عدة عملات.

في الوقت نفسه، لم يتم تحديد المصير المستقبلي لـ “بريكس+” ولا يزال أمامها بعد خوض بعض الأزمات الداخلية.

بادئ ذي بدء، تحتاج المنظمة إلى أن تقرر ما إذا كانت ستصبح “مجتمع أصدقاء الصين”، أو أنها ستصبح أساسا لإنشاء أمم متحدة مستقبلية، حيث سيكون جوهر الأعضاء القياديين في المجموعة هو مجلس الأمن الجديد في “بريكس+”.

بالطبع، تهتم الصين أكثر من غيرها بتوسيع وتعزيز دور “بريكس+”، والذي لا يمكن إنكار دورها فيها. وليس من قبيل الصدفة أن تكون الصين هي البادئ في مبادرات زيادة عدد أعضاء المنظمة في كلتا الحالتين، حيث أن دورها في مجموعة “بريكس+”، على ما يبدو، سوف ينمو، لا سيما فيما يتعلق بالمكون الاقتصادي.

ومع ذلك، أعتقد أن وجود روسيا والهند وغيرهما من الدول الكبيرة والطموحة في صفوف “بريكس+” سيمنع أي احتكار داخل المنظمة.

بطريقة أو بأخرى، وبينما تتطور حرب الغرب ضد روسيا إلى حرب ضد الصين، أي في الواقع، إلى حرب عالمية، سيكون هناك حتما إعادة تصنيف مع دول ثالثة بحسب انتمائهم إلى معسكرات مختلفة، وقليلون هم من سيستطيعون البقاء على الحياد، فيما ستصبح “بريكس+” حينها بمثابة نوع من المظلة، التي لن تترك الدول الصغيرة فرادى وجها لوجه أمام الضغط الأمريكي.

كما أنه من الواضح أن المنظمات الدولية القائمة، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة، تخضع لسيطرة واشنطن بالكامل، وفقدت طابعها الدولي الحقيقي، فيما تهدف مجموعة “بريكس+” إلى استبدالها كمنظمة دولية حقيقية.

إلا أنه، وفي نفس الوقت، لا يمكننا حتى الآن الحديث سوى عن الخطوط المبدئية للنظام السياسي العالمي المستقبلي، وليس من الواضح أي منظمة ستلعب أي دور. على سبيل المثال، فقد انضمت المملكة العربية السعودية، الأربعاء الماضي، إلى منظمة شنغهاي للتعاون، كشريك في الحوار. ربما تكون منظمة شنغهاي للتعاون هي التي ستتعامل مع القضايا الأمنية، وليس “بريكس+”. على أي حال، فإن نشاط السعودية في هذا الاتجاه، إلى جانب استعدادها لرفض التجارة بالدولار، هو مؤشر واضح ويتوافق تماما مع روح العصر.

“بريكس+” ومنظمة شنغهاي للتعاون هي هياكل النظام العالمي الجديد، ورابطة الدول الصاعدة، التي تقف مقابل التكتلات التي تغرب شمسها مثل حلف “الناتو” و”أوكوس” AUKUS وغيرها. والدول التي تنضم إلى مجموعة “بريكس+” ومنظمة شنغهاي للتعاون هي تلك الدول التي تسعى للحصول على أماكن مميزة في النظام العالمي المستقبلي، للدخول في المليار الذهبي الجديد. وعلى الرغم من ذلك، وكما يقول المثل الروسي الشائع: لا تقل “هوب” قبل أن تقفز، سيتعين علينا أولا أن نمرّ بالعقد شديد الصعوبة الذي ينتظرنا الآن…

محلل سياسي (روسيا اليوم)