“استدارة صينية” “تنافس أم “صدام”؟ تقرير بحثي يقرأ “الاتفاق”: إيران – السعودية في “التحالف الرمادي” و”تحت الاختبار”.. ما هي شُروط الرياض لـ”التطبيع مع إسرائيل”؟..
تحدّث تقرير خاص صدر عن أحد المعاهد البحثية في عمان عن الاتفاق الإيراني السعودي باعتباره أحد الاستدارات الاقليمية مشيرا الى انه لا يمكن لذهاب بعيدا في عنصر المفاجأة في هذا الاتفاق خصوصا وان الطرفان كانا قد خاضا 5 جولات من المفاوضات في بغداد وبإسناد من مسقط قبل إعلان الاتفاق في الحضن الصيني.
وإعتبر التقرير ان هذه الإستدارات ساعدت على تنشيط خروج الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وصعود الادارة الديمقراطية بالإضافة الى حالة ضبابية وعدم اليقين التي تعتري المنطقة منذ اكثر من عقد وهو ما يؤثر على طبيعة الشراكات والتحالفات التي أخذت لونا رماديا.
وشدد التقرير بعد جلسة نقاشية مع خبراء استضافها معهد السياسة والمجتمع احد المعاهد الواعدة في عمان ان عنصر المفاجأة تمثل فقط في هوية اللاعب الوسيط وهو الصين التي تدخل على صراعات المنطقة بعد توقيع اتفاقيات استثمارية مع السعودية بلغت قيمتها نحو 50 مليار دولار.
واشار التقرير الى ردود فعل هائلة بعد تلك الاستدارة طرحت عدة أسئلة أبرزها: هل يعبر الاتفاق عن تحول جذري وجوهري في سياسات السعودية وايران ازاء بعضهما البعض؟
وهل تسعى الصين للدخول كفاعل سياسي في ظل حالة الإنكفاء الامريكي؟
وما هي خيارات الاردن إزاء المتغيرات؟
يطرح صانع القرار السعودي براي التقرير نفسه منذ عام 2015 كقوة صاعدة لكن طموحاته تصطدم بتحديات أمنية متوترة مع ايران شهدتها انابيب النفط وشركة ارامكو والاستهداف الصاروخي للعاصمة الرياض وبعد تلك الهجمات من الحدود شمالا في العراق وليس اليمن فقط ورغم وجود دوافع اقتصادية للاتفاق الا انها تلامس الامن الوطني السعودي.
وبالمقابل يتصاعد الحوار السعودي الامريكي الاستراتيجي المعمق امنيا إما من جهة بناء برنامج وطني وتقديم المزيد من التعهدات الأمنية كشرط للمضي قدما في التطبيع مع اسرائيل أما ايران برأي التقرير فأصيبت بحالة من الانهاك بعد المظاهرات وتدهور العملية الوطنية وإغتيالات لقادتها وكان اهمهم الجنرال قاسم السليماني.
وسياسة إنهاك ايران وضعتها في حالة عزلة اقليمية مما يعتبر حافزا لدبلوماسية دول الجوار.
وحسب الباحثين وهما الدكتور حسن المومني والدكتور محمد عيادات لغة الأرقام تعطي نتائج مغايرة فالصين هي الشرك التجاري الرئيسي لكل من السعودية وإيران بفارق هائل وليس بالضرورة ان تشكل وساطتها بداية ممارسه تأثير سياسي بالمنطقة فهي لا ترغب في التعجيل في المواجهة وسياستها التنافس وليس الصدام والصين وقعت مع ايران اتفاقية استراتيجية قيمتها 400 مليار دولار وعلى الجبهة الموازية تريد السعودية المحافظة على دورها كمورد للنفط لأكبر سوق استهلاكية وهي الصين.
ولاحظ الباحثون بان الأردن اكتفى بالترحيب بالاتفاق ضمن سياسته بخفض التصعيد بالمنطقة لكن قواعد الاشتباك تفرض عليه اتخاذ موقف إزاء هذه التطورات .
وبغداد شهدت على مدار عامين حوار اردني ايراني على المستوى الأمني تخلله محاولة اقناع عمان بإعادة السفير الذي تم سحبه عام 2016 فيما المسار الاردني مع ايران بقي حذرا مليئا بالهواجس والشكوك ولم يصل الى حد العدائية.
ما الذي ينبغي ان تفعله عمان؟
حاول التقرير الإجابة على هذا السؤال وفكرة عمان اقليميا ان سلوك سياستها الخارجية يعبر عن اولوياتها وليس عن ردود الفعل والمرحلة الحالية تتطلب درجة عالية من ضبط النفس والاستقلالية فيما الاردن يدرك بان العلاقة مع ايران عامل اساسي في حال الرغبة في تطوير الشراكة الاستراتيجية مع بغداد وعامل مؤثر في العلاقة مع سورية وفي التهديدات الامنية القادمة من الجنوب السوري.
وخلص التقرير الى انه ليس مطلوبا من الاردن استدارات وإندفاع لكن ينبغي القيام بجهد لوقف حالة الاستعداء والدخول في تفكير جديد للتعامل مع تحولات المنطقة لان الاعتبارات الاقتصادية لحلفاء الاردن في الاقليم لم تعد قائمة اليوم.
وبالتالي المرحلة تتطلب برمجة المواقف تجاه ايران او غيرها انطلاقا من اعتبارات اردنية مما يبرر رهان الاردن الاستراتيجي في احتواء العراق وتعزيز دوره.
ويقدر التقرير نفسه بان الحالة التنافسية بين إيران والسعودية بالرغم من الاتفاق لم تتوارى بعد.
والاتفاق وحده لا يستطيع الا ان يكون محاولة لتخفيف التوتر وقد لا يستطيع انتاج نظام اقليمي يسوده الاستقلال والانفراج خلافا لأنه لا يعبر عن تغيير جذري في مفهوم التهديد للسعودية.
وبالتالي قدر الخبراء بان الحديث عن تحول في نهج ادارة حالة تنافسية حيث لا يملك الاتفاق عصا سحرية وبالرغم من حماس الاطراف يبقى تحت الاختبار.