ميدل إيست آي: هل تتخلى دول الخليج عن السيسي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 754
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"في حين أن العلاقة بين دول الخليج ونظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد تكون متوترة، فمن غير المرجح أن تنتهي بشكل كامل، فلا يزال يُنظر إليه كخيار مفضل، لأنه يسمح بمزيد من التلاعب، لتحقيق أكبر فائدة لمصالح دول الخليج".

هكذا خلص مقال للأكاديمي والباحث المصري "خليل العناني" في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، لافتا إلى أن "الخليج ينظر إلى السيسي على أنه شريك موثوق في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وهذا مهم بشكل خاص للسعودية والإمارات، لأنهما تسعيان لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة".

وتواجه مصر حاليًا أزمة اقتصادية حادة، حيث فقد الجنيه المصري نصف قيمته منذ مارس/آذار من العام الماضي، وقفز التضخم إلى 24.4%، وفقًا للأرقام الرسمية.

في غضون ذلك، ارتفع الدين الخارجي للبلاد إلى ما يقرب من 170 مليار دولار. وحذر العديد من المراقبين والمؤسسات المالية الدولية، من أن مصر قد تتجه نحو أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وربما حتى الانهيار.

رغم ذلك، لا يبدو أن "السيسي" قلق، فقد رد مؤخرًا على الشكاوى المصرية بشأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة بـ"ازدراء وعدم مبالاة"، وذهب إلى حد اتهام المواطنين بـ"عدم معرفة أي شيء"، والإصرار على أنه الوحيد الذي لديه أي معلومات حقيقية عن الوضع.

وتساءل "العناني": "السؤال هو من أين يثق السيسي بأن بلاده ستتغلب على الأزمة الاقتصادية الحالية؟ وهل هناك علاقة بين علمه المزعوم والدعم الذي تقدمه دول الخليج؟".

ومنذ استيلاء "السيسي" على السلطة في أعقاب انقلاب يوليو/تموز 2013، قدمت الدول العربية في الخليج، خاصة السعودية والإمارات والكويت، مساعدات مالية كبيرة للنظام.

وقد تجلى هذا الدعم في أشكال متنوعة، بما في ذلك الودائع في البنك المركزي المصري، والتي تشكل حاليًا ما يقرب من 82% من إجمالي احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

بالإضافة إلى ذلك، كان هناك العديد من الاستثمارات والاستحواذ على الشركات والمؤسسات المصرية كجزء من السياسة الاقتصادية للحكومة.

كما قدمت دول الخليج ضمانات للمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري.

لكن التقارير الأخيرة تشير إلى أن دول الخليج بدأت في سحب دعمها لـ"السيسي" بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر، حيث أدى عدم قدرة "السيسي" على معالجته إلى خيبة أمل دول الخليج التي استثمرت بكثافة في مصر.

وذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك، ليشيروا إلى أن الدول العربية تتخلى عن "السيسي" بسبب إخفاقه في إدارة البلاد وأصبح عبئًا ماليًا عليها، لذلك فهم لا يقدمون له الدعم الكافي للخروج من الأزمة المالية ويضغطون على المؤسسة العسكرية لإيجاد بديل له.

هذه النظرية وثيقة الصلة بشكل خاص في ضوء إحجام دول الخليج عن تزويد "السيسي" بنوع المساعدة المالية التي قدموها بعد انقلابه عام 2013.

وكان "السيسي" قد أقر بذلك صراحة في خطاب ألقاه أمام المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، حيث قال إن "الأصدقاء والحلفاء أصبحوا مقتنعين بأن الدولة المصرية لم تعد قادرة على الوقوف مرة أخرى، بعد أن قدموا المساعدة لسنوات لحلها. الأزمات والمشاكل".

وهناك أيضًا استعداد متزايد لمعارضة تمويل مصر علنًا بين المسؤولين الخليجيين.

وعلى سبيل المثال، حذر النائب الكويتي "أسامة الشاهين" حكومته من تمويل نظام "السيسي" كجزء من صفقة صندوق النقد الدولي الأخيرة.

كما انتقدت شخصيات إعلامية مقربة من بعض القادة العرب في الخليج، مثل الصحفي المعروف "عمرو أديب"، سياسات "السيسي" الاقتصادية وأدائه.

يُذاع برنامج "أديب" اليومي "الحكاية" على قناة "إم بي سي مصر" الممولة سعوديًا.

وهنا يتساءل "العناني" قائلا: "لكن هل صحيح أن الخليج تخلت عن السيسي؟"، قبل أن يقول: "للإجابة على هذا السؤال، من المهم فهم خلفية العلاقة بين السيسي ودول الخليج، خاصة السعودية والإمارات".

ودعمت هذه الدول "السيسي" خلال السنوات القليلة الماضية لثلاثة أسباب رئيسية، أولها اعتبار السعودية والإمارات سياسات "السيسي" القمعية مفيدة، لأنها أحبطت مطالب التغيير الديمقراطي في مصر، وحالت دون احتمالية اندلاع ثورات أو انتفاضات جديدة.

واعتبرت انتفاضات الربيع العربي تهديدًا وجوديًا من قبل هذه الدول، وسعت إلى منعها بأي وسيلة ضرورية.

أما ثاني هذه الأسباب، فهو موقف "السيسي" القوي من الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السعودية والإمارات "منظمة إرهابية"، عاملاً رئيسياً في دعمهما له.

وهذا يتوافق مع سياساتهم الداخلية وجهودهم لمحاربة الإسلام السياسي في المنطقة.

أخيرًا، والحديث لـ"العناني"، فإنه يُنظر إلى "السيسي" على أنه شريك موثوق في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وأبدى استعدادًا للقيام بدور قيادي في العالم العربي.

ويعد هذ الأمر مهما بشكل خاص للسعودية والإمارات، لأنهما تسعيان لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة.

وينتقل "العناني" في مقاله للجديث عما إذا كانت هذه المصالح المشتركة بين نظام "السيسي" ودول الخليج ما زالت قائمة حتى الآن.

ويضيف: "من الأهمية بمكان تقييم ما إذا كانت هذه المصالح المشتركة كبيرة، بما يكفي لتبرير الدعم المالي والاقتصادي الذي قدمته دول الخليج للسيسي".

ويتابع: "يمكن القول إن مصالح دول الخليج في مصر قد شهدت تحولا في السنوات الأخيرة".

وقد تكون عدة عوامل ساهمت في هذا التغيير، أولها: ربما لم تعد دول الخليج ترى أن هناك تهديدًا كبيرًا للثورة أو الانتفاضة في مصر بسبب إضعاف أي معارضة سياسية، وانقسام داخل المشهد السياسي المصري.

ويمكن أن يُعزى ذلك جزئيًا إلى القمع الشديد والخوف اللذين مارسهما نظام "السيسي" على مدى العقد الماضي.

وقد يكون فك الارتباط السياسي واللامبالاة لدى الشعب المصري نتيجة لهذه السياسات، قد قلل أيضًا من التهديد المتصور للثورة.

علاوة على ذلك، فإن انشغال الشعب المصري بتلبية احتياجاته الأساسية وانعدام الأمل في التغيير قد يكون قد ساهم أيضًا في هذا التحول في الأولويات.

ومن العوامل الأخرى التي ربما تكون قد ساهمت في تحول مصالح دول الخليج في مصر، هو انخفاض التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان المسلمين.

يمكن أن يُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك الحملات الأمنية المستهدفة التي نفذها نظام "السيسي" على مر السنوات الماضية، والانقسامات والتشرذم التي عانى منها التنظيم داخليًا وخارجيًا.

وبالنظر إلى هذه التطورات، تم إضعاف جماعة الإخوان المسلمين بشكل كبير، ولم يعد يُنظر إليها على أنها تهديد كبير لأي نظام في المنطقة العربية، كما كان الحال قبل الربيع العربي.

أخيرًا، والحديث لـ"العناني"، فمن الممكن أن تكون دول الخليج قد وجدت خيارات بديلة لموازنة إيران، الأمر الذي ربما أدى إلى تحول في مصالحها في مصر.

وقد تشمل هذه الخيارات تشكيل تحالفات مع الولايات المتحدة وحلفائها، ولا سيما إسرائيل، أو استخدام مجموعات وميليشيات مختلفة بالوكالة في المنطقة.

وربما أصبحت دول الخليج ترى هذه البدائل كخيارات أكثر قابلية للتطبيق، أو مفضلة للاعتماد على مصر لتحدي نفوذ إيران.

ويمكن أن يُعزى هذا التحول في المصالح إلى المشهد السياسي والاستراتيجي المتغير للمنطقة، وإعادة تقييم دول الخليج لأولويات أمنها القومي.

وفي حين أن النظرية القائلة بأن دول الخليج ستتخلى عن نظام "السيسي" قد تبدو "منطقية"، لكنها تظل "تخمينية" في نهاية المطاف.

فعلى الرغم من الإحباط والغضب تجاه "السيسي" بين أنصاره الخليجيين، فمن غير المرجح أن يتخلوا عنه، لأنه لا يزال يمثل رصيدًا ثمينًا من حيث حماية مصالحهم في مصر والمنطقة.

وقد يؤدي استبدال "السيسي" إلى حالة من الارتباك والفوضى التي قد تؤثر سلبًا على المنطقة، وتهدد في النهاية مصالح دول الخليج الخاصة.

طالع النص الأصلي للمقال

 

 

المصدر | الخليج الجديد