هجمات الحوثيين المتكررة تطرح أسئلة مصيرية بالنسبة للإمارات

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1151
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في 17 يناير/كانون الثاني الجاري، شن الحوثيون هجمات ضد الإمارات باستخدام طائرات مسيرة، ما أسفر عن مقتل 3 عاملين من الجنسيتين الهندية والباكستانية جراء انفجار في صهاريج لنقل المواد النفطية في منطقة مصفح الصناعية، كما أفادت السلطات باندلاع حريق قرب مطار أبوظبي. وبعد ذلك بأسبوع تقريبا، حدث هجوم آخر واعترفت الإمارات باعتراض صاروخين باليستيين استهدفا العاصمة.

وتطرح هذه الهجمات أسئلة مهمة بالنسبة لسمعة وأمن الإمارات، حيث استثمرت مليارات الدولارات في الترويج لسمعتها كبوابة للعالم وكـ"ملاذ آمن" بعيد عن الاضطرابات والعنف في الدول العربية المجاورة، بالرغم من تورطها في النزاعات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة.

ولم توجه هجمات الحوثيين على أبوظبي ضربة مضادة للسياسة الخارجية العدوانية التي تتبناها الإمارات فحسب، وإنما أدت لثقب كبير بحجم صاروخ باليستي في مزاعم الإمارات بأنها "سويسرا الشرق الأوسط".

ولن يقلق هذا حكام الإمارات فقط، بل أيضًا المجرمين وأمراء الحرب الذين يعتقدون أن الإمارات هي ملاذ آمن للثروة المسروقة وغسيل الأموال.

وكشف تقرير حديث من "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" أن "الثروة التي تدعم رخاء دبي تأتي جزئيا من العائدات غير المشروعة من الفساد والجريمة".

وذكر التقرير أنه بينما تتمتع الإمارات بسجل قوي من التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي، فإنها "غير متعاونة عندما يتعلق الأمر بالأنشطة غير المشروعة وغيرها من الجرائم المالية"، ما يجعلها وجهة جذابة للطغاة وأمراء الحرب وتجار المخدرات وغيرهم من الذين يتربحون من الدمار.

كما أن دولة الإمارات، ولاسيما دبي، تعتمد على على العمالة الوافدة وحركة السياح الذين سيفكرون في جدوى تواجدهم إذا كانت الإمارات تهاجم بسهولة بالطائرات المسيرة والصواريخ، بالنظر إلى تورط البلاد العسكري في ساحات مختلفة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

خسائر فادحة محتملة

وستؤدي المزيد من الهجمات إلى انهيار نظرية "الملاذ الآمن" وقد تدفع المجرمين الدوليين والسياح والعمال المهاجرين على الفرار.

وتحدث الناشط الفلسطيني البارز "إياد البغدادي" (الذي عاش في الإمارات من عام 1974 حتى طرد في عام 2014 بسبب دعمه للربيع العربي) عما سيحدث إذا قامت إيران أو حلفاؤها - بما في ذلك الحوثيون - باستهداف المدن الكبرى في الإمارات، قائلًا إن العمال الوافدين سيقومون بـ"حزم حقائبهم والمغادرة بين عشية وضحاها".

وأضاف: "غالبية الذين يعيشون في الإمارات جاءوا بسبب الفرص الاقتصادية.. وأكثر من نصفهم من آسيا الجنوبية.. لن يبقى هؤلاء في البلاد إذا حدث تصعيد عسكري، ولا يمكن لسلطات الإمارات أن تمنعهم من المغادرة، فهم ليسوا مواطنيهم في نهاية المطاف".

في الواقع، يمثل المهاجرون 88% من سكان البلاد و95% من القوى العاملة، مع ما يصل إلى 70% يعملون في وظائف منخفضة الدخل، خاصة الإنشاءات، وفقا لمعهد الجامعة الأوروبية.

بمعنى آخر، فقد تم بناء الإمارات على ظهور العمال المهاجرين من المستويات الدنيا ومن ذوي الأجور الزهيدة من بنجلاديش وباكستان والهند وأماكن أخرى، ويتعرض الكثير منهم لانتهاكات حقوق الإنسان.

وكان الثلاثة الذين قتلوا في هجوم 17 يناير/كانون الثاني عمالًا مهاجرين، ما يجعل الإمارات فرصة أقل جاذبية للآسيويين والأفارقة والأوروبيين الشرقيين.

 

تساؤلات مثارة

ستثار أيضا تساؤلات حول مليارات الدولارات التي استثمرتها الإمارات في منظومة الدفاع الجوي الأمريكية "باتريوت"، بالنظر إلى مدى سهولة اختراق الدفاعات الجوية للبلاد من قبل ميليشيا مبعثرة تتواجد على بعد آلاف الأميال في اليمن.

ومن غير الواضح طبيعة الخطوات التالية للإمارات؛ وقد تلجأ أبوظبي لإسرائيل للحصول على منظومة القبة الحديدية وتستثمر المليارات في آلة الحرب الإسرائيلية، وتتجاهل بذلك المعاناة الفلسطينية.

وستجد إدارة "بايدن" نفسها أمام أسئلة تتعلق بتعهدها بإنهاء الحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن.

وشهد الربع الأخير من عام 2021 زيادة بنسبة 60% في الخسائر المدنية مقارنة بالأشهر الثلاثة التي سبقت ذلك، كما أن الطائرات الحربية السعودية انتقمت من الهجمات على أبوظبي من خلال قصف أهداف في العاصمة اليمنية صنعاء في 19 يناير/كانون الثاني، ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا، وفقا لتقارير محلية.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة واصلت بيع الأسلحة إلى السعودية، والتي استخدمتها لضرب الأهداف في اليمن، ما يطيل أمد الحرب.

وقالت "أنيل شيلين" الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في معهد "كوينسي" لموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت": "ترى إدارة بايدن أن مبيعات الصواريخ الأخيرة إلى السعودية قد تساعد المملكة على إحراز بضعة انتصارات، تمكنها من الانسحاب ببعض الكرامة".

وأضافت: "لكن ما رأيناه في السنوات السبع الماضية من هذه الحرب هو أنه عندما يشعر جانب بأنه يربح، فإنه يريد الاستمرار".

ولا تشير الغارات ضد أبوظبي والضربات الانتقامية ضد الحوثيين إلى أن كلا الجانبين بعيدان عن النصر فقط، ولكن تشير أيضًا إلى اتساع الصراع الذي امتد لـ7 سنوات.

ويجب أن تتساءل الإمارات الآن عما إذا أصبحت اليمن تمثل لها ما كانت تمثله فيتنام للولايات المتحدة، وأفغانستان للاتحاد السوفييتي، أي مجرد مستنقع يكشف نقاط ضعفها ويستنزف مواردها ويضر بسمعتها.

 

المصدر | سي جي ويرليمان | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد