تحديات أمام السعودية والكويت نتيجة توجه قطر والإمارات لتجنيس البدون

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1514
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في بادرة غير مسبوقة على مستوى المنطقة، قررت كل من قطر والإمارات تجنيس السكان "البدون" على نحو متزايد كجزء من جهودهما لفتح باب المواطنة، مما سيزيد الضغوط السياسية على جارتيهما السعودية والكويت اللتان تمتلكان عددًا أكبر بكثير من البدون مع عملية تجنيس أبطأ.

واستضافت دول مجلس التعاون الخليجي أعدادًا كبيرة من البدون لأجيال عديدة، وهم السكان الذين فشلوا في الحصول على المواطنة عندما كونت المنطقة دولًا في القرن الـ20، لكن بعض الدول بدأت الآن بتصحيح هذا الوضع.

وخلال خطاب له في 26 أكتوبر/تشرين الأول، قال أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" إن الدولة سوف تعدل قريبا قوانين الجنسية لتشمل المقيمين عديمي الجنسية مثل أفراد قبيلة "آل مرة".

وكان ذلك ردًا من حكومة قطر على الانتقادات بشأن استبعادها للسكان البدون من التصويت في الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول في البلاد.

وكانت معاملة الدوحة لمجتمع البدون قد اجتذبت اهتماما دوليا في الأشهر التي سبقت الانتخابات، بعد أن رفضت الدوحة تقديم جوازات السفر القطرية لأفراد قبيلة آل مرة رغم عقود من الإقامة والروابط التاريخية العميقة بالبلاد.

 

معضلة البدون

يعتبر معظم السكان البدون في الخليج العربي من نسل بدو الصحراء الذين لم يسجلوا كمواطنين عندما بدأت بلدان المنطقة في الحصول على الاستقلال، وذلك لأنهم اعتادوا على عبور الحدود قبل انسحاب المملكة المتحدة من المنطقة في عام 1971.

ويقدر عدد البدون الذين يعيشون في منطقة الخليج العربي بـ170 ألفًا إلى 350 ألفًا، ويقطن معظمهم في الكويت والسعودية، لكن البحرين والإمارات وقطر لديها أيضا عدد كبير من البدون. ويشار إلى أن الأرقام الدقيقة غير معروفة لأن معظم الحكومات الخليجية تصنف هؤلاء السكان عديمي الجنسية ضمن السكان المولودين في الخارج عند إجراء الاستقصاءات الديمجرافية.

ورفضت دول الخليج منح هؤلاء السكان المواطنة على مدى عقود من أجل الحفاظ على التوازنات القبلية أو الطائفية داخل حدودها، كما ظلت الحكومات المضيفة متشككة طويلًا في الولاءات الوطنية لدى البدون الذين يعيشون داخل حدودها. وخلال حصار قطر 2017-2021 على سبيل المثال، كان ينظر إلى قبيلة "آل مرة" باعتبارها سبيلا محتملا للنفوذ السعودي في قطر حيث أن للقبيلة جذورًا في كلا البلدين.

 

تخفيف قيود التجنيس

وكجزء من استراتيجيات التحديث الاقتصادية، بدأت دول الخليج تخفيف متطلبات الحصول على التأشيرة والجنسية لجذب السكان الموهوبين والأثرياء، مما يسهل على البدون التقدم بطلب للحصول على الجنسية.

وبدأت الإمارات وقطر والسعودية في تعديل شروط الحصول على التأشيرة والجنسية لتمكين السكان من البقاء لفترة أطول إن لم يكن بشكل دائم. وتهدم هذه التغييرات الاعتبارات السياسية التي حرمت البدون في السابق من الجنسية. ففي حين كان التجنيس نادرا للغاية، أصبح الآن في متناول اليد حتى لغير المسلمين وغير العرب.

ويمكن أن يساعد هذا التغيير السياسي والاجتماعي في تمكين البدون من الحصول على الجنسية في دول الخليج لا سيما أن لهم جذورًا ثقافية ودينية مماثلة للمواطنين الأصليين. كما سيمثل البدون أيضا حصنًا ديمغرافيًا جذابًا للحكومات الخليجية أمام تدفق السكان والمواطنين غير العرب وغير المسلمين.

وتقدم الإمارات والسعودية وقطر الآن ما يسمى بـ"التأشيرات الذهبية" الدائمة للسكان الذين يظهرون قيمتهم الاقتصادية لهذا البلد، سواء من خلال الاستثمارات وشراء العقارات، أو دفع رسوم كبيرة في حالة السعودية.

وفي فبراير/شباط 2021، أصبحت الإمارات أول دولة خليجية تسمح لغير العرب وغير المسلمين بكسب الجنسية من خلال مواهب خاصة أو استثمارات عالية، وبالتالي قد يتمكن سكان البدون في المنطقة أيضا من التقدم بطلب للحصول على الجنسية من خلال هذا المسار، خصوصا إذا كانوا مؤهلين من خلال التعليم أو الثروة.

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" مرسوما يفتح باب المواطنة للأفراد "ذوي المواهب الاستثنائية في الدين والطب والعلوم والثقافة والرياضة والتكنولوجيا" ولم يذكر المرسوم اختبارات دينية أو لغوية مما يدل على أن أصحاب مثل هذه المواهب من غير المسلمين وغير العرب قد يكونون أيضا الآن مؤهلين للحصول على الجنسية السعودية.

 

تباطؤ السعودية والكويت

لكن الكويت، وإلى حد أقل السعودية، تتحركان بشكل أبطأ في تحرير تأشيراتهم مما يؤخر تجنيس العدد الكبير من السكان البدون لديهما مقارنة بالبدون الموجودين في قطر أو الإمارات. وبالرغم من برنامج التأشيرات الذهبية ومرسوم الجنسية الجديد لذوي "المواهب الاستثنائية" فإن السعودية لا تميل لتجنيس البدون بسرعة، حيث أن المملكة لا تزال تختبر حجم التأييد الشعبي للتغييرات الاجتماعية والثقافية السريعة لديها.

وقد يعترض المواطنون السعوديون العاديون (الذين يُجرّدون حاليًا من نظام الرعاية الاجتماعية السخي) على ضخ جديد لمواطنين جدد سوف ينافسونهم على الوظائف والخدمات الحكومية. وفي الوقت نفسه، تباطأت الكويت أكثر في تحرير قواعد التأشيرة والتجنيس، مع رغبة سكانها في تقليل عدد الأجانب الذين يعيشون في البلاد.

كما أن هناك مخاطر سياسية بالنسبة للنظام في الكويت، فإذا جنست العدد الكبير من البدون لديها -يقال إن معظمهم من الشيعة- سيتمكن هؤلاء حينها من التصويت في الانتخابات البرلمانية، مما قد يؤدي بالتالي إلى تغيير التوازن الحالي للسلطة.

ويشعر العديد من السنة الكويتيين بالقلق من أن يقوض ذلك التوازن الطائفي في البلاد وأن يخلق فرصة نفوذ لإيران في البلاد.

 

مخاطر متوقعة

ولكن توجه قطر والإمارات نحو تجنيس البدون سيزيد الضغوط الداخلية والخارجية على السعودية والكويت لكي تحذوا حذوهما، مما قد يؤثر على سمعتهما في حقوق الإنسان. وفي حالة الكويت، قد يشجع السكان البدون على تنفيذ الاحتجاجات والإضرابات وأعمال الشغب.

وقد يتشجع البدون الذين يعيشون في السعودية نتيجة ما يحدث في قطر والإمارات، فيضغطون لإحداث تغييرات مماثلة بالنسبة لهم، لكن من المرجح أن يواجهوا مقاومة وحتى حملة قمع من الدولة. وستؤذي مثل هذه الحملة السمعة الدولية للسعودية ما قد يؤثر على ميل المستثمرين للمملكة ويضر بعلاقاتها مع بعض حلفائها الغربيين مثل الولايات المتحدة.

وبالمقارنة مع السعودية، تعد الكويت أكثر تسامحا مع المعارضة العلنية فيما يعد سكانها البدون أنشط سياسيًا، وبالتالي فإن ميل الدول الجارة نحو التجنيس قد يجعل البدون الكويتيين يستخدمون الضغط العام لكسر الحواجز السياسية أمام التجنيس.

وفي حين أن الحكومة الكويتية أقل قابلية للرد بحملة قمع واسعة، فإن هذه الاضطرابات داخل مجتمعها من البدون، قد تضر بسمعة الكويت كمكان للقيام بالأعمال التجارية وتجعلها تبدو غير مستقرة، مما يقوض جاذبيتها كموقع للاستثمار.

 

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد