“الحجّ الحديث” في “السعودية”..الوجهة جبل سيناء في تبوك

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 31
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في زحمة الحديث عن قرب التطبيع الرسمي بين النظام السعودي والكيان المحتل، و”التعفف” السعودي عن هكذا توجه إلّا والمضي بمسار حل الدولتين، وفقا للدور الذي يحلو للنظام أن يلعبه حاليا. إلا أن تطبيعا من شكل آخر أخذ طريقه فعلا بين الكيانين ومن بوابة السياحة. مدير مشروع “التراث اليهودي”، هاري موسكوف، كتب في مقال نشر في “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن القطارُ آتٍ والوُجهة جبل سيناء في تبوك. وعلى هذا المنوال توقّعَ الكاتب تحقُق ما أسماهُ بالحجّ الحديث في السعودية، والذي يقوم -برأيه- على تنظيم جولاتٍ لإسرائيليين، بالتنسيق مع جيش الاحتلال، إلى أقصى المناطق. ويتذرّع الصهاينة بأنّ هناك آثارًا دينيةً ومقابر مخفيةً تخصّهم في الأحساء. تأتي هذه التحركات في سياق التمهيد المجتمعي، الغير مستبعد ولا جديد على النظام السعودي. ففي العام 2023 أقدم يهود على زراعة أشجار النخيل في المدينة المنورة، جزء من برنامج ما يُعرف بـ”رحلة الأديان” إلى المنطقة، في حدث وُصف بـ”التاريخي”. فالمدينة هي أحد أقدس موقعين عند المسلمين، ومحظور على غير المسلمين دخولها حتى سنوات قليلة مضت، لكن المصرفي اليهودي اللندني، ريك صوفر، قاد مجموعة من المسيحيين والمسلمين واليهود البريطانيين لزيارة بستان المزارع وزراعة شتلات النخيل فيه، حسبما أورد تقرير نشرته مجلة “جويش كرونيكل” اليهودية. ونقل التقرير عن صوفر قوله “لو أخبرني أي شخص قبل 5 أو حتى 10 سنوات أنني سأتمكن من القدوم إلى السعودية، لما كنت سأصدقهم (..) الجميع يعلم أنني يهودي، وأن يتم استقبالك بطريقة ودية ومضيافة، هو حقا شيء رائع”. وأضاف: “ليس فقط السعودية، بل القدوم إلى المدينة المنورة، المدينة الساحرة والمستنيرة، هو شيء رائع للغاية. آمل أن تؤدي هذه اللحظة الرائعة إلى المزيد من اللحظات الرائعة من الأخوة والتعايش والوئام السلمي. إنها حقا مناسبة مؤثرة”. وتابع: “في زياراتي السابقة للسعودية في مجال الأعمال، لم أقم بالإعلان عن ديني اليهودي (..) والآن يتواصل معي السعوديون بشكل علني وكان دفء استقبالهم غير عادي”. هذا واختار الوفد اليهودي زراعة نخيل “تمر العجوة” تحديدا، بزعم كونه من الأنواع التي “تُزرع فقط في المدينة المنورة، وحثت أقوال النبي محمد على أكله”، وفقا للصحيفة. ولفت التقرير إلى أنه “رغم رفع الحظر المفروض على دخول غير المسلمين إلى المدينة المنورة قبل نحو 5 سنوات فقط، إلا أن يهود مجموعة صوفر ليسوا أول من زرع الأشجار في المدينة، فقد وصل النبي محمد إلى المدينة المنورة من مكة عام 620م، وكان جزء كبير من سكان المدينة عبارة عن 3 قبائل يهودية، تمتلك بساتين لنخيل التمر”. واستشهد الكاتب بـ “المخيرق، الذي كان يهوديًا ثريًا مات في القتال إلى جانب النبي محمد وتركت مزارعه وممتلكاته الكبيرة في وصيته للنبي”. وتابع “ووفقًا للتاريخ الإسلامي، فإن إحدى القبائل اليهودية انتهكت ميثاق الدفاع الجماعي الوارد في دستور المدينة المنورة، لتنتهي بذلك كل الحياة اليهودية في ذلك الجزء من شبه الجزيرة العربية، ولذا كان للدعوة لزرع النخيل في المكان الذي اعتنى به اليهود ذات يوم صدى خاص.” “ديارنا”: مشروع لاختلاق التراث اليهودي وعن الحياة اليهودية المزعومة أيضا، أطلق “جيسون غوبرمان” عام 2008 مشروع “ديارنا”، بهدف الإيحاء بأحقية اليهود في “استعادة” تراثهم المزعوم في مواقع متناثرة في الدول العربية. الجمعية اليهودية تتخذ من “بوسطن” الأمريكية مقرًا له، كشفت عبر موقعها على الانترنت، عن تنظيم فرق متعددة من إدارة مشاريعها لزياراتٍ “ودية” إلى دولٍ عربية كالمغرب ومصر، ومؤخرًا “السعودية”، حيث تدّعي تواجد مواقع تراثية يهودية وتُطالب بترميمها سواءٌ بجهود ذات الدولة أو بدعمٍ من المشروع. وكانت وسائل إعلام عبرية، قد كشفت في وقت سابق عن مطالباتٍ لسبع دول عربية وإيران بنحو رُبع ترليون دولار، وذلك لتعويض اليهود “واستعادة” مئات الآلاف منهم لممتلكات بزعم أنهم عاشوا هناك. وعمدت جماعات “اللوبي” اليهودي، إلى الضغط على صناع القرار في الولايات المتحدة لدفع الكونغرس لاستصدار مشروع قانون ما يُسمى “اللاجئين اليهود”؛ لمنح “ديارنا” مزيدًا من الشرعية من كل جوانبها القانونية وصولاً لمرحلة “وضع اليد” على تلك المواقع الأثرية البائدة. ووفقًا لمشروع القانون؛ يعتبر اليهود الذين اضطروا لترك الدول العربية بمثابة “لاجئين”، وإبراز ذلك الاعتراف مع كل طرحٍ دولي يُناقش فيه قضية اللاجئين الفلسطينيين؛ لفرض نوعٍ من “المساواة في المحنة” وترويج مشاريع التعويض ووضع اليد على المواقع اليهودية في الدول العربية. ولم تكتفِ إدارة المشروع بتلك الجهود المتسارعة فحسب؛ إذ أردفته بتقديم منحٍ دراسية وتوفير زيارات ميدانية لمتطوعيها وتثبيت ما يحصلون عليه بتدوينه وتصويره وأرشفته “خشية ضياعه أو اندثاره”، وفق قول إدارة المشروع. وبحسب موقع الجمعية، فإن نحو 330 مقابلة تطوعية تم إجراؤها لشبّان للالتحاق بفريق المشروع في العام 2017، بغرض الكشف نحو 2500 موقع يهودي مزعوم في اليمن وسوريا وتونس والجزائر والعراق والمغرب. وتقول إدارة المشروع إن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى منح تسهيلاتٍ لعمل الطواقم التطوعية في دول الخليج، وخاصةً في “السعودية”. ونُقل عن “غوبرمان” مزاعمه أن الدول الخليجية تضم قلةً من اليهود وبعض مقابرهم في الكويت والبحرين، وقبرٌ واحد في مدينة رأس الخيمة شمال الإمارات لأحد التجّار. ويضيف “عندما نتحدث عن إرثنا في السعودية فإن حدقات العيون تتسع، خصوصًا وأن الفرق سيتعين عليها العمل في بيئة حساسة، وكل ما علينا هو جمع البيانات ولا علاقة لنا في السياسة الدائرة في المنطقة الخليجية”. ويُشير إلى أن السلطات السعودية “تبذل جهودًا في الخفاء للحفاظ على مواقع يهودية منذ العصر الجاهلي، باعتبار أن المملكة تضم عددًا أكبر من تلك المواقع اليهودية”. وفي التفاصيل، يهدف مشروع “ديارنا” وفق خرائط تم رسمها وتجميعها وتصميمها للسيطرة على عدة مواقع في المملكة الخليجية، مثل جزيرة “تيران” التي تنازلت عنها مصر قبل سنوات للسعودية، ووادي اليهود في خيبر وقصر السموأل في تيماء، ومقبرة البقيع في المدينة المنورة التي تُسمى “حوش كوكب”، وحصن كعب بن الأشرف في المدينة، إضافة إلى منطقة السيح ومدينة أبو عربش في جازان ومدينة نجران جنوبًا. وترى إدارة المشروع أن موقع “خيبر” هو الأكثر ثراءً، والواقع على بعد 153 كيلو مترًا شمال المدينة المنورة. وتزعم “ديارنا” أن موقع “خيبر” يضم سبع أو ثماني قلاع كانت تأوي نحو 20 ألف يهودي فروا إلى هناك بعد الانتشار الإسلامي. غطاء اليونسكو في وقت سابق،  كشفت مصادر عن تكثيف “اليونسكو” المنظمة الدولية، المختصة بالآثار، لزياراتها للمناطق الأثرية التي تدعي الجمعيات اليهودية ملكيتها لهم. وقالت المصادر لـ”مرآة الجزيرة”، إن الزيارات التي شهدت تكثيفا عاليا، صاحبها انتزاع ملكية لقصور أثرية من بينها عدة قصور في الطائف. وذكر أن المنظمة تعتني فقط بالآثار التي سبقت العهد الإسلامي والتي تسمى بآثار تبوك والعلا والتعلية، وتلك التي اخلفت العهد الإسلامي. في المقابل، يصرف ابن سلمان ولي عهد النظام السعودي، أكبر مبلغ أثري لاكتشاف اثار آل سعود في منطقة بوابة الدرعية. وأوضح المصدر أنّ الميزانية التي خصصها ابن سلمان في بوابة الدرعية هي الأكبر منذ سنوات. وذكر أن فتح الاحياء اليهودية في البحرين، قد يناظرها سلوك مماثل في الرياض على قاعدة، محاولة إيجاد حواضن اثرية لليهود، بزعم وجود تراث تاريخي لهم. وبين المصدر أن السعودية تتعامل مع هذا الأمر بالشكل التدريجي، تلافيا للتصادم مع الجمهور بالداخل والخارج.