“إنتفاضة الكرامة” وأساليب آل سعود في مواجهتها

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 38
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تمرّ ذكرى انتفاضة الكرامة في القطيف والأحساء هذا العام في ظل أحداث إقليمية كبرى ومصيريّة، شهدت فيها المنطقة تبدلّات في حسابات وموازين القوى، وأما في شبه الجزيرة العربية، فمحاولات لـ”النظام” باللّحاق بركب هذه التبدّلات من خلال الحرص على وضع كيانها في موقع “المُتفرّج” الساعي لإرضاء الجميع، سوى شعب شبه الجزيرة العربية، الذي نصّب نفسه حاكماً له ولمقدّرات أراضيه. 14عاماً على ذكرى انتفاضة أبناء شبه الجزيرة العربية، ممن وجدوا أنفسهم في الساحات يطالبون ابتداءً بالإصلاحات قبل أن تنقضّ عليهم عصا رجالات “الأمن”، ليجدوا أن المطالبة بالإصلاحات هي تفصيل أمام المطلب المستحقّ، وهو إسقاط الكيان من أصله، ليصدح نداء “الموت لآل سعود” في أروقة طرقات المدن. صدق وفاعلية ومشروعية انتفاضة الكرامة دفعت “النظام” الهشّ إلى العمل على محو كل آثارها وما يذكّر بها، فكان للحجر -كما البشر- نصيبه من الظلم، حين مارس حقده على المناطق والمعالم التي شهدت صدحاً للأصوات المطالبة بالحرية والعدالة ورفع التمييز الطائفي. وفي مقابل أرقى أشكال الرفض، قام “النظام السعودي” باستخدام أبشع أشكال المواجهة، وبدلاً من الاستماع لمطالب الأهالي المحقّة، عَمِدَ إلى قتل واعتقال والبطش بأصحاب الانتفاضة، ودافع هذا “النظام” في البطش كان وما يزال الهاجس الذي يلاحقه منذ نشوئه، وهو علمه بعدم مشروعيّة حكمه. قوبلت هذه الأصوات السلمية ببطش النظام كما هي عادته وعمدت السلطات خلال السنوات الست الأخيرة إلى استخدام العنف المُفرط ضد الأهالي، حيث حولت السلطات السعودية منطقة القطيف إلى ثكنة عسكرية، وقامت باستفزاز الأهالي عبر نقاط التفتيش التي أقامتها عند مداخل المنطقة ومخارجها الرئيسية كما في أماكن مختلفة داخل الأحياء السكنية، واستخدمت الرصاص الحي ضدهم، مما نتج عنه مقتل عشرات الشهداء وسقوط مئات الجرحى. كما عاقبت سلطات الرياض أبناء القطيف والأحساء بالإعتقال العشوائي والمتعمد للنشطاء الحقوقيين، والسياسيين والإجتماعيين وللرموز والقادة الدينيين، وتولت محاكمها الغارقة في وحل الطائفية ومستنقع العنصرية اصدار أحكام قاسية قراقوشية تصل إلى الإعدام.. ومرة أخرى يفشل النظام السعودي مجدداً ويعجز عن إخضاع أبناء المنطقة، رغم القمع الذي مارسته آلته القمعية الجهنمية ضدهم. فلا السجن والتعذيب ولا حفلات القتل والتصفيات والاعدامات وآخرها اغتيال رمز الثورة وشيخها استطاعت النيل من صمود وإرادة شعب القطيف والأحساء.. وبعد عقد ونيّف من “إشارة التحذير” التي رُفعت بوجه حكام الخليج، وآل سعود على وجه التحديد، رفع الأخير من حدّة قمعه الصامت، حيث لا جمعيات ولا جهات حقوقية تعمل على الأرض في توثيق الانتهاكات. وتوازياً مع ذلك، يجهد محمد بن سلمان اليوم في رسم صورة ضبابية عن شكل نظامه أمام الرأي العام الغربي، فمقابل الظلم المفضوح والجرائم التي ارتكبها على أعين العالم، أهمها جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في سفارة بلاده في اسطنبول، يعمل اليوم على اتباع سياسة التضليل بإيهام من يمكنه إيهامهم بوجود “إصلاحات” من خلال الإفراج عن بعض المعتقلينً سيما المعروفين بـ”معتقلي الرأي”. إلّا أن أمام هذه الخطوات المفضوحة المغزى، تمشي “مملكة الدماء” قدماً في إعدام وتغييب الشخصيات التي طالبت صدقا وواقعيا بالإصلاحات طوراً وبتغيير شكل الحكم القائم طوراً آخر. صمّت “السعودية” آذانها عن المطالبات المحقة، ووجدت أن الحلّ يكون بمضاعفة التضييق على بيئة انتفاضة الأحساء 2011، وطمس تاريخ هذه المنطقة ومثيلاتها، ورفع حدّة إقصاء أبنائها عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية. يجهد ابن سلمان في رفع ناطحات سحاب “مملكته” تخوّفاً من هجوم خارجي وحرصاً على ما يظنّه “استقرار داخلي”، لكن ما لم يوقنه بعد أن الإنفجار سوف ينطلق من الداخل ليطيح بمليارات الدولارات التي رفعت مشاريع الوهم الطفولي خاصّته، كما أنه لم يوقن بعد أن الكيانات التي تبني وجودها على دماء شعبها لن تطول قبل أن تتهاوى كالريش. نشوة “المديح” المزيّف الذي يدفع ابن سلمان ثمنه ويحصل عليه من ناهِبي ثروات الأوطان المستضعفة، يحظى مقابله بمئات آلاف أصوات “القدح” التي تتراكم في صدور أبناء شبه الجزيرة قبل أن تتحوّل إلى “انتفاضة أحساء” أخرى وعلى نطاق أوسع.