كارنيجي: 3 أشياء يجب مراقبتها لتحديد اتجاه العلاقات السعودية الإماراتية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2083
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 يعكس الخلاف السعودي الإماراتي المستمر حول إنتاج النفط تغييراً أوسع في ديناميكيات القوة الإقليمية حيث تسبب هذا الخلاف في ارتباك أسواق النفط نظرًا للمخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها اتفاق يدعم تعافي الاقتصاد العالمي.

وعارضت الإمارات تمديد الاتفاقية المتعلقة بإمدادات النفط دون زيادة إنتاجها أولاً. وجرى وصف الخلاف باعتباره شرخًا آخر في الشراكة الاستراتيجية السعودية الإماراتية التي تجلت بعد الثورات العربية عام 2011، خاصة منذ عام 2015 وصعود الملك "سلمان" ونجله "محمد".

ومع ذلك، فإن الأحداث الجارية تشير إلى ما هو أكثر من انحراف العلاقات الثنائية التي من المتوقع أن تستمر رغم الخلاف الأخير كما حدث عندما اختلف الطرفان حول قضايا رئيسية أخرى مثل اليمن وقطر وإسرائيل وتركيا، لأن الفوائد من هذه العلاقة تفوق بكثير التكاليف.

وبعيدًا عن العلاقة نفسها، تتحدث المواجهة اليوم عن الديناميكيات في منطقة تخضع لعملية إعادة تقويم رئيسية، ولهذا فإن المنافسة الاقتصادية المتزايدة في الخليج والصوت الإماراتي الأكثر حزماً هما من أوضح مظاهرها.

وقد ذهبت شخصيات سعودية وإماراتية إلى "تويتر"، كما يفعلون غالبًا وسط الخلافات، للتعبير بمهارة عن تحفظاتهم على بعضهم البعض. وقد ظهرت في هذه الكتابات النزعات القومية التي تصاعدت في كلتا الدولتين في السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق قال "تركي آل الشيخ"، مستشار الديوان الملكي السعودي وأحد المقربين من" محمد بن سلمان"، بعد خلاف "أوبك+": "صديقي ... لم تعد صديقي.. الوقت والظروف غيّرتك لكن لم تغيرني".

وكان رجال الدولة الإماراتيون أقل عاطفية، وقال "ضاحي خلفان" الذي تعكس تغريداته في كثير من الأحيان مزاج الدولة: "المصالح تسبق العلاقات.. هذه الحقبة لا تعرف الصداقة أو الأخوة.. إنها حقبة المصالح المادية.. البقاء ليس للأقوى ولكن للأذكى".

ومنذ عام 2019، تجري إعادة تقييم للتحالف بين الدولتين بعد التحول الاستراتيجي لدور الإمارات في اليمن. وكان المبدأ غير المعلن وراء عملية إعادة التقييم هو إعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية.

ومن الأفضل فهم الخلاف الأخير على خلفية التصور المتنامي في الخليج بأن حقبة ما بعد النفط تقترب، وقد أدى ذلك إلى محاولات التنويع في جميع أنحاء المنطقة وإعادة توجيه العديد من القرارات السعودية.

وتضمنت هذه القرارات الضغط من أجل نقل المقرات الإقليمية للشركات، ومعظمها في الإمارات، إلى المملكة، وتعديل قواعد الاستيراد على السلع المنتجة في المناطق الحرة والتي تعتبر سمة مميزة لدولة الإمارات، ولذلك يجب قراءة قرار الإمارات بخصوص "أوبك+" والمطالبة بحصة أعلى في ضوء ذلك.

ومن المغري تصوير التدابير الاقتصادية على أنها موجهة عمداً ضد دولة معينة عندما تهدف كل من الإمارات والسعودية إلى الحفاظ على الذات، مما يؤدي إلى مشهد أكثر تنافسية. ولكن، إذا تُركت الاختلافات دون رادع، فقد تتضاعف وتؤثر سلبًا على المحيط.

ومع ذلك، فإن المنطقة يمكن أن تستوعب أكثر من قوة اقتصادية واحدة إذا تجنبت دول الخليج تكرار نماذج التنويع الاقتصادي الخاصة بها دون الكثير من الابتكار، مما قد يؤدي إلى أشكال أكثر عدوانية من المنافسة.

ويعتبر التحول الآخر الذي أثر على القضايا الاقتصادية هو تصوّر الإمارات لنفسها كقوة إقليمية. ويعني هذا الوضع الجديد أنه لن يسمح للآخرين، بما في ذلك السعودية، بتجاوز مصالحها. وكان اعتراض الإمارات القوي على صفقة "أوبك+" مؤشرًا على هذا التحول، مما أدى إلى خلاف علني مع السعودية، على عكس الطريقة التقليدية لإدارة الخلافات بين الجانبين وراء الكواليس.

ويرجع جزء من هذا أيضًا إلى فشل المؤسسات حيث لا يمكن لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تأسس في عام 2016 ولا لمجلس التعاون الخليجي أن يعمل كمنقذ لأن علاقات الدول في الخليج تميل إلى أن تكون شخصية، بالرغم من وجود مؤسسات متعددة. وقد ساهم الصدع الخليجي (2017-2021) في الوصول لهذا الوضع بالطبع.

وقد شهدت العلاقات مع السعودية مراحل مختلفة منذ تأسيس دولة الإمارات في عام 1971. وسيكون من السابق لأوانه القول بأن العلاقات قد وصلت إلى القطيعة أو توقع حدوث صدع خليجي في طور التكوين. فبالرغم أن الجانبين يتنافسان بشكل متزايد في عدة مجالات، لكنهم ما زالوا بحاجة إلى بعضهم البعض.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن العلاقة محصنة ضد المزيد من الضرر. وهناك 3 أشياء يجب مراقبتها للمساعدة في تحديد الاتجاه الذي قد تسير فيه العلاقات.

أولاً، إلى أي مدى ستظهر الإمارات قوتها، كما فعلت في مواجهة "أوبك+"، دون التشكيك أو تقويض الدور القيادي الأكبر للسعودية؟.

ثانيًا، ما مقدار التنسيق الذي سيتم التسامح معه مع بدء المنافسة الاقتصادية؟ هل سيوافق كلا البلدين على تجزئة الخلافات في فترات الخلاف، أم أنهما سيسمحان لعلاقاتهما بالتحول إلى التوتر؟.

ثالثا، كيف ستؤثر التطورات المحلية والإقليمية والعالمية المتغيرة بسرعة على تصوراتهم للتهديدات والمكانة الجيوسياسية؟

ستشكل هذه العناصر المترابطة ملامح العلاقات السعودية الإماراتية وستفرض مستويات مقبولة من التعاون والاختلاف مستقبلا، وسيتم حل الخلاف النفطي الحالي بسبب -وليس رغم- الوعي بالديناميكيات المتغيرة في العلاقة السعودية الإماراتية.

وسوف تستمر هذه الديناميكيات في التأثير على الجانبين في الوقت الحالي، وبعد ذلك ستؤثر على اتجاه الشرق الأوسط الأوسع.

 

المصدر |  بدر السيف - كارنيجي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد