خطة بن سلمان للنقل والخدمات اللوجستية تصعد المنافسة مع قطر والإمارات
تعد التصريحات الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، بشأن خطط تحويل المملكة إلى مركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية يربط بين القارات، بمثابة نقلة إلى مستوى آخر في جهود المملكة كي تحل محل الإمارات وقطر كعنوان مفضل في هذا القطاع بالشرق الأوسط.
إذ تهدف خطط الأمير "محمد"، التي تشمل بناء مطار جديد للعاصمة الرياض، وإنشاء شركة طيران وطنية جديدة إلى جانب الخطوط الجوية السعودية، وهي شركة طيران رائدة في المملكة حاليا، إلى إبراز المملكة على الخريطة العالمية كمركز شرق أوسطي على مفترق طرق آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وحاليا، تعد الإمارات، بدعم من شركة "طيران الإمارات" و"موانئ دبي العالمية"، مركزا للنقل والخدمات اللوجستية في المنطقة.
فموانئ دبي العالمية تتعامل مع 10% من حركة الحاويات العالمية في العالم، وتدير حوالي 80 ميناءً، إضافة إلى محطات بحرية وبرية في أكثر من 40 دولة.
بينما تحتل "طيران الإمارات" المرتبة الخامسة عالميا بين شركات الطيران من حيث عدد الدول التي تخدمها، والمرتبة الرابعة من حيث قيمة العلامة التجارية وأعداد رحلات الركاب المجدولة وأطنان الشحن.
أما "الخطوط الجوية القطرية" فجعلت الدوحة منافسا قويا كمركز لحركة الطيران بالمنطقة.
وتحظى "طيران الإمارات" بالميزة التنافسية عندما يتعلق الأمر بعدد الدول التي تخدمها وعدد الكيلومترات المقطوعة للشحن.
ومن المرجح أن تتواصل لفترة طويلة "ميزة المحرك الأول" (دخول السوق أولا واكتساب ثقة العملاء) التي تتمتع بها "طيران الإمارات" و"الخطوط الجوية القطرية"، لكن تجاوزها ليس مستحيلا.
وينطبق هذا أيضا على الخطوط الجوية التركية، الناقل الرئيسي الآخر في الشرق الأوسط، مع طموحات مماثلة لـ"طيران الإمارات" و"الخطوط الجوية القطرية".
قال الأمير "محمد" إن "الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية" تستهدف النهوض بالمملكة لتصبح بالمرتبة الخامسة عالميا في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية.
وتخدم "الخطوط الجوية السعودية" حاليا وجهات في 39 دولة. وبموجب خطة الأمير "محمد"، فإنها ستلبي احتياجات الحجاج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، بينما تركز شركة الطيران الجديدة على المسافرين من رجال الأعمال والسياح.
وبالمقارنة، تخدم "الخطوط الجوية القطرية" ما لا يقل عن 160 وجهة للركاب والشحن، بينما تخدم "طيران الإمارات" 139 وجهة، وتتصدر "الخطوط الجوية التركية" القائمة بـ 200 وجهة دولية.
كما يستهدف الأمير "محمد" رفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 مليون طن سنويا؛ عبر تطوير البنية التحتية للموانئ، وتعزيز تكاملها مع خطوط الشحن وشبكات السكك الحديدية والطرق في البلاد.
كما سيتم في إطار الخطة زيادة مجموع أطوال السكك الحديدية من 5330 كلم حاليا إلى 8080 كلم، بما يضمن ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بتلك الموجودة على البحر الأحمر.
قال الأمير "محمد" إن خطته صُممت لتحسين مؤشر الأداء اللوجستي للمملكة لتكون ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم؛ حيث تحتل حاليا المرتبة الـ55.
ولفت إلى أنه يأمل في أن زيادة إسهام قطاع النقل والخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 10%، بزيادة 4 نقاط عن الإسهام الحالي البالغ حوالي 6%.
إن جهود الأمير "محمد" لتحويل الجاذبية الجيوسياسية والبنية التحتية والاقتصادية والتجارية في الشرق الأوسط إلى المملكة هي جزء من استراتيجية "رؤية 2030"، التي تهدف إلى خلق فرص عمل، وتنويع الاقتصاد السعودي، وإعادة تموضع البلاد على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وقال الأمير إن إطلاقه لخطة النقل والخدمات اللوجستية تأتي كون هذا القطاع "محورا رئيسيا في برامج رؤية المملكة 2030، وقطاعا حيويا ممكِّن للقطاعات الاقتصادية، وصولا لتحقيق التنمية المستدامة".
يبدو أن "رؤية 2030" تعمل بمقياس واحد وسط علامات استفهام حول نهج المشاريع الكبيرة لولي العهد مثل "نيوم"، وهي مدينة مستقبلية بقيمة 500 مليار دولار على البحر الأحمر.
وتراجعت البطالة بين السعوديين إلى 11.7% في الربع الأول من العام الجاري مقابل 12.6% في الربع الرابع من العام الماضي، وهو أدنى مستوى لها منذ نحو 5 سنوات.
لكن معدل البطالة لا يروي سوى جزء من القصة. فلم يكن الانخفاض في معدل البطالة يُعزى بالكامل إلى خلق فرص العمل في بلد يحتاج إلى خلق ما لا يقل عن 150 ألف وظيفة جديدة سنويا للحفاظ على معدل البطالة ثابتا. كان ذلك جزئيا نتيجة انسحاب السعوديين من القوى العاملة.
فقد أفادت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة بأن مشاركة القوى العاملة السعودية تراجعت من 51.2% في الربع الرابع من العام الماضي إلى 49.5% في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وهو أكبر انخفاض منذ الانكماش الاقتصادي في 2017.
يأتي توسع الأمير "محمد" في المنافسة مع الإمارات وقطر وتركيا على النقل والخدمات اللوجستية في أعقاب تحركات سابقة تشمل تحدي مكانة الإمارات كمقر إقليمي للأعمال الدولية، والإعلان عن خطط لتشغيل الموانئ الإقليمية ومحطات الحاويات، والتركيز على الرياضة كأداة للقوة الناعمة، من بين أمور أخرى عن طريق المزايدة على حقوق استضافة كأس العالم 2030.
إن طموحات الأمير "محمد" لا شك فيها. فيما يرفع تصعيد المنافسة على المواقع الإقليمية المخاطر أمام ترجمة طموحات ولي العهد في نهاية المطاف إلى إنجازات ملموسة.
المصدر | أوراسيا ريفيو/جيمس م. دورسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد