هل تنجح السعودية وإيران في تجاوز خلافاتهما والتوصل لتسوية سياسية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1682
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أجرى مسؤولون إيرانيون وسعوديون محادثات في بغداد الشهر الجاري لمناقشة القضايا العالقة بين البلدين، بما في ذلك الهجمات الأخيرة التي شنها المتمردون الحوثيون على منشآت البنية التحتية في السعودية. وكان لرئيس الوزراء العراقي دور فعال في ترتيب هذه المحادثات.
ومع انتشار الخبر، نفى السعوديون إجراء محادثات مع إيران، وكذلك فعلت وسائل الإعلام القريبة من طهران. لكن وزارة الخارجية الإيرانية، التي رفضت تأكيد أو نفي التقارير، قالت إن إيران ترحب بالمحادثات مع السعودية.
وفي هذه المرحلة، من الصعب التنبؤ بما إذا كانت المحادثات الجوهرية ستجرى بين الخصمين القديمين ما يؤدي إلى انخفاض كبير في التوترات الثنائية والإقليمية.
كان الصراع الإيراني السعودي، المستمر منذ الثورة الإسلامية عام 1979، مكلفًا لكلا الدولتين وزاد من عدم الاستقرار في منطقة شاسعة تمتد من أفغانستان إلى سوريا ولبنان.
وفي لبنان، كان الخلاف سببا رئيسيا في تكرار الأزمة الحكومية. وفي سوريا، ساهمت الدولتان في إطالة أمد الحرب الأهلية من خلال دعم الفصائل المتناحرة.
كما عانى العراق من هذه المنافسة، فبعد وقت قصير من الغزو الأمريكي عام 2003، أطلقت السعودية وإيران ودول أخرى منافسة شرسة على النفوذ هناك. لقد أنشأوا ومولوا الميليشيات المتنافسة، التي تحدت الحكومات العراقية المتعاقبة وأغرقت البلاد في حرب أهلية، لذلك ليس من المستغرب أن يكون رئيس الوزراء العراقي هو من سيبدأ الحوار بين طهران والرياض. ويمكن أن يؤدي التوصل إلى حل وسط بين الطرفين إلى تحسين البيئة الأمنية في العراق إلى حد كبير.
في الواقع، يمكن للحوار السعودي الإيراني الناجح أن يساعد في حل مجموعة متنوعة من الصراعات في الشرق الأوسط. لكن من المهم أن نلاحظ أن معظم هذه الصراعات لها أسباب داخلية أيضًا، وقد تأثرت بالتنافسات الأخرى بين الدول. على سبيل المثال، تعتبر تركيا والإمارات لاعبين رئيسيين في العراق، كما أن أنقرة منخرطة بعمق في سوريا، بينما تعد الإمارات أيضا لاعبا رئيسيا في اليمن.
وبالتالي، فمن غير المرجح أن يؤدي الحوار والتسوية السعودية الإيرانية الناجحة إلى إنهاء النزاعات الحالية بسرعة. ومع ذلك، يمكن أن تقلل من شدتها وتحسن احتمالات الحل.
وهناك عدة عوامل تستدعي التفاؤل الحذر بشأن آفاق الحوار السعودي الإيراني. أولاً، فشلت كل من طهران والرياض في تحقيق طموحاتهما الإقليمية، ووصلوا إلى طريق مسدود في معظم الساحات. وكانت النكسة الأكثر أهمية وتكلفة للسعودية هي حرب اليمن. فقد توقعت الرياض تحقيق نصر سريع من شأنه أن يعزز نفوذها في الشرق الأوسط. وبدلاً من ذلك، أصبحت المملكة غارقة في حرب لا يمكن الانتصار فيها، مع استمرار دعم إيران للحوثيين.
في غضون ذلك، عانت إيران من انتكاسات في العراق وسوريا. وبينما لا تزال طهران تتمتع بنفوذ كبير في بغداد، فإن العديد من العراقيين استاءوامن التدخل الإيراني، بالإضافة إلى أن البلاد أصبحت ساحة للمواجهة الأمريكية الإيرانية. ولا يريد العراقيون الاعتماد كثيراً على إيران، على أمل إقامة علاقات متوازنة مع طهران والعواصم العربية الكبرى.
وفي سوريا، تحاول روسيا طرد إيران بعد استخدام مواردها البشرية والاقتصادية لدعم نظام "الأسد". كما أن مغامرات إيران الإقليمية جعلتها عرضة لعقوبات أمريكية غير مسبوقة أدت إلى خنق اقتصادها. ولم تعد إيران تمتلك الموارد المالية لمواصلة استراتيجياتها السابقة.
باختصار، يحتاج كلا البلدين إلى تحرير نفسيهما من أزماتهما الإقليمية، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن تساعد إيران والسعودية بعضهما البعض. ولا يمكن لإيران ببساطة إجبار الحوثيين على الموافقة على حل وسط ضد مصالحهم، كما لا تستطيع السعودية حماية إيران من خصومها المحليين. ولكن إذا قام كلا الجانبين بإثناء حلفائهم ووكلائهم عن العمل ضد الآخر، فإن فرص حل النزاعات الحالية ستزداد.
ثانيًا والأهم هو تغير الأولويات العالمية والإقليمية للولايات المتحدة في ظل إدارة "بايدن". ففي مواجهة تحديات من الصين وروسيا، تعيد الولايات المتحدة تقييم التوزيع العالمي لأصولها العسكرية وتعيد التفكير في استراتيجيتها الشاملة.
ويعكس قرار الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر/أيلول 2021 هذه العقلية. وكلما كان ذلك آمناً، تود الولايات المتحدة أيضًا تقليص وجودها العسكري في العراق والخليج. وقد يكون هذا أحد أسباب رغبة إدارة "بايدن" في تقليل التوترات مع إيران من خلال الجولة الجديدة من المحادثات غير المباشرة حول الاتفاق النووي.
ويبدو أيضًا أن الولايات المتحدة تبتعد عن دعمها المطلق للسعودية. وبدون هذا الدعم الشامل، سيتعين على الرياض الحد من طموحاتها الإقليمية والتوصل إلى حلول وسط مع المنافسين.
في غضون ذلك، لن تكون إسرائيل راضية عن أي انفراج محتمل بين إيران والسعودية. وعلى مدى عقود، استخدمت إسرائيل التهديد الإيراني لتحسين علاقاتها مع دول الخليج العربية، ولديها الآن علاقات دبلوماسية مع البحرين والإمارات. لكن السعودية امتنعت حتى الآن عن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ومع وجود علاقات أقل عدائية بين إيران والسعودية، ستخسر إسرائيل ورقة مساومة تستخدمها لترسيخ علاقاتها مع دول الخليج. وفي ضوء تغير أولويات الولايات المتحدة، بما في ذلك الرغبة في إحياء الاتفاق النووي، قد ترى الرياض أنه من الأفضل التوصل إلى تسوية مؤقتة مع طهران وعدم الاعتماد كثيرًا على العلاقات مع إسرائيل، حتى وإن كانت غير الرسمية.
وبالنظر إلى الخلافات العميقة بين الرياض وطهران، فإن الوصول إلى تفاهم هو احتمال صعب. وحتى مع وجود شكل من أشكال التسوية السعودية الإيرانية، فإن مشاكل الشرق الأوسط لن تختفي. لكن ستزداد فرص الحد من النزاعات الجارية.

المصدر | شيرين هانتر/ ميدل إيست آي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد