قطر: نختلف كليا مع النشاطات المشبوهة للسعودية والإمارات
إسلام الراجحي
اتهم وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، السعودية والإمارات، بدعم أنشطة مشبوهة في عدد من الدول، بهدف زعزعة الاستقرار، لافتا إلى أن بلاده ترفض هذه السياسة.
وذكر الوزير القطري، في مقابلة مع تلفزيون "CNBC" الأمريكي، مساء الأحد، أنه لا بوادر لحل الأزمة الخليجية القائمة منذ أكثر من عام ونصف، متهما دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بتعطيل النقاش.
واعترف وزيرالخارجية القطري بأن بلاده تواجه موقفا حرجا، بسبب وقوعها بين السعودية وإيران من ناحية، وبين الولايات المتحدة وإيران من ناحية أخرى.
نشاطات مشبوهة
وقال الوزير إن الرياض وأبوظبي ترعيان عددا من الأنشطة المشبوهة في الصومال واليمن وليبيا، بهدف زعزعة استقرار المنطقة، فضلا عن حالات قمع الناشطين والانتهاكات الحقوقية التي تمارسها السلطات الأمنية في دول الحصار ضد مواطنيها.
وأضاف: "نحن اختلفنا في الماضي مع السعودية بخصوص عدد من سياساتها، واليوم نحن نختلف معها في عدد من توجهاتها السياسية، عندما يحاصرون قطر، وعندما يواصلون الحرب على اليمن بدون سبب، والطريقة التي احتجزوا بها رئيس الوزراء اللبناني (سعد الحريري)".
ولفت إلى أن هذه السياسات هي "سبب نشوب الاضطرابات في المنطقة، حيث أسهمتا الرياض وأبوظبي عبر سلسلة من القرارات في عدم الاستقرار بالمنطقة".
وتابع: "لذا فهما مسؤولتان عن الاضطرابات المتزايدة في الشرق الأوسط".
كما اتهم وزير الخارجية القطري، السعودية والإمارات بتجنيد مئات المقاتلين من المتمردين وأعضاء في الجماعات الإرهابية للقتال بصفوف التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.
واتهم أيضا الإمارات بدعم الصراع في ليبيا وتزويد الجماعات المسلحة بالسلاح عبر الطائرات جوا في عام 2017، بالإضافة إلى دعم عناصر وميليشيات في إقليم أرض الصومال، بهدف تغذية الصراع مع الحكومة الصومالية، مشددا على أن سياسة بلاده تختلف كليا عن هذه السياسات.
واعترف أن "السعودية دولة كبيرة لها تأثير ودور كبير"، لافتا إلى أن هذا "يجعل أخطاءها السياسية ذات تأثير سلبي على المنطقة".
وأكد أن "تلك الدول تحتاج أن تراجع سياستها لما يخدم مصلحة المنطقة".
وقال: "على سبيل المثال إيران جزء من منطقتنا.. سواء كنا نتفق مع سياستهم أو نختلف لا يعني ذلك أننا لا نشارك ونبقى فقط في مواجهة.. من خلال وكلاء في اليمن، وسوريا، والعراق ولبنان".
الأزمة الخليجية
وحول الأزمة الخليجية، قال إنه "لا يوجد تقدم بعد، لحل الحصار المفروض على قطر".
وأضاف: "في الاجتماع الأخير لمجلس التعاون الخليجي الذي عقد في الرياض، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى تجاوز الأزمة والجلوس إلى طاولة الحوار، غير أن المؤكد أن دول الحصار تعطل النقاش الذي يهدف إلى حل الأزمة".
وأشار إلى أن هناك مباحثات بين السعودية والكويت حول إمكانيات حل الأزمة "غير أن الموقف الواضح، أنه لا يوجد تقدم في موقف دول الحصار لحل الخلاف القائم، فيما تحافظ قطر على موقفها وتدعم الوساطة الكويتية".
وجدد وزير الخارجية القطري دعم بلاده لمجلس التعاون، وقال: "قطر لم تتغيب أبدا عن المشاركة في أنشطة وفعاليات مجلس التعاون الخليجي".
وذكر بأن أمير الكويت دعا في ديسمبر/كانون الأول 2017، زعماء الدول الخليجية إلى الاجتماع للتباحث في المسائل العالقة، غير أن دول الحصار بعثت بممثلين لها.
وتساءل: "لماذا يتوقع أن يلبي أمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني)، الدعوة لحضور قمة الرياض، إلى جانب دول الحصار، في حال لم يتم احترام دعوة ومبادرة أمير الكويت في السنة الماضية".
وتابع: "في كل الأحوال أرسلت قطر ممثلا عالي المستوى لتمثيلها في القمة الخليجية".
وكان نائب وزير الخارجية الكويتي "خالد الجارالله"، شدد على أن "قطر لم تحرق مراكب العودة إلى المصالحة على الإطلاق، ولن تحرقها، وهذا ما أكدته أجواء قمة الرياض الخليجية بمشاركة قطرية كانت محل ترحيب من قبل دول مجلس التعاون كافة، وكانت توحي لمؤشرات إيجابية لاحتواء الخلاف مستقبلا".
وسبق أن قال الوزير، أن بلاده ما زالت تعول على الكويت وقوى إقليمية أخرى في المساعدة على حل الأزمة.
وعن الدور الأمريكي في حل الأزمة، أوضح الوزير القطري، أن الإدارة الأمريكية تلعب دورا مهما في الوساطة لحل الأزمة الخليجية، لاسيما أن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) قام بعدد من الاتصالات وبعث برسائل عديدة لدول الحصار من أجل حل الأزمة، "غير أن هذه الجهود وجدت الرفض، من قبل دول الحصار".
وأضاف: "إلى اليوم تستمر الولايات المتحدة في الدفع والتشجيع على رفع الحصار والالتزام بالحوار، ولكن لم يسجل أي تقدم في الموضوع، لأنه ليس هناك التزام حقيقي لحل المشاكل والقضايا المطروحة".
والسبت الماضي، قال أمير قطر إن موقف بلاده لم يتغير في قضية الأزمة الخليجية، مؤكدا ضرورة "وقف الحصار المفروض وحل المشاكل عبر الحوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
اتهامات مرسلة
واعتبر وزير الخارجية القطري، أن اتهام بلاده بدعم الإرهاب والتطرف وغيره من السيناريوهات التي يتم تكرارها "لا معنى لها"، وقال: "ما حدث في السنة ونصف الماضية جعل الناس يعرفون من يدعم الإرهاب".
وأضاف: "في اليمن، عندما دُفِعَت الأموال لتنظيم القاعدة لمغادرة المكان وادعاء الانتصار، أليس دعما للإرهاب؟.. وزعزعة الاستقرار في الصومال أليس إرهابا؟.. إنه إرهاب".
إيران
وحول العقوبات الأمريكية الأخيرة المفروضة ضد إيران، قال الوزير القطري: "إننا لا نشجع الإجراءات الأحادية ضد أي دولة، العقوبات ليست هي السبيل لحل المشكلة".
وأضاف: "نشجع الولايات المتحدة على العودة إلى إعادة التفاوض وإيجاد حل دبلوماسي مع إيران، لأننا لا نستطيع تحمل تصعيد آخر في منطقتنا".
وتابع: "يمكنك أن تتخيل وضعنا في قطر، نحن بين إيران والسعودية، وكلاهما يتنافس، وأيضا إيران والولايات المتحدة، والولايات المتحدة لديها علاقة قوية جدًا مع قطر وهذا الوضع يضعنا في وضع غير مريح".
"الجزيرة"
وحول تداخل السياسة الخارجية القطرية مع قناة "الجزيرة" الفضائية، قال وزير الخارجية القطري، إن "هناك ادعائين أولا، أن الجزيرة مدفوعة بالسياسة القطرية، والآخر أن الجزيرة توجه السياسة الخارجية القطرية"، قبل أن يضيف: "كلاهما خطأ ولا صحة له".
وتابع: "شبكة الجزيرة هي منصة إعلامية هامة وحرة في المنطقة، لأنها حصلت على المساحة الكافية لحرية العمل والاستقلالية للتعبير وطرح القضايا الهامة في المنطقة، وهذا ما يطرح كذلك وجوب تحمل نتائج هذا العمل".
أما سياسة قطر الخارجية، بحسب الوزير، "فهي مدفوعة من قبل مؤسسات الدولة وتؤمن أساسا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحل النزاعات بشكل سلمي، ومقاومة الإرهاب والتطرف، وأهمية إحلال السلم والأمن، واحترام المعايير الدولية والقانون الدولي ودعم الحوار لحل القضايا الراهنة في المنطقة".
المصدر | الخليج الجديد