باكستان وماليزيا.. كيف تقوض صناديق الاقتراع النفوذ السعودي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2601
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 يحمل نجاح حزب "حركة الإنصاف" الباكستاني وزعيمه عمران خان رسائل إلى الداخل والخارج، ويتردد صدى هذا النجاح خبرا سيئا خصوصا في المملكة العربية السعودية التي يقبع نواز شريف حليفها في إسلام آباد بالسجن بتهم فساد أفقدتها أيضا حليفها نجيب عبد الرزاق في ماليزيا قبل أسابيع عبر صناديق الاقتراع.
فبعد طول انتظار يصل نجم الكريكيت العالمي عمران خان (52 عاما) -الذي ولج الحياة السياسية رسميا عام 1995 من بوابة اللعبة الأكثر شعبية في باكستان- إلى الصفوف الأولى في المشهد السياسي الباكستاني متفوقا على الأحزاب العريقة والتقليدية.
نتائج الانتخابات التشريعية في باكستان كرست مشهدا سياسيا جديدا أزاح من المقدمة مبدئيا الأحزاب القديمة حزب الرابطة الإسلامية وحزب الشعب الباكستاني، وأقام توازنات مختلفة داخليا رغم وجود احتجاجات ورفض للنتائج.
وستنعكس هذه النتائج بلا شك على العلاقات الخارجية، إذ ستجد السعودية التي احتفظت دائما بعلاقات "تاريخية" مع باكستان من بوابة الجيش والأحزاب التقليدية (الشعب والرابطة) نفسها مع شريك جديد في باكستان أقرب إلى الاختلاف معها.

مرحلة الشكوك
وفيما يسود الحذر والترقب الأوساط الرسمية بين البلدين جاءت تغريدة الأمير السعودي خالد بن عبدالله آل سعود تعليقا على فوز عمران خان وحزبه "الله يستر منه، يقال إنه ذنب من أذناب طهران" معبرة عن استياء من فوز حزب "حركة الإنصاف" وخسارة الحليف نواز شريف.
ويستحضر الإعلام السعودي الرسمي عمران خان على أنه المناهض للسياسات السعودية و"خصم لها"، خصوصا في مسألة موقفه من حرب اليمن ومعارضته الشديدة لمشاركة قوات باكستانية في الحرب السعودية هناك، وإجهاض تحركات رئيس الوزراء نواز شريف في البرلمان في هذا السياق.
ومقابل وصف الأمير خالد بن عبدالله آل سعود عمران خان سبق لصحيفة عكاظ الرسمية أن وصفته عام 2016 بأنه "مندوب قم في إسلام آباد"، وذلك في إشارة إلى علاقاته مع إيران ورفضه الحرب السعودية في اليمن.
ورغم خلاف الرياض مع نواز شريف بشأن الموقف من أزمة حصار قطر وعدم انخراط إسلام آباد بشكل كامل في حرب اليمن -بحكم الرفض البرلماني- فإن السعودية تعتبر شريف وحزبه "الرابطة الإسلامية" حليفا مأمونا في ظل التحولات السياسية الباكستانية وصعود شخصيات وأحزاب داعية إلى التغيير ومكافحة "الفساد"، وهي الدعوات التي أسقطت حليفها نجيب عبد الرزاق في ماليزيا.
وتنظر المملكة إلى تصريحات عمران خان المتشددة تجاه واشنطن، التي تعتقد أنها تمنح باكستان من أجل القتال لمصلحتها، بكونها مؤشرات على إمكانية وضع الرياض في سلة واحدة مع الولايات المتحدة، وعدم ممانعته التقرب من إيران التي تسعى الرياض وواشنطن لحصارها.
ومنذ ستينيات القرن الماضي تحتفظ الرياض وإسلام آباد بعلاقات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية وطيدة عندما وقعتا اتفاقية عسكرية أرسلت باكستان بموجبها جنودا لحماية المملكة (1969)، كما دعمت السعودية باكستان في نزاع كشمير، وهي أحد أهم داعميها الاقتصاديين، لكن هذه العلاقات بدأت تعتريها شكوك داخلية في البلدين وأخرى خارجية.
وتخشى المملكة أن تؤدي سياسات رئيس الوزراء المنتظر "غير المنضبطة" إلى إبعاد باكستان أكثر عن دائرة التأثير السعودي المباشر عبر تنويع الشراكات والعلاقات، ورفض الإملاءات السياسية المبنية على العلاقات التاريخية التي تروج لها الرياض.
ورغم أولوية الملف الاقتصادي يرى عمران خان أن إسلام آباد ستكون أكثر راحة بإقامة علاقات مع كل من السعودية وإيران، وهو الموقف الذي عبر عنه أيضا الجيش الباكستاني، لكن الرياض تعتقد أن هذا الموقف يضع باكستان في دائرة "خسائرها".

دومينو الخسائر
والشكوك السعودية المحيطة بصعود عمران خان في باكستان تأتي بعد أسابيع من سقوط حليفها رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبدالرزاق وملاحقته بتهم فساد، بينها تلقي أموال من الرياض، وانتخاب السياسي المخضرم المناوئ لها مهاتير محمد (93 عاما) رئيسا للوزراء، فلم تستطع الهبات السعودية "الخاصة والعامة" إنعاش حليفها عبدالرزاق وإبقائه رئيسا لوزراء البلاد، إذ عاد مهاتير محمد رئيسا للوزراء بعد الانتخابات العامة في مايو/أيار الماضي، وهو الذي لطالما اعتبر أن السعودية ليست شريكا مناسبا.
ويرى مراقبون أن اتهام اثنين من حلفاء السعودية في أكبر البلدان الإسلامية في آسيا (إضافة إلى إندونيسيا) بالفساد -وهما نجيب عبدالرزاق ونواز شريف- يشير إلى أن صناديق الاقتراع المقرونة بتوجهات لمكافحة الفساد في بلدان كثيرة تقوض عمليا النفوذ السعودي الذي "عشش" لعقود في تلك الدول الإسلامية بجنوب شرق وآسيا وغربها.
ويرى آخرون أن المملكة تراهن أساسا في هذه الدول وغيرها على النخب القديمة المرتبطة بها ماليا واقتصاديا وبالتالي سياسيا، وأن أي رياح تحول جديدة -بما فيها الانتخابات الديمقراطية- في هذه البلدان ستأتي بنخب جديدة وتوجهات ومواقف مختلفة لديها شكوك عميقة في الأجندات السعودية.
وإضافة إلى دور قضايا الفساد التي تورطت فيها النخبة المالية للمملكة (نجيب عبدالرزاق ونواز شريف نموذجا) في تآكل نفوذ المملكة فإن المتغيرات السياسية في السعودية نفسها وارتدادات حرب اليمن الخاسرة ومواقف الرياض الرسمية من القدس والتطبيع والقضية الفلسطينية أضعفت المملكة في مناطق ودول تعد هذه القضايا -شعبيا- جوهرية في تحالفاتها وعلاقاتها.

المصدر | الجزيرة نت