يدلين يُلخّص مؤتمر ميونيخ: “صفقة القرن” أقّل من دولةٍ وسيطرة إسرائيليّة أمنيّة كاملة وأمام تل أبيب فرصةً تاريخيّةً لعقد تحالفاتٍ مع أعداء إيران العرب
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
رأى الجنرال احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، عاموس يدلين، أنّه تبينّ له من المؤتمر السنويّ للأمن، الذي عُقد الأسبوع الماضي في ميونيخ، والذي شارك فيه، رأى أنّ الصورة التي تُشكّل تحديًا عالميًا للأمن العالميّ تشمل الخلافات حول المناخ، الاقتصاد، المجتمع والتكنولوجيا، التنافس المُعقّد بين القوى العظمى، مُشدّدًا على أنّ أزمة الصواريخ في كوريا الشماليّة هي الأكثر أهميةً بالنسبة للدول التي شاركت في المؤتمر، والتي تؤمن إيمانًا قاطعًا بضرورة حلّه على وجه السرعة لتفادي المخاطر التي يحملها في طيّاته، على حدّ تعبيره.
يدلين، الذي يرأس مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والذي يُعتبر في الدولة العبريّة، أهّم مركز للأبحاث ودراساته تؤثر بشكلٍ أوْ بآخر، على صنّاع القرار في تل أبيب، يدلين أضاف في استعراضه لانطباعاته من المؤتمر أنّ الشرق الأوسط بالنسبة للمجتمع الدوليّ يحتل مكانًا ثانويًا في مركز الاهتمامات، وبشكلٍ خاصٍّ للولايات المُتحدّة الأمريكيّة التي تصّب جلّ اهتمامها على ما يجري في جنوب آسيا، مُشدّدًا على أنّ تأثير واشنطن على الحلبات القريبة، أيْ إسرائيل، سوريّة ولبنان هو ضئيل للغاية.
مع ذلك، أضاف الباحث-الجنرال الإسرائيليّ قائلاً إنّ سوريّة تحولّت من ساحة حربٍ أهليّةٍ إلى حلبة مواجهة بين القوى العظمى والدول المُجاورة، مُحذّرًا من أنّ ذلك قد يؤدّي إلى نشوب حربٍ بين هذه الدول. وأشار يدلين إلى أنّ القضية الفلسطينيّة بقيت على هامش الاهتمام، إنْ كان ذلك يصُبّ في صالح إسرائيل أمْ لا، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ مسار الصدام العسكريّ المُباشر بين إسرائيل وإيران بات واضحًا وجليًا، وذلك بسبب إصرار إيران على التمركز عسكريًا في سوريّة من ناحية، وإصرار إسرائيل بالمُقابل على منع الجمهوريّة الإسلاميّة من التموضع في هذا البلد العربيّ، الذي تربطه الحدود المُشتركة مع الدولة العبريّة، على حدّ تعبيره.
وأكّد يدلين على أنّ الأزمة بين كوريا الشماليّة وأمريكا تقُضّ مضاجع صنّاع القرار الذين شاركوا في المؤتمر، مُعتبرًا أنّها الأزمة الأكثر خطرًا على الأمن والسلم العالميين، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ واشنطن لا تأخذ على محمل الجدّ الـ”مصالحة” بين كوريا الشماليّة ونظيرتها الجنوبيّة، لأنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب عاقدة العزم على منع كوريا الشماليّة من امتلاك صواريخ عابرة للقارّات والتي ستُهدد المدن الأمريكيّة.
وأشار يدلين أيضًا إلى أنّه من خلال محادثاته مع مسؤولين وخبراء من جميع أصقاع العالم في المؤتمر عينه، تبينّ له أنّ السواد الأعظم منهم يؤمن بأنّه إذا اندلعت المواجهة العسكريّة بين كوريا الشماليّة وبين أمريكا، سيكون هذا الحدث الأخطر على الأمن العالميّ منذ الحرب العالميّة الثانيّة، مع وجود إمكانيةٍ عاليةِ لاستخدام السلاح النوويّ، بحسب قوله.
ونقل يدلين عن عضوٍ في الكونغرس الأمريكيّ قوله له: الحرب مع كوريا ستكون مُوجعةً، ولكنّها بالمُقابل ستكون قصيرةً، لافتًا إلى أنّ الصين هي التي تملك مفاتيح حلّ الأزمة الخطيرة، لكنّها ليست على استعدادٍ لمنح واشنطن هذه المفاتيح، دون الحصول على مقابلٍ إستراتيجيٍّ مهّمٍ يخدم أمنها القوميّ، مُشيرًا إلى أنّ بكين تُحمّل واشنطن وبيونغ يانغ المسؤولية عن اندلاع الأزمة الخطيرة بينهما.
وأكّد أنّ القضية الفلسطينيّة كانت هامشيةً جدًا خلال المداخلات والمباحثات التي جرت في المؤتمر، لافتًا إلى أنّ القضية الفلسطينيّة باتت تهّم منظمات بدون تأثير وقديمة جدًا مثل جامعة الدول العربيّة، وأضاف أنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ناشد بمنح فرصةٍ للسلام بقبول صفقة القرن، أيْ مبادرة ترامب، مؤكّدًا أنّ إسرائيل، بحسب نتنياهو ستمنح الفلسطينيين أقّل من دولةٍ مع حكمٍ ذاتيٍّ، ولكن دون التنازل عن السيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة، مُعتبرًا أنّ أقوال نتنياهو جاءت ضمن الردّ الرسميّ لتل أبيب على محاولات الفلسطينيين نقل الرعاية على المفاوضات من الولايات المُتحدّة إلى هيئةٍ دوليّةٍ أخرى، بحسب تعبيره.
وخلُص إلى القول إنّ التبعات التي استُشفت من المؤتمر على البيئة الإستراتجيّة الإسرائيليّة تؤكّد على وجود فرصة تاريخيّة لتطوير علاقات إسرائيل مع الدول العربيّة التي تُعارض ما أسماه الهيمنة الإيرانيّة على منطقة الشرق الأوسط، لافتًا إلى أنّ هذه الفرصة تمنح إسرائيل إمكانية ترسيخ دولتها، ويجب عليها القيام ب”خطواتٍ إيجابيّةٍ” تجاه الفلسطينيين، الأمر الذي سيكسر الحاجز أمام التحالف مع أعداء إيران من العرب، على حدّ قوله.