«و. بوست»: دعوة «بن سلمان» للإسلام المعتدل مجرد دعاية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2555
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير الخليج الجديد
 أعلن ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، الثلاثاء الماضي، أنه يريد العودة بالمملكة إلى «الإسلام المعتدل».
وأثار التصريح الآمال بأن المملكة شديدة المحافظة ستستمع أخيرا إلى المنتقدين الذين يطالبون منذ فترة طويلة بمزيد من الحريات والتسامح، لكن آخرين حذروا من أنه ليس من الواضح على الإطلاق ما هو «الإسلام المعتدل» الذي ترغب فيه المملكة العربية السعودية. وفي الواقع، قد يكون الإعلان مجرد خطوة لتعزيز اقتصاد المملكة، وليس انقلابا حقيقيا على الممارسات القديمة.
وأشار الأمير «محمد» في تصريحاته، الثلاثاء، في مؤتمر صحفي وفي مقابلات، إلى أنه ملتزم بمكافحة التفسيرات المتطرفة من الإسلام، والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية.
وقال في المؤتمر الذي حضره مستثمرون عالميون: «تقل أعمار 70% من السعوديين عن 30 عاما. وبصراحة، لن نضيع 30 عاما من حياتنا في مكافحة الأفكار المتطرفة، بل سوف ندمرها الآن وعلى الفور».
وفي مقابلة لاحقة مع «الغارديان»، اتهم بشكل غير متوقع إيران، العدو الشيعي للسعودية، لدورها في دفع المملكة نحو الوهابية، ذلك التفسير الذي تروج له الرياض محليا وخارجيا.
وقال الأمير «بن سلمان»: «ما حدث في الأعوام الثلاثين الماضية ليس حقيقة السعودية. وما حدث في المنطقة خلال الثلاثين عاما الماضية ليس حقيقة الشرق الأوسط. بعد الثورة الإيرانية عام 1979، أراد الناس استنساخ هذا النموذج في بلدان مختلفة، وكانت واحدة منها هي السعودية. لم نعرف كيف نتعامل مع ذلك. وانتشرت المشكلة في جميع أنحاء العالم. وقد حان الوقت للتخلص منها».
ولكن الدولة السعودية متجذرة بعمق، وارتبطت ارتباطا وثيقا مع الوهابية السنية. وكان «محمد بن عبد الوهاب»، الزعيم الديني الذي أسس الوهابية منذ ثلاثة قرون مضت، حليفا رئيسيا لـ«محمد بن سعود»، الذي يعتبر على نطاق واسع مؤسس الدولة السعودية.
ومع تأسيس الدولة السعودية الحديثة في القرن العشرين، أصبح الإسلام دين الدولة، مع عمل جميع رجال الدين تقريبا لتعزيز الوهابية المحافظة التي تدعمها الدولة وتدعمها الحكومة.
وتم الترويج لهذا التفسير من الإسلام على نطاق واسع في البلدان الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل جيوب عميقة للدولة السعودية.

شكوك
وأثار هذا الانتقاد الملكي المفاجئ للممارسات الدينية في المملكة شكوكا لدى منتقدي القيادة السعودية.
وقالت «مضاوي الرشيد»، وهي باحثة في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن السعودية ليست واحدة من تلك البلدان التي تحولت من الإسلام المعتدل إلى المحافظ، لكنها كانت استثناء.
وقالت «الرشيد»: «هي حالة فريدة من تحول الدين الراديكالي ليصبح الدين الرسمي للدولة وروايتها الرسمية».
وحذرت من أن الحكومة السعودية قد سجنت رجال الدين السعوديين الذين حاولوا «تقديم إعادة تفسير للنص الإسلامي، مثل كيفية ربط الإسلام بالديمقراطية على سبيل المثال».
وتساءلت «الرشيد» عما إذا كانت الإصلاحات الدينية المعلنة ستنفذ حقا. وقالت: «إن الإعلانات موجهة بالتأكيد لاجتذاب المستثمرين وخلق مناخ جيد للمملكة التي عانت من سمعة سيئة للغاية».
وقال «سيباستيان سونس»، الزميل في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، والذي يركز على العلاقات مع السعودية: «من غير الواضح كيف يبدو الإسلام المعتدل في السعودية، ولكن أعتقد أن ما يحاول محمد بن سلمان تحقيقه هو إرسال رسالة علاقات عامة بأنه حليف للغرب في الحرب ضد الإرهاب، وأنه يعمل على الوصول إلى مستقبل حديث».
وحاول الأمير البالغ من العمر 32 عاما، تقديم نفسه كشخصية مفضلة لدى المواطنين الأصغر سنا في المملكة، الذين هم أقل تمسكا بالمحافظة الدينية من الأجيال الأكبر سنا، ويواجهون معدلات بطالة مرتفعة بشكل غير متناسب.
وكانت تصريحاته، الثلاثاء، حول الإسلام في المملكة، جزءا لا يتجزأ من الإعلان عن إقامة مدينة مستقبلية جديدة في غرب المملكة بالقرب من الحدود الأردنية والمصرية.
وتم تمويلها لتكون مركزا لشركات التكنولوجيا، وسيتم تمويل المدينة بـ 500 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية في المملكة. وهي جزء من خطة إصلاحية كبرى، أطلق عليها اسم «رؤية 2030»، يقودها ولي العهد بنفسه، لتنشيط الاقتصاد.

مدفوع بالحاجة
ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد السعودي ركودا هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي، بعد أن انخفضت أسعار الطاقة العالمية بأكثر من 50%. واعتمدت المملكة منذ فترة طويلة على ارتفاع أسعار النفط كمصدر رئيسي للدخل. ومع الهبوط المفاجئ وغير المتوقع، اضطرت قيادة المملكة إلى إجراء إصلاحات جذرية في إطار زمني قصير قبل نحو 3 أعوام.
وقد تكون الحاجة إلى الإصلاحات جاءت بالفعل على عكس بعض مواقف القيادة العليا السابقة على الأقل. وفي الشهر الماضي، فاجأت المملكة العالم عندما أصدرت مرسوما ملكيا طال انتظاره بالسماح للنساء بالحصول على تراخيص القيادة. وفي ذلك الوقت، تم تفسير هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها علامة على أن دعاة الحداثة داخل الحكومة السعودية قد اكتسبوا نفوذا أمام المتشددين.
وتعتبر السعوديات متعلمات تعليما جيدا، لكنهن عاطلات عن العمل، وأصبحت مشاركتهن في القوة العاملة هدفا رئيسيا من أهداف برنامج الأمير للإصلاح.
ويتعرض المتشددون السعوديون لضغوط متزايدة للموافقة على مثل هذه المقترحات، حيث أصبح موقف المملكة يزداد صعوبة في مواجهة المشاكل الاقتصادية.
وإذا فشلت هذه الإصلاحات، فقد تضطر المملكة في نهاية المطاف الاعتماد على احتياطياتها من المال، وفرض المزيد من إجراءات التقشف، مما يشكل خطرا سياسيا كبيرا على قيادة المملكة. وبعد عقود من الإحجام عن تبني التغييرات الاجتماعية أو الاقتصادية، يبدو أن المملكة الآن تسعى إلى تحقيق كلتا الخطتين، نظريا على الأقل.
وقال «سونس»، في إشارة إلى تبعية المرأة للرجل في المملكة: «لا يعني هذا أن السعودية سوف تتحول إلى نوع من المجتمع التعددي تماما، حيث يتعايش أتباع الديانات المختلفة على قدم المساواة. ولا توجد دلائل على أن القمع الذي تتعرض له الشيعة سيتوقف، أو أن الدولة ستنتهي من نظام الولاية».
وأضاف: «وعلى الرغم من أن رجال الدين السعوديين قد أصبح لديهم تأثير أقل بكثير اليوم مما كانوا عليه قبل 10 أو 15 عاما، وكان رد فعلهم هادئا تجاه الإصلاحات، لا أستطيع أن أتخيل أن ولي العهد سيخاطر بالتخلي تماما عن هذه الأساسيات». وقد يكون استمرار القمع ضد الشيعة في المملكة، والرسائل المعادية لإيران، على سبيل المثال، استرضاء لرجال الدين الوهابيين. كما أن امتناعهم عن النقد العام قد يكون بسبب المخاوف من الاعتقال.
وقالت «الرشيد»، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط: «إن إصلاح الإسلام لا يعني ببساطة السماح للنساء بالقيادة أو ارتداء البيكيني».

المصدر | ريك نواك - واشنطن بوست