تل أبيب: منذ مطلع العام 2000 تزداد المصالح المشتركة للسعوديّة مع إسرائيل
من الناحيتين الإستراتيجيّة والاقتصاديّة واتفاق سلامٍ بينهما سيكون علامة مفصليّة في تاريخ المنطقة
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
رأى المُستشرق الإسرائيليّ، يارون فريدمان، في مقالٍ نشره بموقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنيت (YNET) رأى أنّ المؤتمر الإسلاميّ الذي انعقد في العاصمة السعودية، الرياض، يوم الأحد الماضي، بمشاركة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، هو فرصة لسلامٍ شاملٍ، ولكنّه بالمُقابل هو أيضًا خطرًا على المدى البعيد في حال تم تفويت هذه الفرصة، وأضاف قائلاً إنّ الرئيس ترامب نقل رسالة مهمة في الحقيقة عبر القيام برحلة مباشرة علنية من الرياض إلى مطار بن غوريون (اللد) في إسرائيل، بحسب تعبيره.
وأضاف المُستشرق الإسرائيليّ قائلاً إنّه على الرغم من الارتياح في السعودية في أعقاب الدعم غير المحدود للرئيس الأمريكيّ الجديد في المملكة وموقفها الواضح ضدّ إيران، إلّا أنّ المعطيات في إسرائيل لا تُبشّر بالخير. مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّه لا يمكن توقع تغييرًا في العلاقات الإسرائيليّة-الفلسطينيّة يسمح بتقدّمٍ سياسيٍّ مرتقبٍ، على حدّ تعبيره.
وأشار الموقع، نقلاً عن محافل إسرائيليّةٍ رفيعة المُستوى، طلبت عدم الكشف عن اسمها لحساسية الموضوع، إلى أنّ المملكة العربيّة السعودية طرحت في مطلع العام 2000 مبادرة سلام شامل وكامل، لكن حتى الآن لم يطبق أي اقتراح ولم يُناقش بجدية من قبل الأطراف. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، تزداد المصالح المشتركة للسعودية مع إسرائيل من الناحيتين الإستراتيجيّة والاقتصاديّة.
واعتبر الموقع أنّ ما أسماها بالثورات في العالم العربيّ أظهرت مساعي إيران في زيادة تأثيرها في المنطقة كقوةٍ شيعيةٍ، مُشدّدًا في الوقت ذاته على أنّ لدى إسرائيل والسعودية مخاوف مشتركة من قوة إيران المتزايدة. وساق قائلاً إنّ روسيا هي حليف إيران والنظام السوريّ أيضًا الموالي لإيران. وخلافاً لذلك، أوضح المُستشرق، إسرائيل والسعودية هما الحليفتان الأهم للولايات المتحدة في المنطقة. كلاهما شريكتين أساسيتين، إسرائيل على المستوى الإستراتيجيّ والسعودية على المستوى الاقتصاديّ بشكلٍ خاصٍّ.
ووفقًا للمُستشرق فريدمان، فإنّ إسرائيل والسعودية مهددتان ليس فقط من قبل العالم الشيعيّ وأذرع إيران- حزب الله والحوثيين في اليمن، إنما أيضًا عبر منظمات إرهابية سنية مثل حماس وتنظيم “الدولة الإسلاميّة”، كما أكّد
وتابع الكاتب قائلاً إنّ السلام مع السعودية يمكن أنْ يشكل نقطة تحول في العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة. ربمّا في الحقيقة خلافاً لكل الفرص، أوضح، أصل المفاوضات مع الفلسطينيين يمكن أنْ تؤدي إلى تقدم مع دول الخليج والسعودية. ولفت إلى أنّه يبقى أنْ نذكر أنّ المفاوضات مع الفلسطينيين في اتفاقية أوسلو التي فشلت في نهاية المطاف، هي التي سمحت بحصول اتفاق سلام مع الأردن تمّ خلالها التوقيع عليه، بحسب تعبيره.
ورأى أنّه مع الأسف الشديد، وعلى الرغم من التهديد الإيرانيّ الذي يشمل إسرائيل والعالم السنيّ، فإنّ الشروط السياسيّة هي اليوم أسوأ ممّا كانت عليه في فترة اتفاق أوسلو، لأنّه على الرغم من التصريحات الجميلة في الإعلام، لا توجد عمليًا إرادة أوْ رغبة بين زعماء الطرفين في النزاع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ للتوصل إلى اتفاق، والوصاية السعودية لا تستطيع المساهمة في الدفع قدمًا بالسلام.
بناءً على ذلك، شدّدّ المُستشرق فريدمان، وبسبب قرار المحور السنيّ اشتراط التقدم الدبلوماسيّ على المستوى العربيّ الشامل بالتقدم على المستوى الفلسطينيّ، فإنّ مبادرة ترامب على الأغلب ستفشل مثل المبادرات التي سبقتها، مبادرة أوباما، وبوش، وكلينتون وغيرهم.
ومع ذلك، تابع قائلاً، فالسلام مع السعودية يمكن أنْ يشكل منعطفًا في علاقات إسرائيل بدول المنطقة. وربما، وخلافاً لكل التوقعات، فإنّ المفاوضات مع الفلسطينيين يمكن أنْ تؤدي إلى منعطف مع دول الخليج ومع السعودية.
وتابع قائلاً إنّ قرارات القمة الإسلاميّة في الرياض كانت موجهةً ضدّ إيران وضدّ إرهاب داعش. ووقعت السعودية مع الولايات المتحدة اتفاقات غير مسبوقة لشراء سلاح. وستقيم القمة في السنة المقبلة “الائتلاف الاستراتيجي الشرق أوسطي” الذي ستكون قيادته في الرياض. وسيبلغ عديد القوة العسكرية في البداية 34 ألف جندي، وستكون مسؤولة عما يسمى “إحلال السلام”، و”محاربة الإرهاب”. وستشكل هذه القوة عمليًا استمرارًا مباشرًا للائتلاف السابق الذي أنشأه السعوديون لمحاربة الحوثيين في اليمن، الذين يهددون طرق النفط. صحيح أن أهداف هذه القوة تبدو إيجابية على المدى القصير، لكن لا أحد يعرف ماذا ستكون أهدفها في السنوات المقبلة، أكّد المُستشرق الإسرائيليّ.
وأشار إلى أنّ السعوديّة تحرص على عدم إقامة علاقات علنية مع إسرائيل، وعلى الصعيد الدعائي، يصوّر رجال الدين في السعودية إسرائيل بشكل لا يقل سلبية عما تفعله إيران، وهذا الواقع، بالإضافة إلى قوة رجال الدين في الدولة السعودية التي أقيمت بالاستناد إلى الأيديولوجية الوهابية المتطرفة، يطرحان علامات استفهام بشأن جدية اقتراح “السلام الكامل”. بالإضافة إلى ذلك تقرر في قمة الرياض تشكيل قيادة في الرياض “لمحاربة التطرف وتشجيع التعاون والتسامح بين الأديان”. فهل يمكن التعامل بجدية مع قرار من هذا النوع في دولة تطبق فيها قوانين الشريعة الإسلامية؟
وفي الجانب الفلسطينيّ، قال إنّ رئيس السلطة عبّاس لا يستطيع أنْ يلتزم أمام إسرائيل بالسلام مع غزة التي لا يسيطر عليها، وحتى “حماس″ ليست مستعدة أبدًا للاعتراف بالاتفاق بين السلطة وإسرائيل على أساس حدود 1967، لأنّها لم تغير مواقفها الجهادية منذ قيامها.