تل أبيب: التجارة مع دول الخليج تزداد والسعودية تُشكّل سوقًا قويًا جدًا وأرباح الشركة الإسرائيليّة التي تحرس آبار النفط تصل سنويًا إلى 7 مليارات دولار
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
موقع (المصدر) الإسرائيليّ بات مرسالاً غيرُ رسميٍّ لوزارة الخارجيّة في تل أبيب لتمرير الرسائل السياسيّة، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة وغيرها إلى الوطن العربيّ. فهذا الموقع، المُقرّب جدًا من خارجيّة الدولة العبريّة، يقوم تباعًا بنشر أخبارٍ باللغة العربيّة تتعلّق بالعلاقات بين إسرائيل وبين دولٍ عربيّةٍ لا تُقيم علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ علنيّةٍ مع تل أبيب، والهدف من وراء هذا النشر هو كيّ الوعي العربيّ واستدخال الهزيمة، والتأكيد مرّة تلو الأخرى على تفوّق إسرائيل في جميع المجالات على الدول العربيّة. والطامة الكبرى أنّ الدول العربيّة المقصودة تلتزم صمت أهل الكهف، ولا تنبّس ببنت شفة حول النشر، ربمّا لأنّه صحيح ودقيق. ومع ذلك، نجد في “رأي اليوم” أهميةً بالغةً في تحذير القارئ العربيّ من هذه الأنباء، والاطلاع عليها بحذرٍ وتروٍ وتأنٍ.
وقالت مُراسلة الموقع، ياردين ليخترمان، إنّ غطاءً كبيرًا من السرية يُلقي بظلاله على العلاقات التجارية بين شركاتٍ إسرائيليّةٍ وشركاتٍ عربيّةٍ، وهناك سبب جيد لذلك، فرغم أن الحديث يدور عن علاقات تجارية فقط، إلا أن الشك تجاه الإسرائيليين كبير. يكشف مدير عام شركة “عرب ماركت” إليران ملول عن نشاط شركته الواسع، الذي ينجح غالبًا بفضل السرية تحديدًا.
وبحسبها، يرتكز نشاط ملول في التجارة مع شركات مجلس التعاون الخليجيّ، بالإضافة إلى الأردن ومصر. وفق أقواله، تُعقد التجارة مع الدول العربيّة تحت غطاء ثقيل من السرية، حتى أنّ دولة إسرائيل ليست لديها معطيات دقيقة حول حجمها.
ما هي مجالات التجارة بين الإسرائيليين والعرب؟ وفق أقوال ملول، تُجرى التجارة في مجال التكنولوجيا والمواد الصناعية الخام، إضافة إلى مجالاتٍ سريّةٍ أخرى. لم يكن هذا السؤال هو الوحيد الذي حظي بإجابة قصيرة، فلم يحظَ أيضا السؤال: كيف بدأت أعماله التجارية مع العالَم العربي؟ بإجابةٍ موسعةٍ، بل تضمنت العبارة عن طريق تناقل “الأخبار بين الأشخاص”.
لمزيد الدهشة، شدّدّ الموقع، فإنّ العرب هم الذين يتوجهون ويبادرون أكثر. بالمُقابل، يتغلب الخوف على حب الاستطلاع لدى الإسرائيليين. وبما أنّ ملول يعمل في هذا المجال منذ 8 أعوام، يتعرض في أحيان كثيرة إلى صعوبة في عقد صفقات بسبب الشكوك طويلة السنوات بين الإسرائيليين والعرب. فمن جهة، هناك شركات إسرائيلية منتجاتها ملائمة للبيع في الدول العربية، ولكنها ليست مستعدة لإرسال عمالها إلى هذه الدول، ومن جهة أخرى، هناك شركات إسرائيلية نجحت بـ “التمتع″ بالتجارة مع العالم العربيّ، وباتت ترغب في عقد المزيد من الصفقات معه.
وبشكلٍ شخصيٍّ، يشير ملول إلى الدولة ذات الاحتمال المرتفع للمبادرين الإسرائيليين وفق اعتقاده، ويقول: تشكل السعودية سوقًا قويًا جدًا، يُعتبر سوقها صعبًا في الواقع، ولكنّه السوق الأهم في الخليج، ولديها احتمال مرتفع من حيث حجم التجارة مع الإسرائيليين، على حدّ قوله.
وتابع: تؤثر الأحداث الدبلوماسيّة والأزمات السياسيّة في نشاطات المجتمَع، ولكن ملول يقول إنّ هذا يؤثر بشكلٍ أساسيٍّ في الصفقات الجديدة، لكنها لا تؤثر في الصفقات الجارية، موضحًا أنّه رغم عدم الاستقرار السياسيّ في الشرق الأوسط، فإنّ حجم نشاط شركته آخذ بالازدياد سنويًا، وأضاف: نتابع عملنا التجاري أثناء الأزمات أيضًا، فمنذ البداية نعرف أننا نعمل في مجال معقّد وحساس، لذلك نحن مستعدون لكل السيناريوهات.
وشدّدّ الموقع على أنّ ملول يُحافظ جدًا على خصوصية زبائنه طيلة المحادثة وعلى عدم الكشف عن تفاصيل قد تعرضهم للخطر، وقد منحت له هذه السرية شهرة جيدة في الدول العربية، هناك حالات كان في وسعنا توفير مبالغ مالية تصل إلى عشرات تكاليف الإنتاج على مصنع عربي باستخدام التكنولوجية الإسرائيلية، ولكن رجل الأعمال العربي يتساءل “ما الفائدة من توفير أربعة ملايين دولار، إذا بدأ الزبائن بمقاطعة منتجاتي والتشهير بسمعتي بعد صفقة كهذه؟”. إحدى المهام الخاصة بشركتنا “عرب ماركت” هي ضمان السرية حول عقد الصفقة، “هذا هو السبب في أنكم لم تسمعوا عن شركتنا حتى يومنا هذا”.
وهناك أفضلية لدى الإسرائيليين مقارنة بالأوروبيين، وهي القرب الجغرافي بين إسرائيل ودول الخليج، وبحسبه، تصل البضاعة التي تخرج من إسرائيل خلال عشرة أيام تقريبًا إلى كل مكان في الشرق الأوسط. بالمقابل، إذا اشترت إحدى الدول العربية بضاعة من أوروبا فإنّ وصول البضاعة إليها قد يستغرق شهرًا حتى شهر ونصف.
وقالت المُراسلة إنّه أثناء المقابلة سألته إذا كانت اتفاقيات السلام المستقبلية بين إسرائيل والدول العربية ستلغي الحاجة إلى خدمات شركته، ردّ: لسنا بحاجة إلى اتفاقية سلام للعمل، ولكنها لن تؤثر في مصالحنا التجارية، بل على العكس. سنواصل نشاطنا على أي حال، حتى وإنْ أغلِقت غدًا المعابر الحدودية، بحسب قوله.
بقي أنْ نُشير إلى أنّ شركة إسرائيليّة أمنيّة تعمل في حراسة آبار النفط في الخليج ربحت في السنة قبل الأخيرة مبلغ 7 مليارات دولار. وكان محلل الشؤون الأمنيّة والعسكريّة يوسي ميلمان، وهو من أكثر المقربين للمنظومة الأمنية في تل أبيب كشف النقاب عن أنّ شركة “AGT ) Asia Global Technology)” السويسرية، التي يديرها رجل الأعمال الإسرائيلي – الأمريكي ماتي كوخافي، فازت بعقد بملايين الدولارات، لبناء مشاريع للحفاظ على الأمن الداخلي في دولة الإمارات. وأضاف أنّ قائد سلاح الجو الإسرائيليّ الأسبق، إيتان بن إلياهو، كان يعمل في الشركة، التي تقوم بتشغيل كبار القادة السابقين في الشاباك الإسرائيليّ، وفي شعبة الاستخبارات العسكريّة بالجيش الإسرائيليّ (أمان).
كما كشفت معلومات خطيرة عن شركة أمن إسرائيليّة تحرس العديد من المؤسسات العربيّة وتُقدّم الحراس الشخصيين لكثير من المسؤولين العرب، وأنّ شركة (G4S) الأمنية التي تنتشر في العالم العربي تساند الاحتلال الإسرائيليّ. واعترفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ضمنًا، في تقرير نشرته مؤخرًا، بعمل شركة أمنٍ إسرائيليّةٍ في الإمارات لتدريب وتأهيل مقاتلين وحراس لآبار النفط ومواقع حساسة أمنيًّا، ونشرت الصحيفة صورًا لمدربين إسرائيليين تحت أسماء أوروبيّة وغربيّة مستعارة، خشية انكشاف هويتهم الإسرائيليّة وتعريض حياتهم للخطر.