الصومال تطلب وساطة السعودية لإقناع الإمارات وقف بناء قاعدة عسكرية على أراضيها
طلبت السلطات الصومالية، تدخل السعودية، لإقناع الإمارات، بوقف إقامة قاعدة عسكرية في الصومال، في مدينة بربرة على ساحل خليج عدن، الواقعة داخل دولة «أرض الصومال» غير المعترف بها دوليا.
وكشفت تقارير صحفية عن طلب الرئيس الصومالي «محمد عبد الله محمد فرماجو»، بوساطة السعودية لإقناع الإمارات، بعدم المضي قدما في خطتها لإقامة قاعدة عسكرية في الجمهورية الانفصالية «أرض الصومال».
ونقل موقع «يلا أفريقيا»، عن مسؤول في الحكومة الصومالية، شارك في وفد الرئيس الصومالي إلى السعودية، قوله إن «فرماجو» طلب من المسؤوليين السعوديين إقناع دولة الإمارات بالعدول عن إنشاء القاعدة العسكرية.
وكان الرئيس الصومالي، زار السعودية، الخميس الماضي، في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه رئيسا، حيث التقى الملك «سلمان بن عبد العزيز» في العاصمة الرياض، وناقشا سويا التعاون الثنائي وآخر التطورات في المنطقة.
ويشير التقرير إلى أن «فرماجو»، ناقش مع ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان بن عبد العزيز»، مسألة القاعدة العسكرية الإماراتية في اجتماع حضره وزير الشؤون الخارجية «عادل الجبير»، وعدد من كبار المسؤولين السعوديين.
رفض صومالي
وقبل أسبوعين، أعلنت حكومة الصومال، رفضها اتفاقا بين دولة الإمارات وجمهورية «أرض الصومال»، المعلنة من جانب واحد، بشأن إنشاء قاعدة عسكرية على ساحل خليج عدن.
وقال المدقق العام التابع للحكومة الفيدرالية في مقديشو «نور فرح»، إن حكومته ستتقدم بشكوى رسمية ضد الإمارات، متهما إياها بـ«انتهاك القانون الدولي».
كانت جمهورية «أرض الصومال» أعلنت انفصالها عن باقي أراضي الصومال عام 1991، لكن المجتمع الدولي لا يعترف بها كدولة مستقلة.
وأعرب «فرح» عن أسفه لأن الإمارات تعاملت مع الإدارة الموجودة في أرض الصومال مباشرة.
ويوجد لدى الإمارات منشأة عسكرية في ميناء عصب بأريتريا، وتستخدمها في الحملة العسكرية التي تستهدف الحوثيين في اليمن.
ونقلت وكالة أنباء «أسوشيتدبرس» الأمريكية عن رئيس أرض الصومال «أحمد محمد سيلانو» قوله لأعضاء البرلمان في الإقليم إن هذه «القاعدة ستسهم في توفير مئات الوظائف».
وصوت 144 نائبا في البرلمان لصالح منح الإمارات حق تأسيس القاعدة في بربرة، بينما رفض نائبان فقط وامتنع آخران عن التصويت.
نفود إماراتي
والعام الماضي، وقعت شركة إماراتية اتفاقا مع «أرض الصومال» بلغت قيمته 442 مليون دولار لتطوير ميناء بربرة من أجل استخدامه في أغراض عسكرية، بعدما كان يُستخدم بشكل أساسي لتصدير الماشية لمنطقة الشرق الأوسط.
وحصلت الإمارات، عن طريق شركة «دي بي وورلد» التابعة لإمارة دبي، على حق إدارة ميناء بربرة أهم موانئ «أرض الصومال» بعقد يمتد لـ30 عامًا.
وسبق أن ذكر مصدر خليجي مطلع لوقع «الخليج الجديد»، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن دولة الإمارات، قامت بالحصول على عقود إيجار طويلة الأجل للموانئ في جمهورية شمال الصومال غير المعترف بها، كما باتت تدير الأوقاف الإسلامية هناك ضمن مخطط لتعزيز تواجدها وتقسيم الصومال.
ولا تقتصر مكتسبات الإمارات من هذا الأمر على مكسبها الاستراتيجي بسيطرتها على واحدٍ من أهم موانئ البحر الأحمر في القرن الأفريقي، أو العائد الاقتصادي من وراء ذلك الأمر، بل إن كون «أرض الصومال» تملك احتياطيًا واعدًا من النفط يتنازع عليه العديد من الأطراف الدولية والمحلية، فإنّ إدارتها لميناء بربرة وسعيها نحو السيطرة على باقي الموانئ يجعلها الأوفر حظًا للاستفادة من ذلك النفط، وكل ذلك على حساب وحدة الصومال، حيث لن تحصل الإمارات على كل هذه الامتيازات مع صومال موحد.
وبالرغم من الموقف المعلن للإمارات بتأكيد وحدة الصومال، ورعايتها لمبادرة مصالحة بين أطراف الأزمة الصومالية، بتوقيع الأطراف على ميثاق دبي للمصالحة بعد محادثات في لندن واسطنبول، سعت الإمارات لتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية داخل «أرض الصومال» على حساب الوحدة المزعومة، عبر نشاط إعلامي واقتصادي وسياسي إماراتي خلال العامين الماضيين، لم يلعب أبدًا في جانب الوحدة.
وروج الإعلام الإماراتي خلال العامين الماضيين لدولة «أرض الصومال» غير المعترف بها دوليًا، كأرضٍ للاستقرار والثقافة والديمقراطية.
كما كشف «أحمد محمد سيلانو» رئيس «أرض الصومال» في يونيو/ حزيران 2015، عزم الإمارات إنشاء مشاريع ضخمة في «صوماليلاند» شمال جمهورية الصومال الاتحادية، كما أكد وزير خارجيته «محمد بيحي يونس»، ان «الإمارات تساعد أرض الصومال في مجالات عديدة وعلى رأسها إعادة إعمار وتنيمة مجالات التعليم، والمستشفيات، وتوليد الطاقة والصرف الصحي للمياه ، بالإضافة إلى تعبيد الشوارع الرئيسية في مدينة هرغيسا (العاصمة) والمناطق المحيطة بها».
قواعد خليجية
يشار إلى أنه مع اندلاع الحرب في اليمن، في خريف العام 2014، سعت بعض دول الخليج الغنية، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، ولأول مرة في تاريخها، إلى بناء قواعد عسكرية خارج أراضيها، في منطقة القرن الأفريقي، وبالتحديد في دول إريتريا وجيبوتي والصومال، القريبة من السواحل اليمنية، ومن خليج عدن، الذي يعد المدخل لمضيف باب المندب الاستراتيجي.
ومستغلة حاجة هذه الدول إلى التمويل مقابل السماح باستخدام أراضيها كقواعد عسكرية، بدأت الإمارات منذ سبتمبر/ أيلول 2015 في بناء قاعدة عسكرية كبيرة شمال غرب مدينة عصب في إرتيريا، حسب صور من الأقمار الصناعية حصلت عليها مؤسسة «ستراتفور».
وجاء ذلك إضافة إلى المنشأة العسكرية التي تستخدمها أبوظبي في ميناء عصب.
وتأتي القاعدة الجديدة، التي تسعى إليها الإمارات، ضمن مساعيها لحيازة نفوذ عسكري كبير في منطقة القرن الإفريقي، والاضطلاع بدور في تأمين مضيق «باب المندب».
حيث يرغب ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان»، في تأسيس قاعدته الجديدة لتقول إن تواجد البحرية الإماراتية هناك هو جزء من استراتيجية إماراتية تسعى إلى دور مباشر بالتوافق مع البحرية الأمريكية والبحرية المصرية في المنطقة، حتى وإن تجاوزت البحرية السعودية، خاصة أن «بن زايد»، يأمل في أن يغير الصورة المعروفة عن البحرية الإماراتية بدعمها للبحرية السعودية في سياق عملية «عاصفة الحزم» العسكرية في اليمن، بحسب ما قالته مصادر لنشره موقع «تاكتيكال ريبورت»، واطلع عليه «الخليج الجديد».
كما أعلنت الإمارات في وقت مبكر من شهر يناير/ كانون الثاني 2016، إعادة فتح سفارتها في جيبوتي، وإعادة العلاقات الدبلوماسية التي تضررت في أبريل/ نيسان من العام الماضي إثر خلافات حول حق الإمارات في إدارة ميناء جيبوتي وفق عقد تم توقيعه بين الجانبين في عام 2005.
ومؤخرا، حصلت الإمارات أيضا، على عقد إيجار لمدة 30 عاما للاستخدام العسكري لميناء عصب في أريتريا إضافة إلى مطار، مع مدرج بطول 3500 متر، يمكن لطائرات النقل الكبيرة من الهبوط عليه.
وقد تحولت إريتريا إلى مقر لحشد وتدريب القوات المدعومة من الإمارات في اليمن.
ولا تزال الإمارات تتشبث بعدن كأبرز مركز لقواتها في اليمن، وهي تحركات تشير في مجملها أن الإمارات تركز أنشطتها في الآونة الأخيرة حول مضيق باب المندب بشكل واضح كما يقول مراقبون.
بينما وافقت جيبوتي «مبدئيا» على إقامة قاعدة عسكرية سعودية على أراضيها تُطل على البحر الأحمر، حسب تصريح لوزير خارجية جيبوتي «محمود علي حسن»، في ديسمبر/ كانون أول الماضي.
وكشف الوزير، آنذاك، أن مسؤولين عسكريين سعوديين وجيبوتيين تبادلوا زيارات جرى خلالها وضع «مشروع مسودة اتفاق أمني وعسكري واستراتيجي»، على أن يتم التوقيع عليه في «القريب العاجل».
وبخلاف دعم أنشطتهما الجارية في اليمن، يكشف سعي كل من الرياض وأبوظبي إلى إنشاء قواعد عسكرية خارج حدودها طموح البلدين في تعزيز تواجدهم العسكري في المنطقة.