السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة.. رغم ملف حقوق الإنسان وحرب اليمن

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1987
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بون ـ متابعات: لم يمنع انخفاض أسعار النفط ولا الانتقادات الكبيرة الموجهة لدول عربية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والتورط في حروب، حصول هذه الدول على أسلحة بكميات كبيرة من دول غربية. فهل تسمو المصالح الاقتصادية على احترام حقوق الإنسان؟
حققت مبيعات الأسلحة في العالم أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة في السنوات الخمس الأخيرة، وذلك بسبب ارتفاع الطلب في الشرق الأوسط وآسيا، حسب الأرقام التي نشرها المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم. فبين عامي 2012 و2016 استحوذت منطقة آسيا وأوقيانوسيا حسب وكالة الأنباء الألمانية على 43 بالمئة من الواردات العالمية من الأسلحة التقليدية من ناحية الحجم، بارتفاع بنسبة 7,7 بالمئة مقارنة بالفترة بين 2007 و2011، بحسب المعهد.
وقفزت واردات دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربية من 17 بالمئة الى 29 بالمئة، متقدمة بفارق كبير على أوروبا (11 بالمئة). السعودية كان لها نصيب الأسد في استيراد الأسلحة في هذه المنطقة وحلت ثانية على المستوى العالمي (بزيادة بلغت 212 بالمئة)، بعد الهند التي لا تملك إنتاجا وطنيا للأسلحة بمستوى عال.
وتجدد هذه المعطيات الجدل القائم حول تصدير الدول الغربية الأسلحة لدول تُوَجه لها في نفس الوقت انتقادات بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع المعارضة بالإضافة إلى أن هذه الأسلحة تستخدم في حروب أخرى كما هو الحال مثلا بالنسبة للحرب التي تشنها السعودية في اليمن.
أرقام مرتفعة رغم انخفاض أسعار النفط
وأوضح معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الإنفاق الدفاعي للسعودية والإمارات هو الأعلى في العالم بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي. وصرح الباحث في المعهد بيتر ويزمان لوكالة رويترز أنه “خلال السنوات الخمس الماضية، توجهت معظم دول الشرق الأوسط أولا الى الولايات المتحدة وأوروبا في بحثها المتسارع عن حيازة قدرات عسكرية متطورة”.
ومع هذه الأرقام، يتضح أن انخفاض أسعار النفط الذي أثر بشكل كبير على موازنات هذه الدول وأجبرها على تطبيق إجراءات تقشف وخفض إنفاق، لم يمنعها من مواصلة التسلح بكميات كبيرة.
ويفسر رشيد أوعيسى أستاذ العلوم السياسية في جامعة هامبورغ الألمانية هذه النقطة في حديث لdw عربية بقوله: “كلما كانت منطقة ما غير مستقرة زاد تسلحها، كما لا ننسى أن هذه الصفقات تتيح للنافذين في هذه الدول أهم الفرص لممارسة الفساد”.
وبالإضافة إلى السعودية والإمارات، سجلت قطر أيضا زيادة بنسبة 245 في المائة في استيراد الأسلحة في الفترة من 2011 إلى 2017. وإلى جانب المقاتلات تسعى دول في المنطقة إلى تطوير أنظمتها الصاروخية وشراء طائرات هليكوبتر ودبابات وطائرات بلا طيار وغيرها لتعزيز أمنها في الداخل والخارج. ويُنتظر أن تعلن الإمارات عن صفقات في معرض آيدكس 2017. وفي معرض 2015 أعلنت اتفاقات حجمها خمسة مليارات دولار بزيادة تصل إلى 30 بالمئة عن حجم الصفقات في عام 2013. وفي هذا السياق قال مسؤول عسكري إماراتي كبير لرويترز إنه سواء كانت أسعار النفط مرتفعة أو منخفضة فإن الدفاع والأمن أمران لا يمكن الاستغناء عنهما ولا يمكن التهاون فيهما.
الجزائر احتلت أيضا مرتبة متقدمة في قائمة مستوردي الأسلحة، إذ تستورد نحو نصف الأسلحة التي تستوردها افريقيا، وتأتي في الترتيب بعد كل من الصين والإمارات العربية. ويقول أوعيسى إن ألمانيا مثلا لم تعد تصدر فقط الأسلحة للجزائر بل أصبحت تصنع دبابات لها. ويضيف أنه يتم التكتم على الصفقات التي تتعلق بالجانب الأمني العسكري ويصعب التحقيق فيها لارتباطها مباشرة بالجيش. ويقول أوعيسى إن هذه الزيادة الكبيرة في الانفاق العسكري لدى الجزائريين مرتبطة بالتنافس مع قوى في شمال افريقيا وبالخصوص مع مصر في الملف الليبي، بالإضافة إلى أن الجزائر تريد أن تكون بوابة الغرب لمنطقة شمال افريقيا ودول الساحل عوضا عن المغرب.
ازدواجية الخطاب
وفي مجال الصادرات احتفظت الولايات المتحدة بالمرتبة الأولى ب33 بالمئة من سوق الأسلحة (زيادة 3 نقاط) أمام روسيا ثم الصين وفرنسا وألمانيا. وتستحوذ هذه الدول الخمس على نحو 75 بالمئة من صادرات الأسلحة الثقيلة في العالم. وجاء تحسن حصة فرنسا في مستوى الصادرات خصوصا بسبب عقود مهمة مع مصر التي اشترت بارجتي ميسترال ومقاتلات رافال. وأشار مسؤول برنامج التسلح في المعهد نفسه اود فلورنت الى ان “المنافسة شرسة بين منتجي الأسلحة الاوروبيين” خصوصا فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
ورغم أن دولا كالسعودية ومصر والإمارات وقطر توجه لها انتقادات حادة من طرف الغرب بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المعارضة وشن حروب تزيد من التوترات في المنطقة إلا أن هذه الدول الغربية هي أبرز من يزودها بالأسلحة. ويعلق أوعيسى على هذه النقطة بالقول :”هناك بالفعل ازدواجية في الخطاب لدى هذه الدول وهذا مرده إلى أن المصالح الاقتصادية تطغى على الجانب السياسي، خاصة أن لوبي الأسلحة لديه نفوذ كبير في هذه الدول. أحيانا يتم تبرير ذلك في ألمانيا مثلا بأن هذا المجال يوفر فرص عمل كثيرة لكن عندما نتحقق من الأرقام نجد أن نسبة من يشغلهم هذا المجال لا يتجاوز 1 بالمائة وهذا رقم صغير”. ويضيف الخبير الجزائري أن هذه الدول تقول بأنها تصدر الأسلحة فقط للدول “الصديقة”، وهنا يطرح السؤال:”كيف يعتبر هؤلاء السعودية دولة صديقة؟”.
جدل في ألمانيا
وأشار مسؤول برنامج التسلح في المعهد نفسه اود فلورنت الى ان “المنافسة شرسة بين منتجي الأسلحة الأوروبيين” خصوصا فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وفي حين أن الولايات المتحدة وفرنسا هما أكبر مزودي الشرق الأوسط بالسلاح، فإن روسيا والصين هما أكبر مزودي آسيا بالأسلحة. ويقول بيتر ويزمان، الباحث البارز بمعهد (سيبري) إن صادرات الأسلحة تعتبر أيضا جزءا من السياسة الخارجية، وتحديدا في حالة الولايات المتحدة، التي تقدم مساعدات عسكرية “بأعداد وأحجام كبيرة”. بينما تختلف دول الاتحاد الأوروبي في الطريقة التي تنظر بها إلى مبيعات أسلحتها.
وقال ويزمان “في فرنسا هناك نقاش محدود للغاية في المجتمع المدني، هناك ضغط محدود في السياسة”، على عكس ألمانيا المجاورة. ويقول أوعيسى إن أزمة اللاجئين أعطت بعدا آخر للنقاش الدائر حول تصدير الأسلحة للشرق الأوسط في ألمانيا. ويوضح ذلك بالقول: “أصبح يتردد بشكل أكبر بأن تدفق اللاجئين إلى ألمانيا هو إحدى نتائج تصدير الأسلحة الألمانية إلى الشرق الاوسط. وأصبح الألمان أكثر وعيا بأن الأسلحة التي يصدرها بلدهم يمكن أن تستخدم ضدهم. كمثال هنا نجد الأسلحة التي تصدر لبعض المجموعات في الشرق الأوسط كالأكراد ثم يعاد بيعها لتنظيم داعش”. وكنتيجة لهذا النقاش في المجتمع الألماني وبين الأحزاب السياسية، يقول أوعيسى إن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أصبح يقترح أن تمر صفقات الأسلحة عبر البرلمان الألماني حتى تكون لها صيغة ديمقراطية. (دوتشيه فيله)