كونسيل فورين ريلاشن: هل ابن سلمان هو جمال مبارك جديد؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1707
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في تقرير الباحث الأمريكي ستيفن كوك لمنظمة مجلس العلاقات الخارجية، والتي تعد خلية تفكير مستقلة، تهدف لتحليل الأوضاع السياسية عالميًّا، تناول التقرير بروز نجم محمد بن سلمان بشدة في السعودية، وصعود اسمه كوريث محتمل للحكم في ظل تقارير عديدة حول الحالة الصحية لولي العهد محمد بن نايف، ووالده الملك سلمان، والذي يدعم صعوده السياسي الحالي، كما يعقد مقارنة بين صعود ابن سلمان، وصعود جمال مبارك في السنوات العشر الأخيرة من حكم حسني مبارك في مصر، وما إذا كانت تلك المقارنة تستحق وضعها في الاعتبار أم لا.
أثارت زيارة محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، إلى واشنطن الأسبوع الماضي الكثير من التساؤلات المعتادة حول ما يحدث في بلاده. أهم تلك الأسئلة هي: هل البلاد مستقرة في الوقت الحالي؟ وهل ولي العهد محمد بن نايف في صحة جيدة؟ وهل تفوق ابن سلمان –نجل الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود- على ولي العهد؟
ربما لا يعرف أحد إجابة هذه الأسئلة بدقة، إلا أن المراقبين والمحليين للوضع السعودي يواصلون محاولاتهم للإجابة عن تلك الأسئلة. يشبّه الكاتب الوضع الحالي بأنه أصعب من وضع الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، حيث كان المحللون يحاولون استنتاج ما يجري خلف أسوار الكرملين، من خلال الصور والمقاطع المصورة التي يظهر فيها من يبدو أقرب من الزعيم السوفيتي في المناسبات العامة، ومن الذي يبتسم من بينهم.
في حالة السياسة السعودية، تختلف طبيعة التكهنات قليلًا، حيث يتحدد الأمر بناءً على ما يشي به حاشية أحد الأمراء أو المسئولين للغرب. وعندما يتعلق الأمر بمحمد بن سلمان البالغ من العمر ثلاثين عامًا فقط، يدور الكثير من الحديث حول مقدار السلطة التي حصل عليها في هذا السن، وخلال فترة قصيرة من الزمن، حيث يتولى ابن سلمان الكثير من المناصب الهامة والبارزة، ومن بينها وزير الدفاع والطيران، ورئيس الديوان الملكي، ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية.
وبالنظر إلى تلك المناصب، يرى الكاتب أن محمد بن سلمان يبدو المرشح الأفضل لخلافة والده، وليس ولي العهد، وأنه يُذكّره بنموذج جمال مبارك، الابن الأصغر للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. وعلى الرغم من الاختلاف الكبير في نشأة وخلفية جمال مبارك ومحمد بن سلمان، وبينما فشل مبارك في نهاية المطاف في إيصال نجله إلى مقعد الرئاسة، في الوقت الذي كان فيه جمال الاسم الأبرز في الحزب الوطني، يبدو أن الملك سلمان يملك الموارد الكافية لتحويل نجله إلى خليفته في الحكم.
يضيف التقرير أن هناك الكثير من التشابهات التي ربما تجعل تلك المقاربة مثيرةً، فكل من محمد بن سلمان وجمال مبارك هو بمثابة الابن المفضل لأبيه، وكلاهما بلا خبرة سياسية سبقت بروزهما السياسي، وتقلدهما تلك المناصب الكبرى، والنقطة الأهم هي أن محمد بن سلمان، تمامًا كسابقه جمال مبارك، يُعَولُ عليه لتحقيق نقلة جديدة لبلاده، وكلاهما قدم نموذجًا لرؤية مستقبلية لبلاده.
هل رؤية 2030 هي كلمة السر؟
بحسب التقرير، فجزء من أسباب سفر محمد بن سلمان إلى واشنطن، وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة، هو الحديث عن ما يعرف بـ«رؤية السعودية 2030» أمام المسئولين والمستثمرين الأمريكيين، وهو المشروع الذي يطمح في أهدافه الكبرى لتحديث وتنويع الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلى تطوير أداء البيروقراطية السعودية، وتخفيض الدعم، وتخفيف القيود الاجتماعية التي تساهم في استمتاع السعوديين ببلادهم، بدلًا من التوجه للبلدان المجاورة أو إلى أوروبا والولايات المتحدة.
أضاف الكاتب أن «رؤية 2030» جاءت مصحوبة بعدة تغييرات من جانب الملك سلمان في مجلس الوزراء لإعطائها الزخم الكافي، ومن بينها تغيير وزير البترول والطاقة، ووزير التجارة والصناعة، وهو ما رأى محللون غربيون أنه جاء بطلب من ولي ولي العهد.
وبحسب تقرير منظمة مجلس العلاقات الخارجية، تتشابه خطة ابن سلمان في أهدافها، بل وفي مضمونها أيضًا مع خطة جمال مبارك التي جاءت لوضع فكر وأولويات جديدة للبلاد. ففي الوقت الذي يركز فيه الكثير من المحللين على تفاصيل «رؤية 2030»، يبدو من الواضح بشدة أن هدف ابن سلمان الأكبر هو جعل السعودية مركزًا عالميًّا للاستثمار والتجارة. ومثل ما عرضه جمال مبارك في مصر عام 2004، يسعى محمد بن سلمان لإعادة هيكلة الطريقة التي تدار بها الأمور في الرياض، وهو ما سيمثل إضافةً كبرى، حيث يرى الكاتب عملية صناع القرار في السعودية ربما تحتاج لإعادة نظر، على الرغم من أنها نجحت في تحقيق الاستقرار لفترات طويلة.
يقول الكاتب إن القادة السعوديين دائمًا ما تعاملوا مع القضايا السياسية الرئيسية من خلال التشاور والتوافق بين أعضاء العائلة المالكة، بالإضافة لاستجابتهم لمطالب زعماء القبائل الكبرى، والالتفات للحساسيات الدينية في القضايا السياسية، كما أنه بالنسبة لهم، وبدون تلك الأمور الأساسية، يصبح تماسك واستقرار المملكة في خطر.
بحسب مجلس العلاقات الخارجية، فقد نحّى محمد بن سلمان هذه العملية جانبًا ومضى قدمًا مع «رؤية 2030»، مهملًا أثر ذلك الأمر في المصالح الراسخة المرتبطة بالوضع الراهن، وهو أمر محفوف بالمخاطر، خاصةً في بلد تهتم فيه العائلة الحاكمة والمسئولون بالحفاظ على التوافق لضمان نصيبهم الخاص.
يقول الكاتب إن ذلك الأمر ربما لا يمثل مشكلة لمحمد بن سلمان مع وجود دعم والده، وهو كل ما يحتاجه في حقيقة الأمر، إلا أنه يظل في صراع مع الزمن، فلا أحد يعلم إلى متى سيعيش الملك سلمان، وخاصةً مع التقارير المتداولة حول حالته الصحية، وهو ما يعني أنه على محمد بن سلمان أن يتحرك بشكل أسرع ليحقق التغيير المنشود، ويؤسس قاعدة من الداعمين في ظل وجود والده.
وفي الوقت الذي يبرز فيه محمد بن سلمان في مواجهة أفراد آخرين من العائلة ومن المسئولين البارزين، لا يعني ذلك أنه قد انتصر بالفعل، فمن الصعب للغاية التنبأ بكل الأمور مبكرًا، كما أنه من الممكن للغاية أن يقف هؤلاء في طريق الخطط الكبرى لمحمد بن سلمان.
هل يحتمل حدوث سيناريو جمال مبارك مع ابن سلمان؟
يُذكّر الكاتب هنا أيضًا بوضع جمال مبارك، والذي بدا من المؤكد أنه سيخلف والده في حكم مصر، مع كونه الأكثر نفوذًا على الساحة السياسية خلال العقد الأخير من حكم أبيه، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمحمد بن سلمان، والذي يبدو أقرب لأن يكون ملك السعودية القادم من ابن عمه، ولي العهد السعودي، إلا أنه لا يجب التسليم بهذا السيناريو استشهادًا بما حدث في مصر، حيث لم يصل جمال مبارك أو عمر سليمان –المرشحان الأبرز للحكم- إلى كرسي الرئاسة بعد سقوط نظام مبارك في 2011.
ربما لم يتخيل أحد أن يكون خليفة مبارك من الإخوان المسلمين، إلا أن الكاتب يرى أن السياسات المقترحة لجمال مبارك ربما كانت سببًا في حالة عدم الاستقرار في المجتمع المصري، وللنظام القائم. وبخلاف ما حدث في مصر، لا يملك المنافسون في السعودية القدرة على إطاحة الملك سلمان وابنه من الحكم عسكريًّا، إلا أن ما يملكونه هو محاولة تقويض وإفشال الخطة التي قدمها محمد بن سلمان في محاولة لتقليل فرصه، وفي هذه الحالة، سيعني ذلك المزيد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، والتي ستضاف إلى التطورات السياسية المضطربة بالفعل.
يختتم الكاتب تقريره بالقول بأنه بدلًا من التفكير ما إذا كانت السعودية في حالة استقرار أم لا، فربما حان الوقت لبدء التفكير حول عدم استقرارها النسبي، وبالنظر إلى كم الخطط والمشروعات الاقتصادية السعودية الطموحة التي قُدِمت من قبل وانتهت بالفشل –ومن بينها خطط الملك عبد الله لإنشاء مدن اقتصادية- يجب الأخذ بعين الاعتبار أثر ذلك الفشل.
وفي الوقت الذي تبدو فيه رؤية ابن سلمان كبيرة بالفعل، يظل من المهم للغاية مراعاة تأثير فشل تلك الخطط في حال حدوثه، ليس على محمد بن سلمان فقط، بل على المملكة والشرق الأوسط بشكل أوسع، فعدم استقرار السعودية هو أمر لم يحدث من قبل، ويراهن الكاتب على أنه لن يكون جيدًا على الإطلاق. (ساسة بوست)