مقتل أو اختفاء خاشقجي ، لا تزل تأخذ أبعادها السياسية والاخلاقية والإنسانية ، وقد تكون القشة التي ستقصم ظهر السعودية ، وتستحق هذه الحادثة ومثلها الكثير ، هذه الأضواء التي سلطها العالم ، في المقابل ثمة جرائم إبادة تركتبها السعودية في اليمن بشهادة التقارير الأممية ، وتحدث منذ قرابة أربع سنوات ، وتستحق كل الأضواء أن تسلط عليها أيضا وأن توقفها .
قبل ثلاثة أيام أحيا اليمنيون الذكرى الثانية لمجرزة القاعة الكبرى في العاصمة صنعاء التي اعترف بها التحالف الذي تقوده السعودية ، عللوها حينها بأنه خطأ ، وأي خطأ ! في هذه المجزرة الأليمة التي راح ضيحتها قرابة 700 إنسان ، عندما استهدفت طائرة التحالف صالة عزاء لأحد المسؤولين في حكومة الإنقاذ الوطني اللواء جلال الرويشان سط العاصمة ، ومن بين الشهداء الكثير من السياسيين والصحفيين والاكادميين ، نحن نتحدث هنا عن أكثر من 350 شخص استشهدوا وجمعت أجسادهم أشلاء والبقية جرحى ، وهذه واحدة من بين عشرات المذابح على مسرح العدوان على اليمن ، توقعنا حينها أن الحرب ستتوقف وان التسوية السياسية ستشق طريقها ، وأن اليمن سيخرج من هذا الوجع ، لم يحدث شيئا مما توقعنا ، ولا تزال الحرب تمضي ودون أفق !
قتل جمال خاشقجي عملية مدانة وبلا شك ، وهذا الترقب والتعاطف في مساره الصحيح ، ولفت الجميع إلى حرب منسية تجري في اليمن ، جنوب المملكة السعودية ، ومضاف إليها الجوع ، والتشريد لشعب عربي عريق وعزيز في ذات الوقت لم يثقل العالم والجيران باللجوء ، وفضل البقاء والانتظار لمعجزة الحل السياسي التي تزداد تعقيدا ، وسط حالة من عزوف المجتمع الدولي عن اجتراح حل ، بيد أن الحلول ممكنة ، وسبل التقارب في متناول الجميع إن وجد جهد دولي حقيقي لوقف نزيف الدم
الغريب ، أنه حتى الآن رغم الإدراك والتسليم القاطع بأن الحسم العسكري غير ممكن ، لم تقدم مبادرة عربية واحدة لوقف هذه الحرب ، والعدوان على اليمن، باستثناء مبادرة قدمتها الجزائر في الأشهر الأولى من الحرب ولم تلق تجاوبا ، واكتفى الجميع بالإنتظار للامم المتحدة التي تبدو هي الأخرى عاجزة عن الوصول إلى وقف الحرب وصناعة سلام ، فهل تكون حادثة خاشقجي بوابة للدخول في الحرب على اليمن لوقفها ؟ نتمنى .