النهاية التي نتوقعها للسعودية ومشروع الدولة العربية.. إذا لم تُعقلن السياسات والخطابات وينتهي العدوان على اليمن!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2113
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبدالكريم المدي
بعد أن تخلصّنا من الوحدة السياسية والجغرافية التي تجمع وتوحد شعوبنا العربية ،بدأنا مؤخرا، نُقدم الخدمات الجديدة، الجليلة للعدو الحقيقي ،محاولين التخلُّص من الرابط الأخير المتمثل بوحدة الدين واللغة والثقافة والقيم والمشتركات .
أي منطق يدفعنا إلى تضييق الخيارات على أنفسنا بهذه الطريقة التي نركض معها نحو الموت والبشاعة والهوان، وأي منطق يدفعنا للتخلّي عن قضايانا المركزية الكبرى التي يأتي أقدسها القضية الفلسطينة ،والتفرُّغ لافتراس ذواتنا وإنتزاع أمننا؟
لا شك في أن المسؤلية الكاملة تتحملها الأنظمة العربية/ الإسلامية وعلى رأسها المطلة على الخليج من الضفتين (إيران – السعودية) ومعهم تركيا ، فهذه الأنظمة بالغت في الخصومة وإقحام الدين في السياسة من جهة ،وتناست المخاطرالتي تعصف بالجميع والتي تجعلهم أيضا، عرضة للتفكيك الاجتماعي والإثني والسياسي والجغرافي،من جهة ثانية..
يتعين على كل من ساهم في تعميم الفوضى والكآبة واشعال الصراعات أن يسارع إلى وقف ما يجري ويقوم أولا بإنهاء العدوان السعودي على اليمن وإيقاف الشحن الطائفي وتزويد الأطراف المتقاتلة بما فيها الجماعات المسلحة ودعاة العنف والتنظيمات الإرهابية بالأسلحة والمواقف السياسية والإعلام الموجه والمال واستقطاب الانتحارين والمستعجلين في الوصول إلى الجنة من مختلف الجنسيات .
تساؤلات عديدة لا تتوقف عن القفز إلى عقولنا : هل يعلم الأشقاء/ الأعداء أنهم إذا ظلوا يقامرون بالشعوب ويعاندون الحقائق، مقحمين الدين والطائفية في كل شيء سيخلقون كوارث لا حدود لها يأتي على رأسها غياب الأمن، الذي يعني موت كل الأشياء الجميلة في حياة الإنسان من أحلام وسلام وحريات ،وغياب هذه النعمة لن يتوقف عند أسوار وحدود هذا البلد أو ذاك ، بل ستشمل كل بلدان المنطقة،الغنية والفقيرة ،صاحبة العقالات أوالعمائم وغيرها. وهل يعلم الأشقاء – ايضا – إن اليمن لم تكن يوما طائفية، وقد اثبتت الأحداث التاريخية المتعاقبة إنها تلفظها كما يلفظ البحرالجيف، فالنزعة اليمنية – لِمن لا يعلم – تدعو دائماً إلى حرية الرأي والاختيار واستقلال الفكر،وعلى الرغم من دخول المذاهب إلى اليمن في القرن الرابع الهجري ،ظلت النزعة اليمانية حاضرة وقد تجلت هذه الصفة الحميدة في سلاطينها ( آل حاتم الهمدنيين ) و ( آل يعفر) الذين بقوا أحراراً بفكرهم المستقل غير مقيدين بمذهب أوطائفة معينين، اضف إلى ذلك العَلم/ العالِم الكبير أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني مؤلف الكتاب الشهير( الإكليل ) والعَلم الآخر/ نشوان الحميري .
ونذكّر بهذا الكلام فقط من باب تنبيه من يُصرّون على إقحام الطائفية في اليمن ،و( يفرّسون ) هذا البلد ويمنحونه لإيران .
على أية حال.. لقد أكد لنا العدوان السعودي / العربي على الشعب اليمني وتدمير مقدراته إن هوءلاء منقطعون عن المعاييرالعصرية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ، وعن التفكير بطريقة علمية ، لدرجة إنهم لم يستوعبوا بعد حقيقة ما اقترفوه من ذنب، وكيف أنهم مزقوا هذا الشعب ، وغيره من الشعوب التي فخخوها بالكراهية وبشحنات إستشهادية ،أيديولوجية.
لقد اعماهم التفكير المقلوب عن رؤية الحقائق الحقائق وجعلهم يخسرون بلدا مهما كاليمن الذي كان يعتبر بالنسبة لهم،خزّانا بشريا وعربيا وإنسانيا لن ينضب أو يُعوّض أبدا ، خسروه من خلال سياسة جاهلة، قاموا بما قاموا به بحق اليمن رغم إنه لم يكن يسبب لهم أي تهديد .. أوشكّل عليهم عالة أبدا، لأن الأمر الثابت هو إعتزاز اليمني بنفسه وكثير ما يتميزبكونه حيوي وعملي، ومع هذا ظلوا ينتقصون منه ويحقرونه ويتأففون من فقره ، ولم يكلفوا أنفسهم حتى بتوجيه (1%) للإستثمار فيه، بينما إستثمارات السعودية لوحدها في بريطانيا في العام (2011) بلغت (62) مليار جنيه إسترليني، فما بالنا بمجموع إستثماراتها في بقية الدول شرقا وغربا، وبحجم الإستثمارات الخليجية عموما في بريطانيا وغيرها ؟!
أخلص إلى القول : لقد آن الأوان للإخوة في السعودية الاعتراف بفشل عاصفتهم وسياساتهم الخاطئة في اليمن والمنطقة ، الأمر الذي يستدعي معه سرعة خروجهم بماء الوجه وتوجههم للبحث عن وسائل منطقية تؤدي إلى إعادة تركيب منظومة العلاقات والسياسات والقيم من جديد، وكفى خطابات جنائزية ،طائفية، إستعلائية طغىت عليها دوما المبالغات والتهويل التي فاقت حقائق الواقع والتاريخ .
في الختام أودُّ أن أذكّركم بما اشار إليه الأستاذ / المرحوم / محمد حسنين هيكل في الثلاث السنوات الأخيرة حينما كرر في أكثر من مناسبة خشيته من حدوث فراغ إستراتيجي كامل يمتدُّ من شرق العراق إلى شاطىء المتوسط . وبالفعل نحن اليوم نعيشه بمعظم تفاصيله تقريبا ،خاصة بعد أن نجحت الأنظمة المتصارعة في تحويل الصراع الرئيسي من صراع ( عربي – إسرائيلي ) إلى صراع ( سّنّي – شيعي ) وهذه الكارثة كثيرا ما حذر منها شرفاء الأمة ومثقفوها .
غير أنه كما قال الشاعر : لقد اسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.
كاتب يمني