أميركا تكافئ “السعودية” على نهجها الإجرامي: اتفاقيات دفاعية تثير غضب الحقوقيين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 73
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أفلتت السلطات السعودية من “العقاب” مراراً عن ارتكابها لأفظع الجرائم الإنسانية، وكانت أفظع جريمة قتل ارتكبها هذا النظام بعين الأميركان هو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، خاصة كونه كاتب عامود في صحيفة الواشنطن بوست الأميركية، وهي الجريمة الوحيدة، عدا جرائمها في اليمن وعلى الحدود ضد المهاجرين، التي توجهت على إثرها الإدارة الأميركية بالتوعد للسلطات السعودية بقطع العلاقات معها ليس فقط على صعيد أميركا بل “جعلها منبوذة عالميا”. اليوم مع عودة الحديث عن رفع أميركا حظر بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، يعود إلى الواجهة فكرة “الدلال” الذي تحظى به أذناب أميركا في المنطقة من كيان الاحتلال إلى دول الخليج وعلى رأسهم “السعودية”. فمهما بلغ سمتوى جرائمهم لا يتم إسقاط أحكام العدل الدولية عليهم. أصابع الاتهام تتجه اليوم نحو الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سرعان ما نكس وعده الانتخابي الذي ضربه عام 2019 إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية، وأعاد السعودي إلى حظيرته بعد أن تبيّن أن الأخير مقبل على تقارب صيني- إيراني على المستويين الاقتصادي والسياسي. منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير حديث لها انتقدت إقبال الولايات المتحدة الأميركية على رفع الحظر الذي فرضته منذ سنوات على بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية وذلك بعد أقل من عام على كشف المنظمة أن الجيش السعودي على الحدود مع اليمن يرتكب جرائم قتل ممنهجة واسعة النطاق بحق المهاجرين الإثيوبيين. ينبغي على إدارة بايدن أيقاف تسليح الكيانات المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل السعودية هييومن رايتس ووتش وتابعت المنظمة القول أنه يبدو أن القلق والانزعاج بشأن الجرائم الجسيمة التي يرتكبها السعوديون قد نسي منذ زمن طويل. وبدون المساءلة، ستستمر هذه الجرائم. ومع اتفاقية دفاع جديدة ونية رفع الحظر المفروض على بيع الأسلحة الهجومية، ترسل إدارة بايدن رسالة مفادها أنه يمكن ارتكاب جرائم بشعة، بل وحتى مكافأتها، لتحقيق مكاسب سياسية. ونوّهت هيومن رايتس ووتش أنه على إدارة بايدن الحفاظ على حظرها على الأسلحة الهجومية وإنهاء مبيعات الأسلحة إلى السعودية حتى تتخذ البلاد خطوات هادفة ويمكن التحقق منها بشكل مستقل لإنهاء انتهاكاتها ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب. مؤكدة أنه يجب على إدارة بايدن أيضًا التحرك لتطبيق قوانين ليهي والمعايير المماثلة ضد تقديم المساعدة العسكرية للكيانات المسيئة التي من شأنها تعليق المعدات والأسلحة والتدريب الأمريكي للوحدات المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السعودية وفي أي مكان آخر تُستخدم الأصول الأمريكية لارتكابها. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وبالسياق انتقدت منطمة أميركييون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان بدورها الاتفاق المرتقب، وتقدم المنظمة قراءة لبطلان كل حجج الاتفاق انطلاقا من تعزيز القوة العسكرية السعودية لتمكينها من مواجهة ما يسمّونه “الخطر الإيراني”، حيث رأت المنظمة ان الحقيقة هي أنّ السعودية استفادت لفترة طويلة من مبيعات الأسلحة الأميركية والمساعدات العسكرية والدبلوماسية. وبفضل ذلك، كانت الولايات المتحدة تقوم بالفعل بوضع قيود في هذا المجال على تصرفات الجمهورية الإسلامية، وما من حاجة ملحّة لإضافة المزيد من العناصر إلى استراتيجية الردع هذه. لا بل من خلال تعزيز العلاقات الأمنية مع المملكة، قد تشعر السعودية بحرية أكثر من أي وقتٍ مضى لاتخاذ خطوات عدوانية في السياسة الإقليمية، مما قد يجرّ الولايات المتحدة إلى أعمال عنفٍ لاحقة في المنطقة. علاوةً على ذلك، فإن مساعدة المملكة العربية السعودية في تطوير الطاقة النووية لأغراضٍ مدنية قد تؤدي إلى سباق تسلّح نووي في الخليج الفارسي من خلال زيادة تصوّر التهديد لدى إيران وتزويد السعودية بالمكونات الأساسية لبناء الأسلحة النووية. أما حول الدافع الآخر للاتفاقية المزعومة، وهو إبقاء النفوذ الصيني في المنطقة تحت السيطرة، فتقول المنظمة أن العلاقات السعودية-الصينية القائمة بالفعل، هي متجذّرة في المصالح الاقتصادية القوية والمصالح ذات الطبيعة الأخرى. على سبيل المثال، كانت الصين أكبر شريك تصدير واستيراد للسعودية لسنوات. وبالتالي، لا يبدو أن هذه الاتفاقية ستمنع كلا الشريكين من التعامل بشكلٍ فعّال مع بعضهما البعض في المستقبل. على أي حال، عندما يتم التعامل مع الصين سعيًا لتحقيق مصالحهم الوطنية، سيبقى السعوديون منجذبين إلى تجاهل الصين لأوجه القصور في مجال حقوق الإنسان في الدول الشريكة. أما بالنسبة للهدف الثالث من الاتفاق وهو تطبيع العلاقات بين السعودية وكيان الاحتلال، فرغم أنّ الولايات المتحدة ستحاول الاستفادة من رغبة “إسرائيل” في مواصلة تطبيع العلاقات مع السعودية لإجبارها على تخفيف حربها الهمجية في ​​​​غزة أو التّحرك نحو حل الدولتين، فإن معارضة “إسرائيل” لهذين الهدفين ستجعل أي تطبيع إسرائيلي- سعودي بعيد المنال. كما أنه بات من المعلوم أنّ الرياض دافعت عن ضرورة اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية كعنصر أساسي في أي اعتراف سعودي بإسرائيل. في هذا الصدد، يؤكد معهد كوينسي للحكم المسؤول، أنه إذا كانت إدارة بايدن تريد حقًا ممارسة الضغط على “إسرائيل”، فإن “المساعدات الأميركية الضخمة والغطاء الدبلوماسي الذي توفّره الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” هي مصادر تأثير أكبر ومباشرة أكثر من أي مناورة غير مباشرة تشترك فيها السعودية”. من الأفضل لبايدن أن يأخذ ذلك في عين الاعتبار، لأن الموقف الحالي للولايات المتحدة من الحرب في غزة قد يكلّفه خسارة السباق الرئاسي”. واعتبرت المنظمة أنه ومع ذلك، فإن الاتفاق الأمريكي-السعودي لا يناسب المصالح الإستراتيجية الأميركية فحسب، بل يعرّض للخطر أيضًا الجهود العدّة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. مُذكّرة بأن المواطنين “السعوديّين” لا يتمتّعون بالحقوق السياسية وأنّ حرياتهم المدنية مقيّدة بشدة ومقموعة بشكلٍ مستمرّ. وحالة القمع هذه ممتدة إلى الخارج أيضًا، فقد اغتال محمد بن سلمان معارضين أيديولوجيين وأخفاهم قسرًا أمثال خاشقجي الذي شكلت قضيته السلوك الأنصع للحكومة تجاه مواطنيها. من المشين على أميركا عقد اتفاق عسكري مع السعودية دون ضمانات لتعزيز حقوق الإنسان في البلاد أميركيون من أجل الديموقراطية وفي ضوء هذه الحقائق، تقول المنظمة أن وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقٍ من أي نوع لا يتضمّن أي أحكام على الإطلاق بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان مع مثل هذا النوع من الأنظمة، أمرٌ مشين من الجانب الأميركي. وأكثر من ذلك، فإن المعايير المزدوجة للسياسة الخارجية الأمريكية، مع دعمها غير المتكافئ لحق تقرير المصير وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط من جهة، ودعمها الكامل لأوكرانيا من جهة ثانية، تفسّر سبب “تحفّظ كثير من الناس بشأن الانضمام إلى الولايات المتحدة في قضايا عادلة مثل مساعدة أوكرانيا“، لا سيما في الجنوب العالمي. بالإضافة إلى ذلك، قالت أميركيون من أجل الديمقراطية إنه يصعب فهم مدى استصواب هذا الاتفاق إذا أخذنا في عين الاعتبار حقيقة أن دعم الرياض هو قضية خاسرة في السياسة الأمريكية. في هذا الصدد، ووفقًا لمجلة فورين بوليسي، يمتلك غالبية الأمريكيين وجهة نظر سلبية تجاه السعودية منذ أكثر من عقدين من الزمن. وبالتالي، فإن دعم بايدن للصفقة الأمريكية-السعودية يمكن أن يثير معارضة كبيرة من الأمريكيين المعادين للسعودية لأسباب مختلفة: حرب اليمن، وأسعار النفط، وحقوق الإنسان، والادّعاءات المحيطة بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية. علاوةً على ذلك، قد يخسر بايدن دعم الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين واليساريين والشباب، الذين يشكّلون جزءًا مهمًا من الناخبين الديمقراطيين، إذا ما تم تمرير الصفقة وبدت وكأنها تفيد “إسرائيل” على حساب الفلسطينيين. فلا ينبغي الاستخفاف بهذا الأمر، لأنّه في العام 2020، فاز بايدن بما يقارب ال 60 بالمئة من أصوات الأمريكيين من أصلٍ عربيّ في الانتخابات الرئاسية ضد ترامب. وبات الفائز الوحيد الواضح من هذا الاتفاق هو النظام السعودي الاستبدادي. يقول معهد كوينسي للحكم المسؤول في هذا المجال إنّ القيمة التي تضعها الدولة في هذا الاتفاق تكمن في الخلل المتمثّل في وجود “ملكية وراثية مطلقة تحكم دولة يُفترض بأنها تعمل على التحديث في القرن الحادي والعشرين” وإدراك عدم الاستقرار المتأصّل في مثل هذا المزيج. ونتيجةً لذلك، يمكن فهم الاتفاق الأمريكي-السعودي، الذي يمثّل عناقًا دبلوماسيًا من قوة عظمى، على أنه وسيلة لمساعدة المملكة العربية السعودية على توسيع هذا الخلل، إلى جانب التّداعيات السلبية التي قد تترتب على النضال من أجل حقوق الإنسان. وختمت: “من هنا، فإن مكافأة هذا النظام الملكي السعودي الاستبدادي ونزعته العسكرية ليس السبيل الأمثل الذي يجب اتباعه. وكما ذكر العديد من ممثلي الكونغرس الأمريكي في رسالةٍ إلى الرئيس بايدن عام 2022، أنه على الرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت على فترةٍ طويلة شريكًا مهمًا للولايات المتحدة، إلا أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن قيادتها تصرّفت مرارًا وتكرارًا بطرقٍ تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة وقيمها.”

/