“لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية: الحجّ تحت سلطة آل سعود هو حجّ أميركي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 64
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

على ضوء الكوارث التي نجمت عن سوء إدارة “السلطات” السعودية لمراسم حج 2024، أصدر “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية تقدير موقف حول مشهد الحج لهذا العام وتزامنه مع ما يتعرض له أهالي غزة من إبادة جماعية تحصل بتواطؤ عربي ودعم أميركي- غربي وفقا لما أكده اللقاء. تقرير اللقاء تناول في جوانبه مسألة إخضاع آل سعود مراسم الحج بما يخدم المصالح الأميركية في المنطقة سيما في ظل “طوفان الأقصى” ، فكان عنوان التقرير “الحج الأمريكي.. ليشهدوا مصائب”، كما تناول مسألة كارثة أعداد الحجاج الذين لقوا حتفهم نتيجة فشل إدارة المراسم، وفي جانب آخر تطرق اللقاء إلى النفس الطائفي الذي سبق ورافق المراسم، وأخيراً عن حالات الاعتقالات والقمع التي مارسها بحق الحجيج. بداية من خصوصية الفريضة لهذا العام لترافقها مع استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، لفت المكتب السياسي للقاء المعارضة إلى أنّ الشعيرة العباديّة والاجتماعيّة التي ينبغي لها أن تكون فرصة للمسلمين لتبادل الهموم إزاء ما تشهده الأمة الإسلامية من أخطار وتحديات، لا سيما قضية فلسطين والتي يتأكد حضورها وإثارتها في موسم هذا العام، خضعت في ظل حكم آل سعود إلى تشويهٍ متعمّد، وتحولت من رحلة للتزوّد الروحيّ والإيمانيّ، وتبادل هموم الأمة وتداولها إلى مجرد طقوس بعيدة كل البعد عن أهدافها السامية. فعلى الرغم من أن الحج قد ارتبط بفلسطين منذ أن بدأ الصهاينة سياسة السيطرة عليها منذ عشرينيات القرن العشرين، إلا أن سياسات عبد العزيز آل سعود كانت منذ فرض سيطرتهم على الحرمين، تمنع كل أشكال الدعوة لمؤازرة الفلسطينيين ومقاومة الاحتلال الصهيوني، وهو ما استمرت إلى اليوم بما يتناسب مع ما يصب في مصلحة قوى الهيمنة الداعمة للكيان الصهيوني وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لا تريد لموسم الحج أن يتحول مؤتمرا سنويًّا لمناهضة الاحتلال والهيمنة الامبريالية. يتابع “اللقاء” تسليطه الضوء على هذه القضية، بالحديث عن أن بعد معركة طوفان الأقصى، التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومع موقف السعودية الداعم والمؤيد للعدوان الصهيوني على غزة، استشعر آل سعود بأن حج هذا العام 1445هـ/2024م، قد يخرج عن سيطرتهم، ويتحول إلى مكان للتضامن مع أهالي غزة وساحة للدعاء للمقاومة بالنصر والغلبة على الصهاينة، ولذلك استبق النظام السعودي موسم الحج بالتحذيرات المتكررة التي لم تكن معهودة بهذا المستوى من التصعيد. نتيجة لهذا الاستنفار المضاعف لآل سعود المترافق مع استنفار مشاعر جموع المسلمين تجاه القضية الفلسطينية، اتجهت “القيادة” السعودية إلى اعتماد نهج “عسكرة الحج” لكبت هذه المشاعر. فلم يُخف النظام السعوديّ البُعد السياسيّ في استهدافه لشعيرة الحجّ، على الرغم من زيف ادعاءاته بحصر هذه الشعيرة في الجانب العباديّ المحض وعدم تسييس الحج. فقد توعّد النظام، وفقا للقاء المعارضة، أصحاب الرأي في موسم الحجّ، وعدّ أي شكل من أشكال التضامن مع قضية فلسطين من مسببات الفوضى، في إلغاء واضح لأحد الأهداف السامية للحج، حيث يتدارس المسلمون قضاياهم ويتبادلون الرأي فيها. ومع توقع النظام إثارة المسلمين قضية “العدوان على غزة” ضاعف النظام هذا العام من مظاهر عسكرة المشاعر المقدسة عبر الاستعراضات العسكرية وتهديد الحجاج بإدخال المدرعات والقوات المسلحة من الجيش والحرس الوطني وجميع القوى الأمنية. كما أوعز النظام السعودي إلى عدد من الأمراء والمسؤولين والدعاة والكتاب المقربين من الديوان الملكي بالدفاع عن الموقف السعودي، وإطلاق التهديد والوعيد من رفع الشعارات السياسية في موسم الحج. وقد بدا واضحا من خلال التصريحات والمقالات والتغريدات؛ أن المقصود بالشعارات الممنوعة هو ما يتعلق بالتضامن مع فلسطين والعدوان على غزة وتأييد المقاومة والدعاء لها بالنصر، والبراءة من أمريكا والصهاينة. عدّد لقاء المعارضة بعض من الممارسات الاستباقية التي قام بها النظام على سبيل المثال لا الحصر:   رد الأمير عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود على الدعوات التي أُطلقت قبيل موسم الحج لإعلان “البراءة” في موسم حج هذا العام، على نحو يتخطّى موسمَ الحجّ وميقاتَه، إلى الدول والمدن التي يقطنها المسلمون في أرجاء العالم كلّه، انطلاقا من المجازر التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وما رافق تلك الدعوة من تفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع وسم “حج البراءة” الذي أطلق تضامنا ونصرة لأهالي غزة، وأن تكون البراءة عبر هتافات الرفض والاستنكار لسياسات وممارسات الصهاينة والولايات المتحدة الأمريكية. وقال “ابن مساعد”: ردا على تلك الدعوات: إن تفسير آية البراءة الواردة في سورة التوبة في القرآن الكريم بما يتناسب مع تلك الدعوات هو إخراج للآية من سياقها وتطويعها لأغراض سياسية بعيدة عن فرائض الحج، واعتبر ذلك ليّ لعنق الحقيقية، وأن من يدعو إلى ذلك فهو باطل يدعو إلى باطل، وأن تلك الدعوات تندرج ضمن تعكير صفو الحجيج وتصنف تحت الفسوق. وبعد أن انتهى من دور المفسر والمفتي قدم التهديد والوعيد لكل من تسول له نفسه بما عبر عنه بـ “إفساد الحج أو تعكير صفو الحج”. بداية العشر الأوائل من ذي الحجة، أطلق وزير الحج السعودي توفيق الربيعية تهديداته لا سيما فيما يتعلق بمظاهر الرفض لانتهاكات كيان الاحتلال الإسرائيلي، والتضامن مع أهالي غزة.  النائب السعودي العام سعود المعجب أكد أنّ النيابة العامة لن تسمح بتعكير صفو الحج ومخالفة أوامر القيادة، وأن أمن الحجاج خط أحمر لا يمكن التعدي عليه . إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ ماهر المعيقلي في خطبة عرفة التي ألقاها بمسجد نمرة قال: “إن الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات، مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات”. فضلا عن الوسوم التي أطلقها جيش الذباب السعودي الإلكتروني على موقع “X” مثل (#امن_الحج_خط_أحمر) وغيره من الوسوم، وانطوت تغريدات الكتاب السعوديين على التهديد بالقتل لكل الحجيج المتضامنين مع غزة والمؤيدين للمقاومة.  أما حول النَّفَس الطائفي الذي لم يغب عن مقالات وتغريدات الكتاب السعوديين خلال تحريضهم على الحجاج المتضامنين مع فلسطين، أشارالتقرير إلى أن المغردين السعوديين استندوا في إطلاق تهديداتهم تجاه الحجيج إلى البيانات الرسميّة التي نشرتها الصحف السعودية، مشيراً إلى بعض النماذج: سعود القحطاني الذي يغرد تحت حساب “كولومبوس” قدم مقارنة طائفية بين الجنود السعوديين الذين وصفهم بـ “المرابطين على ثغور جزيرة العرب لحماية الحرمين وحجاج بين الله الحرام” وبين من وصفهم بـ “حماة مراقد الشرك والضلال”. حساب “ضباب الحجاز” غرد على خلفية اعتراض ناشطين على اعتقال عدد من العراقيين في موسم الحج: “شعب العراق ميؤوس منه.. منحرفون عن الدين فاقدون للأخلاق، حياتهم صراخ ولطم وفجور وطائفية”. تقرير لقاء المعارضة، في حديثه عن كارثة أعداد الوفيات بين الحجيج لموسم هذا العام 144هـ/2024م التي أثارت جدلا واسعا، مع تباهي النظام السعودي بنجاح موسم الحج، أكد لقاء المعارضة أن المشاهد التي وثقها الحجيج من مختلف دول العالم أثبتت أن السلطات السعودية لم توفر أي من الإجراءات الوقائية لا سيما الوقاية من ضربات الشمس، ما تسبب بارتفاع نسبة الوفيات في صفوف الحجاج، حتى وصل عدد ضحايا سوء إدارة الحج إلى 1,301 حاجا، في إحصاء غير دقيق نشرته وكالة (واس) بعد تكذيب وإنكار، وبعد أن أكد شهود عيان مشاهداتهم للعديد من جثث الحجيج على جوانب شوارع مكة والتي تركت ملقاة لساعات طويلة إلى جانب الأوساخ دون أي مبادرة من قبل الجهات الصحية. كما شوهد عدد من المرضى على جوانب الطرق دون تلقيهم للإسعافات الأولية، فضلا عن العلاج، وسط غياب تام للكوادر الصحية الميدانية حسب ما أظهرته المشاهد المصورة. مؤكدا على أن إنكار السلطات لكارثة هذا العام والتكتم على تلك المجريات المؤلمة، ثم الاعتراف والتذرع بحجة تجاوز الحجيج للأنظمة، وتعمد إهمال إسعاف المصابين، يؤكد جريمة القتل العمد، بما يوحي بأن الحج بلا تصريح عقوبته القتل. إلى جانب كارثة الوفيات، كان هناك أيضا مسألة الاعتقالات التي طالتها العديد من الانتقادات من مختلف الجهات الرمسية وغيرها. لقاء المعارضة في حديثه عن الاعتقالات والقمع أكد على أن النظام السعودي تعمد إشاعة أجواء قمعيّة وسط الحجاج، حتى أصبح الأمن الذي جعله الله سِمة بيته الحرام مفقودًا جراء هذا السلوك، بتهمة ترديد شعارات سياسية في إشارة لشعارات التضامن مع فلسطين، ورفض الاستغلال السياسيّ السعوديّ. ومع سياسة التكتم التي ينتهجها النظام يمكن الإشارة إلى ما تم رصده من ممارسات القمع في موسم هذا العام ومنها: استهل النظام السعودي موسم الحج لهذا العام بطرد 6 صحفيين إيرانيين أثناء تسجيلهم لتلاوات قرآنية في الحرم النبوي، وجرى طردهم بعد اعتقالهم لمدة أسبوع والتحقيق معهم في مركز الشرطة بالمدينة المنورة، وجرى ترحيلهم إلى إيران، بحجة مخالفتهم للتأشيرات التي حصلوا عليها. شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات في صفوف الحجاج العراقيين بسبب تغريدات سابقة انتقدوا فيها النظام السعودي، وفي 30 أيار/مايو 2024 اعتقلت السلطات السعودية مجموعة من الحجاج الأكراد العراقيين، بينهم نساء. كما اعتقلت وليد الشريفي، بتهمة تضامنه مع المقاومة، واعتقلت المحلل السياسي العراقي عماد المسافر. من ليبيا اعتقل كل من رجل الأعمال عبد الرحمن قاجة، ومحمد الويشي لمجرد انتقاده منتجات أحد المطاعم اعتقلت السلطات السعودية أحد المؤثرين الإندونيسيين بتهمة بيع تأشيرات حج غير قانونية للحجاج، ولم يتسنّ التأكد من صحة التهمة، جراء سياسة التعتيم وغياب الشفافية في السعودية شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات طالت مجموعة من المواطنين المغاربة، بتهمة مخالفة القوانين وثق عدد من الحجاج مشاهد اقتحام القوات السعودية شققا سكنية، بعد خلع أبوابها، بالإضافة إلى مداهمة غرف نساء دون مراعاة للخصوصية، بحجة البحث عن مخالفين لأنظمة الحج. بما يتعلق بتكاليف الحج المرتفعة، يقول تقرير اللقاء: في الوقت الذي تشهد مهرجانات الرذيلة التي تنظمها هيئة الترفيه اكتظاظًا بشريًا بدوافعه وأهدافه المعروفة، وتقدم كل التسهيلات للمشاركين من داخل البلاد وخارجها، وتغيب كل الاجراءات الرسمية، يُظهر النظام السعوديّ تشدّدًا إزاء المسموح به في موسم الحج. فقد ضاعفت السلطات السعوديّة تشديد القيود الصارمة على حجّاج الداخل والخارج من حيث الأعداد والاجراءات المطلوب التقيّد بها، كما فرض النظام قيودًا مشدّدة غير مسبوقة على حجاج الداخل، ما تسبب في خسائر ماديّة هائلة، عبر إلزام الحجاج بشروط مجحفة في مسائل الرسوم، والسكن، والتنقّل، في ظل مشاكل التضخّم والزيادة الجنونيّة في الضرائب التي أنهكت كاهل الحجاج في الداخل والخارج، حتى أسبغ عليه مسمى “حجّ الأغنياء”. في الختام يؤكد لقاء المعارضة في الجزيرة العربية على أن من واجب الدول الإسلامية، في ظل استئثار النظام السعودي بهذه المراسم، التفكير على نحو جدي ومسؤول في الضغط على النظام لتأسيس إدارة إسلاميّة مشتركة لتنظيم شؤون موسم الحج والعمرة والزيارة. مؤكدا أن الحؤول دون تفرّد آل سعود بهذه البقاع المباركة التي تشترك فيها الأمّة الإسلاميّة، يصدر عن موقف أخلاقيّ وشرعيّ برفض تولي عائلة أو دولة شؤون الحج، لا سيّما مع تعاظم خطر جنوح هذا النظام نحو التطبيع مع الكيان الصهيونيّ بما يهدّد مصير المقدّسات، ويعرّض كل حرمات الإسلام والمسلمين إلى أخطار وجوديّة.

/