الأقلام السعودية تعاني من متلازمة ستوكهولم: التملّق حبرها

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 87
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تخطو السعودية خطواتها في طريق تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي بخطى كبيرة ومكثّفة، ترافقها تكتيكات لتطويع اللاوعي الجمعي على اعتياد وتقبّل الفكرة قبل وقوع الواقعة. كتّاب البلاط إلى جانب الذباب الأزرق الحكومي ينجزون الجزء الأكبر من المهمة: “التطبيع مع المنكر”، أي مع الفكرة أصلها قبل تطبيقها. لم “يُقصّر” الإعلام السعودي والذباب الإلكتروني وحتى التصريحات السياسية السعودية –دوناً عن البيانات الرسمية- منذ بداية أحداث المنطقة بعد السابع من أكتوبر من تثبيط إنجازات المقاومة على مختلف الجبهات، ومن إدانة “هجوم حماس” ومن استغلال المجازر وهولها المرتكبة في غزة في مسار مناف جدا لسياقها باعتماد رواية أن الدماء التي تسيل في غزة هي نتاج عدم دمج كيان الاحتلال في المنطقة، أي بمنطق محاباة العدو والجزّار لكي يرأف الأخير بضحيته! السعودية تسير وفق منطق محاباة العدو لاستعطافه سيرا بالمسار عينه، كتب نائب رئيس مجلس إدارة (هيئة الصحفيين السعوديين) ورئيس تحرير (صحيفة عرب نيوز) السعودية شبه الحكومية، مقالا بداية الشهر الحالي، تحت عنوان “هل ستتحرك إسرائيل نحو عام 2030 أم ستبقى عالقة في عام 1967؟”. هكذا ينظر مخلّفات الفكر السعودي للقضية العربية. الكاتب الموقّر يسعى خلال مقالته أن يملي على القارئ فكرة أن الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل بمعونة غربية لم تنسف “أمل التغيير”، التغيير هو عينه الذي يأتي ضمن سياق ما يريد ابن سلمان أن يطرأ قبيل تسلّمه مكان والده الهرم. مقال عباس لم يحمل فقط ترديدات مملة تكررت كثيرا حول أهمية “تحسين” العلاقات مع الغدة السرطانية في المنطقة، لكنه بدا أكثر تطرفا في تمجيد الدور الأميركي وضرورة سماع كلمتها العليا وطاعتها، كيف (لا) وولاة أمره ينتظرون المكافأة منها في نهاية الصفقة المرجوّة سعّوديا. يتفاخر الكاتب بأن سفير اميركا في بلاده خدم سابقا في السفارة الإسرائيلية، يعتبر أن ما من صفقة تطبيع لدمج الكيان في المنطقة يمكن أن تتم دون صفقة دفاعية أميركية- سعودية، فيعيد ذكر ما قاله السفير الأميركي مايكل راتني في لقاء سابق له مع الصحيفة، حيث قال الأخير أن “القيمة الحقيقية –لكِلا العنصرين- هي جمع كل ذلك معًا”. كما يجادل عباس بـ”واقعية” المفاوضات التي تتوسطها أميركا بأن تكون نهاية الحرب مكسبها إعادة إعمار غزة! على قاعدة “أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا”، مع تجاهل تامّ لأكذوبة حل الدولتين التي ابتدعتها بلاده منذ عقود، والتي تدّعي في الوقت نفسه أن إتمام صفقة التطبيع ستكون بشرط إقامتها. يستمر كاتب البلاط بتمجيد “ربّ ملوكه الأعلى” –أميركا-، مسخّفا هذه المرة بحملات المقاطعة داعيا إلى الكفّ عنها مستنكرا حرق أعلام أميركا الممول الأول للحرب على غزة: “أولئك الذين يحرقون الأعلام الأمريكية ويعتقدون أنهم من خلال مقاطعة الهامبرغر واللاتيه بالكاراميل يخدمون القضية الفلسطينية، هم واهمون إذا كانوا يعتقدون أن أي اتفاق سلام أو استقرار إقليمي يمكن تحقيقه من دون استخدام نفوذ الولايات المتحدة الاميركية، والحقيقة هي أن أمريكا تظل القوة العظمى الأكثر أهمية في العالم، وهي وحدها التي تتمتع بالنفوذ على إسرائيل”. أظهرت دراسة ارتفاع ملحوظ في إقبال السعوديين على مقاطعة العلامات التجارية الأميركية الداعمة لإسرائيل في سياق المقاطعة، أظهرت دراسة إيدلمان أن المستهلكين في السعودية شهدوا أكبر زيادة في المحسوبية تجاه العلامات التجارية المحلية الداعمة للكيان الإسرائيلي، حيث قفزوا بنسبة 20٪ في العام الماضي. كما تؤكد الدراسة على أن شعب شبه الجزيرة العربية بنسبة كبيرة يميل إلى مقاطعة شراء منتجات معينة يتبين أنها تساهك في دعم الاحتلال. بالعودة إلى مقال رئيس تحرير موقع “عرب نيوز” السعودي الذي ينشر باللغة الإنكليزية، ولعلها من أكثر الوقاحات وضوحا دون مواربة منه، حين أشاد بخطوة وزارة التعليم السعودية على “التعديل” على المناهج المدرسية التي تخدم فكرة أن “المسألة مع إسرائيل ليست دينية، بل هي نزاع على الأرض، وبمجرد حلها وإذا تم حلها، فسيكون هناك اعتراف ومصالحة ومكافآت لكلا الجانبين”، محاولا التستّر على التصريحات الصهيونية المفضوحة بأن مشروعهم يتخطّى فلسطين ويصل حتى مكة والمدينة المنورة. ويتباهى بالتذلل الذي يترأسه في موقعه من التبريك لليهود بسنتهم الجديدة وإجراء مقابلات مع حاخامات صهيونية سيرا منه في أكذوبة درء “معاداة السامية” من خلال التودد للصهاينة واليهود. في ختام مقاله، يتوجه فيصل عباس إلى “إسرائيل” على أنه لا يزال لديها “دعوة معلقة ويمكنها أن تستفيد كثيراً من كونها جزءاً من نادي 2030.” ويتوعد بأن تقدم “السعودية الشرعية والاعتراف العالمي العربي والإسلامي، إلى جانب ثقلها الدبلوماسي الضخم وشبكة علاقاتها الدولية الواسعة لدعم السلطة الفلسطينية الشرعية في كونها جارة مسالمة ومزدهرة لإسرائيل – التي يتعين عليها ببساطة الاختيار بين البقاء في عام 1967 أو الصعود إلى القطار السريع نحو عام 2030”. مستطردا بأسلوب توجيهي حريص على المصلحة الإسرائيلية دونا عن الفلسطينية من بوابة إدانة جرائم العدو لما تنعكس على صورته في الرأي العام العالمي؛ بالقول أن “كل ما يتعين على إسرائيل فعله هو إنهاء الأعمال العدائية، والثقة في خطة بايدن للسلام، والاعتراف بأنه فقط من خلال السماح بوجود دولة فلسطينية شرعية، يمكنها ضمان أمنها وإنهاء عزلتها، التي تتزايد يوميا”.

/