الشتائم الاعلامية السعودية الليبية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1263
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

متابعة الحرب الاعلامية المستعرة هذه الايام بين المملكة العربية السعودية وليبيا تصيب الانسان بالاحباط الشديد، بسبب المستوي المتدني والالفاظ النابية المستخدمة كأدوات في هذه الحرب.

الخلاف بين الدول أمر طبيعي، بل هو القاعدة في الوطن العربي، فلا احد يستطيع ان يتنبأ متي تنقلب العلاقات التحالفية الحميمة الي عداوات طاحنة بين الحكومات، ولكن ما هو غير طبيعي هو توظيف الاعلام بطريقة رخيصة ومخجلة بالشكل الذي نشاهده حاليا بين ليبيا والسعودية، واستخدام كل قواميس الردح والشتائم ومن قبل صحف ومجلات من المفترض انها محترمة، ومن قبل كتاب من المفترض ان يكونوا قادة رأي، ويساهمون بدور كبير في تشكيل الرأي العام في بلدانهم.

السعودية تتهم ليبيا بتدبير مؤامرة لاغتيال ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز، وتقول انها اعتقلت رموزها، من بينهم ضابط مخابرات ليبي ونجم كرة مصري سابق.

ليبيا تنفي هذه الاتهامات، وتري انها ملفقة من اساسها، وتهدد بعرض الامر علي الجامعة العربية للبت في هذه المشكلة، وينسي المسؤولون الليبيون انهم منسحبون اساسا من هذه الجامعة ولا يعترفون بها.

جذور الخلاف بين البلدين تمتد الي ما هو ابعد من المؤامرة المزعومة، وتعود الي التلاسن الذي تم بين الامير عبد الله والزعيم الليبي معمر القذافي اثناء مؤتمر القمة العربي في القاهرة، عندما خرج الامير عبد الله عن طوره واتهم الزعيم الليبي بالعمالة بطريقة فاجأت الجميع، خاصة وان الواقعة كانت مذاعة بالصوت والصورة علي العالم بأسره. الزعيم الليبي، وعلي غير عادته، التزم الهدوء وضبط النفس، ولم يرد بالاسلوب نفسه، الامر الذي سجل له، واثار التعاطف معه، في اوساط الشارع العربي علي الاقل.

نفهم ان يلجأ الاعلام الليبي الي قاموس الشتائم والالفاظ القاسية في حربه ضد المملكة العربية السعودية، فهذا اعلام ضعيف واقرب الي النشرات، ولكن ما هو غير مفهوم هو انحدار بعض وسائل الاعلام السعودي الي مستويات متدنية جدا، والتهجم علي زعيم دولة عربية بألفاظ نابية نخجل من تكرارها في هذا المكان احتراما لمشاعر القراء، وحرصا علي آداب التخاطب.

نستهجن انحدار بعض الاعلام السعودي الي هذا المستوي غير المهني وغير الاخلاقي، لان هذا الاعلام متقدم وشبه خاص، ويتمتع بمهنية لا بأس بها، مضافا الي ذلك انه يصدر عن بلد يتفاخر بانه يحتضن المقدسات الاسلامية، ويطبق الشريعة الاسلامية ويؤكد دائما علي التزامه باخلاقيات العقيدة الاسلامية السمحــاء وقيمها.

فالمملكة العربية السعودية التي نعرفها، تميزت دائما بالترفع عن الصغائر، والتمسك بأدب الحوار، والابتعاد في اعلامها عن البذاءات والالفاظ النابية، ولكن يبدو ان مملكة اليوم هي غير مملكة الامس.

في ذروة الخلاف بين الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز والزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، كتب صحافي سعودي مقالا في صحيفة محلية تهجم فيه بطريقة بذيئة علي الزعيم المصري، وقال انه يهودي وأمه يهودية.

في اليوم التالي استدعاه الملك فيصل الي ديوانه، ففرح الرجل، واعتقد ان الملك سيقدم له مكافأة كبيرة، وبلغت المفاجأة ذروتها عندما انتزع العاهل السعودي الراحل عقاله وانهال به ضربا علي الصحافي، لانه في رأيه اساء للمملكة وخرج عن ثوابتها بهذا الاسلوب الرخيص المنحط في التهجم علي زعيم دولة عربية، وقال علي مسمعه بأن للخلاف ادابه ايضا.

اين الراحل العظيم من حكام المملكة اليوم، فوجود مسؤولين ينحدرون في خلافاتهم مع الاخرين الي هذا المستوي، ويسمحون لبعض الكتاب باطلاق الصفات والتهم علي زعماء عرب بالطريقة التي نقرأها هو الذي ادي الي وجود المملكة في المآزق الحالية التي تعيشها داخليا وخليجيا وعربيا ودوليا.

                                                           القدس العربي 27 / 12 / 2004