“نيوم”: هدف آخر للتطبيع السعودي مع “إسرائيل”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 53
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لطالما كان واضحا الدور السعودي المرسوم والمخطط له في مشروع ما يُسمّى بـ”الشرق الأوسط الجديد”، وفي أقلّ تقدير، كان قد بدأ العمل على رسم معالم هذا الدور، بشكل جدّي، منذ إفساح المجال لمحمد بن سلمان لتولّي قيادة الأمور في مختلف المناحي في شبه الجزيرة العربية. المكانة الوهميّة التي أُعطيَت لحكم آل سعود لبلاد الحرمين الشريفين جعلت من هذا الأخير، ولعشرات السنين، “راعي مصالح المسلمين” في نظر غالبية الشعوب المسلمة والعربية، وكان المُراد من هذه الدعاية التي عُمل على ترويجها طويلاُ أن تكون عُصارتها تشريع وجود الكيان الصهيوني في المنطقة إنطلاقاً من اعتراف “السعودية” بكيان العدو كـ”دولة” قائمة، وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية معها. وكان لرؤية 2030، بما تحمله من مشاريع اقتصادية -بأبعادها الثقافية من حيث العمل على التأسيس لمجتمع “سعودي” بطِباع غربية-، دورا بارزا في التأسيس لهذه المكانة المُنتظرة في “الشرق الأوسط الجديد”. ولعلّ مشهد التقاء محمد بن سلمان، في 23 تشرين التاني 2020، مع وزير الخارجية الأميركي حينها، مايك بومبيو، في منطقة تبوك حيث بناء مشروع نيوم، خير دليل على الدور الذي يُراد للمدينة أن تلعبه في توجيه سياسات محمد بن سلمان الخارجية. إلى ذلك، جرى الحجيث حينها عن أن الاجتماع إياه لم يجمع ابن سلمان وبومبيو فقط، بل حضره أيضا كُلّا من رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو ومدير الموساد يوسي كوهين. ووفق تقدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن “العلاقات مع إسرائيل ضرورية للسعودية من أجل إنجاز مشروع “نيوم”. ولذلك فإن اتفاقات التطبيع التي وُقِّعت بين كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، تصبّ في مصلحة السعودية”. وبعيدا عن أي معطيات ملموسة تثبت تداخل مشروع “نيوم” مع مشروع التطبيع، الذي جرى تعليقه مؤخرا مع بداية أحداث غزة، لا يمكن تصديق أو توقّع أن يكون هكذا مشروع ضخم على مختلف الأصعدة قد جرى التخطيط له دون توافق مسبق مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. وبات واضحا أن مشروع “نيوم” بمثابة نافذة لإتمام التطبيع الاقتصادي والجغرافي مع الكيان الصهيوني، ولاسيّما بعدما تحدّث وزير المواصلات الصهيوني “يسرائيل كاتس” عن نوايا جديّة لدى “تل أبيب” لربط شبكة السكك الحديدية الإسرائيلية بالشبكة الأردنية ومنها إلى “السعودية” ودول الخليج. ويذهب البعض بعيدا في العقول أن المشروع في أصله هو طرح إسرائيلي، وهو ما لا يمكن استبعاده، وسبق أن صرّح وزير المواصلات والشؤون الاستخبارية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن من شأن هذا المشروع أن يمنح “السعودية” ودول الخليج منفذاً على البحر المتوسط. وفي تفصيل التصريح إياه، تعمل شبكة القطارات السعودية على ربط دول الخليج بالأردن ومن هناك بالكيان الإسرائيلي ومرفأ حيفا والمرافئ البحرية الأخرى. ويُشار أيضا في كثير من الأماكن إلى الدور المرسوم لمشروع نيوم في إحياء صحراء النقب، التي ستكون معبراً مهما للجسر الذي سيربط “السعودية” بمصر، وبالتالي سيكون إطلاق المشروع بمثابة إطلاق للصحراء العربية التي سيطرت عليها “إسرائيل” منذ الـ1948، وتخطط لإنمائها اقتصاديا عبر بوابة “نيوم”. سبق أن كشف تحقيق في صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، في 25 تشرين الأوّل 2017، أنّ السعوديين كانوا متردّدين في “التعاون مع الإسرائيليين بشكل رسمي”. ولكن عندما يتعلّق الأمر بشركات رأس المال الاستثماري القادمة من القطاع الخاص، كانوا حريصين على العمل معهم من أجل “حلق جميع أنواع التعاون، لا سيّما في قطاعات: المياه والطاقة والتكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا الغذاء”. كما ذكرت الصحيفة أن “عددًا من الشركات الإسرائيلية يتحدّث مع صندوق الاستثمارات العامة في السعودية حول تطوير 26500 كيلومتر مربع من “المدينة الذكية”. كما أفادت صحيفة “واشنطن بوست” عن “مراسلات بين دبلوماسيين عرب ورجال أعمال إسرائيليين، تؤكّد أن المحادثات جارية حول التعاون الاقتصادي، وأنّ عددًا من الشركات الإسرائيلية تبيع بالفعل أدوات الأمن السيبراني للحكومة السعودية”. تصريحات أميركية صهيونية حول مصير التطبيع وفي آخر تصريح أميركي حول صفقة التطبيع، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في كلمة أمام المجلس الأطلسي، وهو هيئة أبحاث في واشنطن، إن “احتمال التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية يمثل أفضل فرصة لتحقيق الهدف الذي طال انتظاره المتمثل في توسيع تكامل إسرائيل في المنطقة”، مؤكدا بأن عملية السابع من أكتوبر “أثرت على مسارات التطبيع”. كما كشف جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد، نهاية شهر كانون الأول الماضي، بحسب ما نشر موقع “يسرائيل هيوم” الصهيوني، في المقابلة مع “بودكاست”، أن إدارة ترامب كانت تخطط لإجراء اتفاق مع “السعودية” خلال الفترة الانتقالية بين الإداراتين، مُشيرًا إلى أنه أبلغ فريق بايدن أن الاتفاق مع “السعودية” يمكن أن يتم في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر. ومع ذلك، انتقد كوشنر إدارة بايدن مشيرًا إلى أنهم “أضاعوا عامين في انتقاد السعودية” قبل أن يبدأوا في تبني سياسات ترامب بشأن المنطقة. وحول رؤيته للمنطقة، قال كوشنر: إن هدف إدارة ترامب كان إنشاء كتلة اقتصادية تربط الشرق الأوسط من ميناء حيفا في الكيان الصهيوني إلى مسقط في عُمان، حيث يمكن لدول المنطقة أن تتعاون اقتصاديًا في مجالات التجارة، التكنولوجيا، والاستثمار. وأضاف: إن التغيرات التي تمر بها “دول الخليج” اليوم تفتح المجال لتعاون أكبر مع الكيان، خاصة مع تولي جيل الشباب زمام الأمور في هذه الدول. وأشار كوشنر إلى أن إدارة ترامب كانت تتمتع بفهم عميق للمشاكل في المنطقة.. قائلاً: “لن تكون هناك فترة تعلم مثل المرة الأولى، فترامب وفريقه على دراية كاملة بالوضع في الشرق الأوسط”. واختتم كوشنر حديثه بالقول:” إن التطبيع بين الكيان الصهيوني و”السعودية” هو أمر لا مفر منه في عهد ترامب.لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي إلى انتشار الابتكارات الصهيونية في المنطقة ويعزز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والكيان الإسرائلي” على حد زعمه. من جهته، ألمح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال الأسابيع الماضية، إلى أن اتفاقية التطبيع بين “السعودية” والكيان الصهيوني جاهزة بانتظار تحقيق شرطين للتنفيذ. وقال بلينكن في تصريحات صحفية الجمعة: إن الاتفاقيات بين الولايات المتحدة و”السعودية” بشأن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني جاهزة للتنفيذ، لكن هناك شرطين لإنجازها. وصرح بلينكن في هذا الصدد بأن “المحادثات بشأن صفقة التطبيع بين الكيان و”السعودية” تقترب من تحقيق اختراق، هل هناك اختراق بالفعل؟ وما هو موقع هذه المحادثات اليوم؟”. وأضاف بلينكن: “أحد الأشياء التي أتذكرها هي أنه في العاشر من أكتوبر قبل عام، كان من المفترض أن أسافر إلى “السعودية” و”إسرائيل” للعمل على المكون الفلسطيني من صفقة التطبيع هذه.. وبالطبع لم تتم هذه الرحلة بسبب السابع من أكتوبر.. ولكن حتى مع أحداث غزة، واصلنا هذه المحادثات وواصلنا العمل”. وادّعى قائلاً: “فيما يتعلق بالاتفاقيات المطلوبة بين الولايات المتحدة و”السعودية”، فهي جاهزة تماما للتنفيذ ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى التطبيع بين “إسرائيل” و”السعودية”.. ولكن هناك شيئين مطلوبين لإنجاز ذلك بالفعل: الأول هو إنهاء الصراع في غزة والثاني هو وجود مسار موثوق نحو إقامة دولة فلسطينية”. من جهته، تحدث زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لابيد، عمّا وصفها بـ”الطريقة الوحيدة” للتطبيع الإسرائيلي مع “السعودية”، معتبرا أن “الصفقة السعودية هي اللعبة الأكثر أهمية الوحيدة في الملعب السياسي”. وأوضح لابيد في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، أن “اتفاق التطبيع مع السعودية هو الكأس المقدسة للسياسة الإسرائيلية. والطريقة الوحيدة من أجل التوصل إليه هي حكومة وسط”. وتابع قائلا: “فقط تحالف إقليمي بإدارة أمريكية وسعودية وإسرائيلية يمكنه أن يقترح حكما بديلا في غزة، وبناء جبهة أمام إيران ومشروعها النووي، واشتراط إعمار لبنان وسوريا بترتيبات أمنية ثابتة، ووضع أفق للقضية الفلسطينية، ما سيوقف انهيار مكانتنا الدولية”. وزعم أن “اتفاق التطبيع هو حالة نادرة، فيها فكرة منظمة واحدة تحل عدة مشاكل أمنية استراتيجية. وفي نفس الوقت تخلق أفقا سياسيا وفرصا اقتصادية مثيرة في منطقة كاملة. وهذه الصفقة هي المرساة الرئيسية للبرنامج السياسي الذي قمت بطرحه مؤخرا، وهو أحد الأمور القليلة التي تتفق عليها كل من إدارة بايدن وإدارة ترامب”. وأردف قائلا: “باستثناء المتطرفين الذين سيطروا على الحكومة، فإن الجميع يعرفون أن هذه الصفقة حيوية لأمن واقتصاد إسرائيل”.