قضية الشهيد النمر: سلسلة فضائح انعكست على “مملكة القتل”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 214
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أتت قضية إعدام الشهيد عبدالمجيد النمر في منتصف الشهر الجاري لتعرّي أكثر فأكثر واقع حال المحاكمات “السعودية” والأطر التي تعمل وفقا لها. وأثبتت أحقية وجهة النظر التي تتهم هذه المحاكم بانعدام شفافيتها وعدم احترامها للقانون الذي تدّعي تطبيقه وتنفيذه. ما كشفت عنه قضية الشهيد النمر سلسلة من النقاط التي انعكست سلبا على مزاعم “السعودية”. فبين بطلان وعدم منطقية الحكم –الانتماء الى القاعدة-، وبين تضارب الأحكام الابتدائية الصادرة بحقه مع الحكم الأخير، إلى جانب ما كُشف من تعذيب شديد خضع له الشهيد، كلها نقاط أججت الرأي العام في داخل شبه الجزيرة وخارجها ضد هذا “النظام”. فقد أصدرت وزارة الداخلية السعودية في السابع عشر من شهر آب الجاري 2024، بيانا أعلنت فيه تنفيذ حكم إعدام بحق معتقل الرأي الشهيد عبدالمجيد النمر، ابن عم الشهيد نمر باقر النمر، بتهمة “الانتماء إلى القاعدة”. وحول هذه الجزئية، لم يمر بيان الداخلية مرور الكرام بسبب التهمة “النكتة” التي ساقتها بحق الشهيد، وهذا رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تعدم فيها معتقلا زورا ودون تقديم دلائل “مُقنعة” في كيان اعتاد على فرض كل شيء بالإكراه دون أي باب للمساءلة أو النقد. تهمة الداخلية دفعت الناشطين لأن ينهالوا على “مملكة القتل” منوهين إلى بطلان وسذاجة التهمة، حيث أن الوزارة ولأول مرة في تاريخ الإعدامات توكل تهمة انتماء شخص “شيعي” إلى تنظيم “سني”. وأما بوابة الفضيحة الثانية التي كالتها “السعودية” لنفسها بدوائرها ومؤسساتها، تمثّلت بالتضارب الكبير الذي ظهر بين الاتهامات التي وردت في صك الحكم الابتدائي وذلك الذي عادت وأعدمت الشهيد وفقا له. صك الحكم الابتدائي الصادر عام 2021 بحق معتقل الرأي الشهيد مجيد النمر احتوى على الكثير من المغالطات عدى الانتماء الباطل لتنظيم القاعدة الإرهابي. في هذا السياق يؤكد الحقوقي عادل السعيد لـ”مرآة الجزيرة” أن صك الحكم جاء ليوجّه الصفعة الثانية لمصداقية المحاكم السعودية، وكذّب كل من حاول الاصطفاف إلى جانب “السلطة” في روايتها التي صاغتها في بيان وزارة الداخلية. مؤكدا على أن هذه الحالة ليست بالحالة الفردية بل هي “لحظة تجلّي وانكشاف لما هو غير واضح للبعض عن كذب وافتراء تهم الحكومة في إعداماتها للمعتقلين السياسيين”. وبحسب الصك واجه النمر التهم التالية: السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية من خلال المشاركة في المظاهرات وتشييع عدد من الهالكين وتكرار ذلك بمحافطة القطيف وتأييده للأعمال التخرييبة وترديد هتافات مناوئة للدولة والمسيئة لولي الأمر وتحريضه على ذلك. تمجيده لنمر النمر واحتجاجه على قرارات القبض والمحاكمة للمطلوبين والموقوفين أمنيا وإثارته للفتنة الطائفية بتقيدم تقاعده من الخدمة العسكرية بعد القبض على الهالك نمر النمر وتحريض العاملين بإدارة مرور الدمام من الشيعة على الخروج في. تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية المجرم بنظام مكافحة الإرهاب من خلال: تأجيره مزرعة أخيه مع علمه بتحويلها إلى تشليح سيارات بطريقة غير نظامية ووكر لعدد من المطلوبين، تقديم المواد الغذائية لعدد من المطلوبين، إعداد وإرسال ما من شأنه  المساس بالنظام العام من خلال انضمامه لمجموعة عبر برنامج التاصل الاجتماعي واتساب تضم عددا من المطلوبين والموقوفين لتبادل المعلومات، مراقبة ورصد تحركات رجال الأمن. ما ورد أعلاه، يظهر بوضوح عدم وجود تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة التي أوردها بيان الداخلية، وهذا ما يعتبر تزييفاً جليّا للحقيقة، بالإضافة إلى تكرار التهم الملفقة نفسها عند كل عملية إعدام من جهة. من جهة أخرى، ووفقا لصك الحكم طالبت النيابة العامة  بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية والحد الأعلى من العقوبة الواردة في المادة 16 من نظام مكافحة غسل الاموال، والحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة، والمنع من السفر. بدورها، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما بتاريخ 19/3/1443 ضده بالسجن 9 سنوات ومنعه من السفر، إلا أن محكمة الاستئناف غيرت الحكم إلى القتل على الرغم من أن النيابة العامة لم تطالب ابتداءا بذلك، وهو خلاف الدور والمهمة التي يُفترض أن تؤديها محمكة الاستئناف بتخفيف العقوبات وليس تشديدها وتغليظها. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على حالة الاستخفاف بحياة المعتقلين، ويدفع المحكومين إلى التخلي عن حقهم بطلب الاستئناف بسبب انعدام العدالة. لم تقف الانتهاكات بحق الشهيد النمر عند هذا الحد، فما جرى تأكيده من مصادر مطلعة على قضية الشهيد تفيد بأن الأخير سُجن في الرياض مدة سنتين حُرِم خلالها من التواصل مع أي أحد من أقاربه في تنافٍ حاد مع الشريعة والقانون. وحيث تعرض للتعذيب الرهيب نفسيا وجسديا نتج عنه ان فقد أكثر من نصف وزنه بل قصرت قامته أيضا. إلى ذلك فإن صلة الدم التي تجمع بين الشهيد مجيد والشهيد الشيخ نمر النمر، وإعدام الأول بشكل متناف مع الحكم الأولي الذي صدر بحقه –تسع سنوات-، إلى جانب سيطه الحسن بين أبناء منطقته ونظافة سجّله المهني، كلها أمور تؤكد أن إعدام الشهيد إنما يأتي في سياق حرب “النظام” السياسية والكيدية على أهالي منطقة القطيف من خلال محاولات إيصال رسائل لأحرار البلد مفادها أنها “دولة عصابات” مستعدة للقتل بدم بارد.