الرياض لن تبرم صفقة مع واشنطن على حساب بكين وموسكو

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 239
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

واشنطن – مع التطورات والأحداث الساخنة في الشرق الأوسط، لم تضعف رغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في إبرام معاهدة أمنية واتفاق نووي مع السعودية، بل على العكس زادة أهمية هذا الاتفاق، وتواصل واشنطن العمل على الصفقة التي ستشمل أيضًا الاعتراف السعودي بإسرائيل، كوسيلة محتملة لتحريك إسرائيل نحو حل سياسي للقضية الفلسطينية، لكن لا يجب على البيت الأبيض توقع أن تتخلى الرياض عن كل من روسيا والصين مقابل هذا الاتفاق.

ويتحدث غريغوري غوز، أستاذ الشؤون الدولية في كلية بوش للحكومة والخدمة العامة في جامعة تكساس في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز، عن المعاهدة الأمنية التي يجري التفاوض بشأنها بين الولايات المتحدة والسعودية، قائلا إن على واشنطن ألا تطلب من الرياض الانفصال عن الصين وروسيا إذا تم تعزيز التعاون الأمني بين البلدين بموجب الاتفاق الجديد. مضيفا "لا تتوقعوا أن تقف الرياض إلى جانب واشنطن ضد الصين وروسيا".

وخلال الفترة الماضية واصل الجانبان المفاوضات بشأن ضمانات أمنية أميركية للسعودية ومساعدة في المجال النووي للأغراض السلمية. ويجري الحديث عن هذا الاتفاق الأمني ضمن اتفاقية للتطبيع بين إسرائيل والسعودية.

يتعين على واشنطن أن تدخل المراحل النهائية من المفاوضات مع الرياض وهي على دراية كاملة بنوايا السعودية، وإلا سيحدث توتر غير ضروري في العلاقة.

ومع سعي واشنطن لتحسين علاقتها بالرياض، يبدو من الواضح أن إدارة بايدن تسعى أيضا من خلال الالتزام الأميركي تجاه المملكة ليس فقط التحرك نحو شرق أوسط أكثر استقرارا ولكن أيضا إغلاق أي احتمال أن تجتذب الصين السعوديين إلى دائرة نفوذها.

لكن الرياض تريد الحفاظ على بعض المرونة على الجبهتين الاقتصادية والسياسية نظرا للأهمية الكبيرة للصين كمشتر للطاقة وروسيا كمنتج للطاقة.

وسوف تحتاج الإدارة الأميركية المقبلة إلى أن تأخذ في اعتبارها العلاقات المستقلة للرياض مع بكين وموسكو، إذا تم المضي قدما في إبرام المعاهدة الأمنية.

ويتعين على واشنطن أن تدخل المراحل النهائية من المفاوضات مع الرياض وهي على دراية كاملة بنوايا السعودية، وإلا سيحدث توتر غير ضروري في العلاقة.

ويقول التقرير أن الأميركيون يتوقعون عموما أن يلتزم حلفاؤهم الأمنيون بالخط الأحمر في التعامل مع عدد من القضايا، وتشعر واشنطن بالإساءة إذا رسم الحلفاء مسارهم الخاص، لكن في حالة الرياض، سوف يحتاجون إلى الحد من هذه الفكرة.

ولن تجد السعودية أي مشكلة في التوقيع على اتفاق أحادي مع واشنطن بشأن القضايا العسكرية والأمنية. هذا هو ما تريده. ولكنها تريد أيضا المرونة في التعامل مع الصين وروسيا وحتى إيران بشأن القضايا السياسية والاقتصادية ذات الأهمية بالنسبة للسعودية.

ويشير إلى أن الرياض ابتعدت عن مسار واشنطن بالفعل في بعض القضايا، وعلى سبيل المثال، لم تنضم الرياض إلى الحملة الأميركية ضد الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر.

ولم تؤيد المملكة مقاطعة روسيا دبلوماسيا واقتصاديا في أعقاب غزوها أوكرانيا، وتحافظ على علاقة اقتصادية قوية مع الصين، ولجأت إلى بكين للتوسط في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 2023.

وترى المملكة أن الصين وروسيا تلعبان دورا محوريا في تشكيل مستقبلها لسبب واحد هو: النفط. ويشير التقرير إلى أن القوة الدافعة للسياسة الخارجية والداخلية السعودية هي "رؤية 2030" التي تتعلق بالتنمية الاقتصادية، وتتطلب كميات هائلة من رأس المال في الأمد القريب، وهو ما يتطلب في الأساس الحفاظ على أسعار النفط المرتفعة نسبيا الآن والحفاظ على حصة المملكة من المبيعات في سوق النفط العالمية.

وروسيا هي مفتاح الحفاظ على الأسعار، وتعاون موسكو ضروري في اتفاقيات تحديد الإنتاج التي تهدف إلى الحفاظ على سعر النفط. وبالنسبة للصين، فهي المستورد الأكبر للنفط في العالم، وهي ضرورية للسعودية للحفاظ على حصة المملكة في السوق.

ونظرا للتغيرات الدرامية التي طرأت على أسواق الطاقة العالمية في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا، فقد تجاوزت روسيا السعودية باعتبارها المصدر الرئيسي لواردات الطاقة إلى الصين، وهي المكانة التي من المرجح أن تسعى الرياض جاهدة إلى استعادتها.

ولهذا السبب، "لن تكون الرياض راغبة في الالتزام بالسياسة السياسية والاقتصادية لواشنطن تجاه منافسي الولايات المتحدة العالميين".

وتقول المجلة الأميركية إن بكين وموسكو شريكتان غير مثاليتين للرياض، لكنهما مع ذلك مهمتان للاستراتيجية الاقتصادية للمملكة.