عن التنسيق الأمني مع العدو وانعكاسات التطبيع مع السعودية
قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، خلال لقائه ممثلي بعثات ديبلوماسية في رام الله في آذار 2023، إن الاتفاقات الأمنية التي تتم مع الجانب الإسرائيلي ستبقى حبراً على ورق ما لم تتوافر لها ضمانات لتنفيذها، وإن استمرار توغّلات الجيش الإسرائيلي في مناطق السلطة الفلسطينية يمثل أكبر تهديد لهذه الاتفاقات. وحدد الشيخ رؤية السلطة للمصالحة مع «حماس» وهي تقوم على الاعتراف بالاتفاقيات التي وقّعتها السلطة (أوسلو)، والاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، والاتفاق على برنامج نضال وطني سلمي وغير عنفي، وتشكيل حكومة تكنوقراط. وأقرّ حسين الشيخ «أن الأميركيين أبلغوه بأنهم لا يرغبون في إجراء الانتخابات الفلسطينية في الوقت الحالي بسبب تخوّفهم من فوز حركة حماس».وتحدّث الشيخ عن اتصال هاتفي جرى بينه وبين نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، أندرو ميلر، وقال إن «ميلر أبلغه أن الجانب الأميركي طلب إلى الإسرائيليين إعطاء قوات الأمن الفلسطينية فرصة لفرض سلطتها في المناطق الساخنة في الضفة الغربية، باعتبار أن الأولوية هي لإعادة الهدوء إلى الضفة».
وبحسب محضر الاتصال الذي رفعه إلى قيادته، قال الشيخ «إن هناك قراراً سياسياً وأمنياً ببسط الأمن في جنين من جانب قوات الأمن الفلسطينية، ولكنه شكا من أنّ جهات عدة (لم يسمّها) تحاول بالمال والسلاح والتوجيهات إعاقة هذه الخطوة. وسيكون مخيم جنين الخطوة الأخيرة والأصعب في تنفيذ الخطة الأمنية، ولكن يهمّنا عدم تدخل إسرائيل، وإلا سنسحب قواتنا».
وبحسب نص المحضر، فقد تطرّق الجانبان الفلسطيني والأميركي إلى موضوع جهود المصالحة بين «فتح» و«حماس»، فقال ميلر إن الشروط التي وضعتها القيادة الفلسطينية على حركة «حماس» من أجل إنجاز ملف المصالحة تتفق مع وجهة النظر الأميركية، ولكن الجانب الأميركي لا يعوّل على إنجاز المصالحة. أما الشيخ، فاعتبر أن هناك فجوة واسعة في المواقف بين «فتح» و«حماس» تتعلق بالشرعية الدولية، منظمة التحرير، والمقاومة السلمية.
ووردت في محضر الاتصال إشارة إلى مناقشة تأثير مساعي التطبيع للعلاقات بين إسرائيل والسعودية على الملف الفلسطيني، فقال المسؤول الأميركي إنه «من الصواب الإقرار بأن هذا التطبيع هو جائزة كبرى لإسرائيل، ولكن إسرائيل لا تزال تتصرّف على أساس أن الجانب السعودي لا يسعى فعلاً إلى الحصول على مكسب فعلي لمصلحة الفلسطينيين». وقال أيضاً إن واشنطن «نصحت نتنياهو بعدم التركيز على الأهداف الآنية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لأنه يسعى إلى الحصول على أكثر مما حصل عليه رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد في الشأن الفلسطيني». وهنا علّق حسين الشيخ بأن السعودية «لم تبلغ القيادة الفلسطينية بأي رد على ورقة مقترح تتضمن أفكاراً للتقدم في العلاقات مع إسرائيل وإيجاد أفق سياسي بشأن القضية الفلسطينية». وأكّد الشيخ «دعم المطالب الخاصة التي تقدّمت بها السعودية إلى الولايات المتحدة بشأن إقامة علاقات إستراتيجية بين الطرفين»، ودعا إلى «وضع الملف الفلسطيني – الإسرائيلي على الطاولة أيضاً، وأنه من المهم أن يتم التشاور مع الفلسطينيين عند طرح أي أفكار تتعلّق بفلسطين من قبل الجانبين الأميركي والسعودي».
وكان رئيس المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية التابع للسفارة الأميركية في القدس المحتلة، جورج نول، أكثر وضوحاً في الحديث عن نظرة واشنطن للملف الفلسطيني. وبحسب برقية صادرة عن رئيس مكتب البعثة الأردنية في رام الله عصام البدور، فإن نول أكد أنه «لا يوجد لدى الإدارة الأميركية ما يمكن أن تقدّمه في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي باستثناء متابعة بعض الملفات الأمنية والاقتصادية. وأن الولايات المتحدة نجحت في إقناع نتنياهو بتخفيف الضغوط المالية على السلطة الفلسطينية، إلّا أن إسرائيل عادت وربطت ذلك بشروط رفضتها السلطة». واعتبر نول «أن الخطة الأمنية التجريبية التي ترغب السلطة الفلسطينية في تنفيذها في الضفة الغربية لن تنجح، وأن إسرائيل لن توافق عليها».