3 مواقف متباينة.. طوفان الأقصى يكشف انقساما خليجيا إزاء القضية الفلسطينية
سلط موقع "أمواج ميديا" الضوء على تباين مواقف دول الخليج العربية من الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على دولة الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مشيرا إلى تبني الإمارات والبحرين، اللتان قامتا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، لهجة حذرة، دون إدانة واضحة للدولة العبرية.
وأضاف الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الكويت وعمان وقطر ألقت باللوم في أعمال العنف على السياسات الإسرائيلية، بينما ردت المملكة العربية السعودية على إراقة الدماء من خلال التواصل مع السلطة الفلسطينية وكذلك أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين.
يأتي ذلك في الوقت الذي ينظر فيه البعض إلى الهجوم الفلسطيني على أنه رد فعل جزئي على الجهود الإسرائيلية السعودية لتطبيع العلاقات بينهما.
وفي مكالمات هاتفية منفصلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وملك الأردن، عبدالله الثاني، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أعرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن تضامنه مع الفلسطينيين ورغبته في احتواء العنف.
وأبلغ بن سلمان عباس بأن "المملكة تبذل كل جهد ممكن في التواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف التصعيد المستمر ومنع توسعه في المنطقة".
كما اتفق بن سلمان والسيسي على "ضرورة تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع توسعه في المنطقة".
وأكد ولي العهد السعودي مجددا على أن "المملكة تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لتحقيق حقوقه المشروعة وتحقيق آماله وتطلعاته وتحقيق السلام العادل والدائم".
وفي الساعات التي تلت الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول على المستوطنات الإسرائيلية القريبة من غزة، نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن وزارة الخارجية السعودية دعوتها إلى "الوقف الفوري للتصعيد" من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولفتت الرياض إلى أنها حذرت في وقت سابق من نتائج "استمرار الاحتلال وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة والاستفزازات الممنهجة المتكررة ضد مقدساتهم".
وذكرت الوكالة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، ناقش مع نظرائه الأمريكي والمصري والأردني والقطري الحاجة إلى "عمل مشترك لمنع التصعيد".
وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، أصدرت وزارتا الخارجية البحرينية والإماراتية بيانات مماثلة ولكن بكلمات أكثر تحفظًا.
فقد أعربت أبو ظبي في 7 تشرين الأول/أكتوبر عن قلقها إزاء "تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين" وقدمت تعازيها إلى "جميع الضحايا".
فيما حذرت المنامة من أن "استمرار القتال" بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في غزة ستكون له "انعكاسات سلبية على أمن واستقرار المنطقة برمتها".
واعتمدت الكويت وعمان وقطر لهجة أكثر ناريّة، مؤكدة دعمها لإقامة "دولة [فلسطينية] مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، "حملت وزارة الخارجية القطرية إسرائيل وحدها المسؤولية" عن التصعيد وحثت المجتمع الدولي على "إجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها الصارخة".
واعتبرت الكويت أن العنف هو "نتيجة انتهاكات الاحتلال [الإسرائيلي] الصارخة واعتداءاته" على الفلسطينيين، وأكدت كذلك تضامنها "الثابت والمبدئي" مع الشعب الفلسطيني.
وفي اليوم ذاته، أكدت سلطنة عُمان أن إراقة الدماء كانت في نهاية المطاف "نتيجة للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي المستمر للأراضي الفلسطينية والهجمات الإسرائيلية على البلدات والقرى الفلسطينية".
وهنا يشير تقرير "أمواج ميديا" إلى أن البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي يعكس اللهجة التي اعتمدتها الكويت وعمان وقطر، وليس الإمارات والبحرين والسعودية.
فقد حمل مجلس التعاون الخليجي "قوات الاحتلال الإسرائيلي" المسؤولية عن أعمال العنف، قائلا إنها نتيجة "للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والصارخة" على الفلسطينيين.
وفي أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، شارك الملايين من رواد موقع إكس (تويتر سابقا) وسم "#طوفان_الأقصى" وهو الاسم الذي أطلقته فصائل المقاومة الفلسطينية على هجومها المباغت، وناقش الخليجيون منهم الأهداف والتداعيات المحتملة للتطورات.
وفي السياق، اعتبر الكاتب السعودي، مشعل الخالدي، عملية حماس محاولة لـ "إفساد مفاوضات التطبيع" بين الرياض وتل أبيب، فيما اعتبر كاتب العمود السعودي، عبدالله الجدعي، أن جهود التطبيع الإسرائيلية السعودية، التي دفعت بها إدارة جو بايدن، أعاقتها "التحفظات الإسرائيلية بشأن المطالب السعودية بمفاعل نووي … وامتناع [إسرائيل] عن تقديم تنازلات ملموسة للفلسطينيين".
وصرح نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، ضاحي خلفان، في 8 أكتوبر/تشرين الأول، بأن "إسرائيل تطالب ألا يعتدي عليها أحد وهذا حقها، في حين أنها لا تعترف بالحق [نفسه] للفلسطينيين".
وكتب المحلل السياسي الكويتي،, فهد الشليمي: "على الرغم من النجاح التكتيكي العسكري والشعبي الذي حققته حماس، إلا أن النتيجة النهائية لن تكون في صالح الفلسطينيين"، مضيفا أن إسرائيل ستنفذ "ضربات هستيرية" على غزة.
ويرجع تقدير "أمواج ميديا" لهذا التباين في المواقف إلى طبيعة علاقة كل دول خليجية بإسرائيل، فموقف الإمارات والبحرين مثلا يعكس تطبيعهما للعلاقات مع الدولة العبرية، أما موقف السعودية، فيرتبط بتسبب هجوم حماس والصراع الذي أعقبه في وضع الرياض بموقف صعب.
فالمملكة تسعى إلى التوصل لاتفاق تطبيع مع إسرائيل، بدفعة من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مقابل اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، تحصل بها المملكة على امتيازات أعضاء حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى ضمان مساعدة الولايات المتحدة للمملكة في بناء برنامج نووي على الأراضي السعودية، وسماحها بتوريد أسلحة أمريكية متطورة إلى الرياض.
وبالتوازي مع ذلك، تحركت الرياض مؤخراً لإحياء علاقاتها مع الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك حماس. وفي وقت سابق من هذا العام، زار مسؤولون كبار من الحركة التي تتخذ من غزة مقرا لها المملكة لأول مرة منذ عام 2015.
ونفى مسؤولون مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقي أي شروط سعودية للتطبيع مع المملكة، فيما أعرب بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي برنامج نووي سعودي تدعمه الولايات المتحدة.
وأشار مراقبون عرب إلى أن التطبيع بين الرياض وتل أبيب سيكون بمثابة فوز للرئيس بايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.
أما الكويت وعمان وقطر، فإن انتقاداتها الحالية لإسرائيل تعكس رفضها للتطبيع في ظل غياب حل للقضية الفلسطينية.
وبينما ترفض الدوحة ومسقط العلاقات الرسمية مع تل أبيب، فقد انخرطتا في درجات متفاوتة من الاتصالات مع إسرائيل، وإن كان ذلك في الغالب بصفة الوساطة.
ويرجح التقرير أن تستمر البحرين والإمارات في محاولة الابتعاد عن تأييد الفصائل الفلسطينية، وأن تستمر الكويت وعمان وقطر في التعبير عن انتقاداتها لإسرائيل، ما يؤثر على لهجة مجلس التعاون الخليجي.
أما بالنسبة للسعودية، فإن القتال في غزة يمثل تحدياً وفرصة في نفس الوقت، فالترجيحات تصب في صالح تعليق جهود التطبيع التي تبذلها المملكة مع إسرائيل في الوقت الحالي. وسيكون هذا هو الحال بشكل خاص إذا فتح القتال في غزة جبهات جديدة.
ومع ذلك، إذا تم احتواء العنف في الأسابيع المقبلة، فقد يوفر ذلك السعودية فرصة للمطالبة بقوة أكبر بتنازلات أمريكية مقابل التطبيع مع إسرائيل، وهو ما يمكن يحظى نتنياهو، الذي طالما روج لقدرة إسرائيل على تحقيق السلام مع الدول العربية دون تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين.
المصدر | أمواج ميديا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد