رغبة في التطبيع السعودي الإسرائيلي تتجاوز التحديات.. فهل تنجح؟
يبدو أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أمر محتمل بشكل متزايد، حتى لو لم يتم ذلك في المستقبل القريب، رغم العقبات التي تحول دون تحقيق تقدم سريع، والتي يأتي على رأسها القضية الفلسطينية.
هكذا يخلص تحليل لـ"معهد الشرق الأوسط"، وترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن تطبيع العلاقات مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية، خاصة إذا لم تكن مضطرة للتخلي عن الكثير في المقابل، يعد هدفًا استراتيجيًا دائمًا لإسرائيل.
ويضيف: "بالنسبة السعودية الجديدة ورغبتها في التنفيذ الكامل لرؤيتها 2030، يشير بقوة إلى الانفتاح على الاقتصاد الإسرائيلي".
ويشير كذلك التحليل إلى مصلحة الولايات المتحدة في أن تكون العالمي لهذا الحدث.
وعلى الرغم من تأكيد التحليل إلى أنه من غير المرجح أن يحدث ذلك على المدى القصير، ولكنه يتوقع أن يحدث في الإطار الزمني لعام 2025.
وسيكون مثل هذا الاتفاق تحويليا من حيث العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية في المنطقة.
ففي حين أن هناك العديد من القضايا التي يجب معالجتها قبل أن يصبح مثل هذا الاتفاق ممكنًا، فإن أحد أهم أصحاب المصلحة في مثل هذا الاتفاق، هم أولئك الذين ليس لديهم مقعد على الطاولة: وهم الفلسطينيون.
ويضيف التحليل: "لدى الأمريكيين والسعوديين، على الأقل، والإسرائيليين المفكرين منهم، مصلحة في استخدام نفوذ هذه الصفقة المحتملة لإنقاذ الوضع الفلسطيني الإسرائيلي، من حالة اليأس الخطيرة والطريق المسدود الذي يعيشه حالياً، ووضع حد له، وإعادتها إلى المسار الذي يمكن من خلاله تصور حل الدولتين مرة أخرى".
ويلفت التحليل إلى أن العقبات التي تحول دون تحقيق تقدم سريع على الجوانب الثلاثة لهذا المثلث شديدة الانحدار، "فأي اتفاق يتطلب، بالنسبة للسعوديين، وخاصة بالنسبة للملك سلمان بن عبدالعزيز،ـ تنازلاً كبيراً إلى حد ما من جانب الفلسطينيين".
ويضيف: "لا يمكن تصور مثل هذا التنازل في ظل اليمين المتطرف الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية".
وفي حين قد يتصور المرء، بجهود استثنائية من جانب الأطراف الثلاثة، ربما التوصل إلى اتفاق إطاري في الأشهر المتبقية قبل موسم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، فإن التوصل إلى اتفاق كامل لا يزال يبدو غير مرجح في هذا الإطار الزمني.
ولكن في الإطار الزمني 2025، يبدو مثل هذا الاتفاق أكثر ترجيحاً، يقول التحليل.
ويشير التحليل إلى أن "كلا الطرفين يفضلان عقد الصفقة تحت رعاية أمريكية، لأن الولايات المتحدة تظل الشريك الاستراتيجي المفضل الذي لا مثيل له، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه على الرغم من استقلاليتهما تجاه رد فعلهما على الحرب الروسية على أوكرانيا أو فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين أو أسعار النفط وما إلى ذلك، فإنهما لا يزالان يعتبران نفسيهما شريكين استراتيجيين للولايات المتحدة، ومرتبطان ببعضهما البعض".
كما ترتبط البلدان، وفق التحليل، بشكل وثيق بالولايات المتحدة فيما يتعلق بعلاقاتهم العسكرية والأمنية، وتوجهاتهم التعليمية والثقافية، والكثير من علاقاتهم التجارية والاستثمارية.
وتتقاسم الدول الثلاث أيضاً خصماً إقليمياً مشتركاً في إيران.
كل هذا، يجعل الولايات المتحدة محقة في اعتبارها أن تحقيق التطبيع السعودي الإسرائيلي، وتحت رعاية أمريكية، سيكون بمثابة فوز جيوسياسي وجيواقتصادي كبير.
وعن دوافع السعودية لتنفيذ هذه الصفقة، يقول التحليل: "ليس من الصعب فهم حسابات التطبيع، لقد تحولوا بالفعل إلى سياسة تطبيع العلاقات مع جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، كعدوهم اللدود إيران، ورحبوا بعودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، وأعادوا بناء العلاقات الدافئة مع عدوهم اللدود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ويعد التطبيع مع إسرائيل جزءا من هذا النمط، مدفوعا بأولوية النمو السريع والتنويع والتحديث للاقتصاد والمجتمع السعودي، لتجنب مصير دولة ما بعد النفط.
وفي هذا السياق، فإن السعودية لديها مصلحة في تحقيق مثل هذه الصفقة خلال إدارة ديمقراطية، من أجل تأمين الدعم طويل الأمد من الديمقراطيين، الذين كانوا غاضبين من السعوديين على مدى السنوات العديدة الماضية.
وعلى مسار المفاوضات الأمريكية السعودية تجاه هذا الاختراق المحتمل، يحاول الجانبان العمل من خلال القضايا الثنائية بشكل أساسي المتعلقة بالتعاون العسكري الأقوى والشراكة في القطاع النووي السعودي.
لكن النقاط الشائكة في هذا المجال، وفق التحليل، تتلخص بشكل رئيسي في نقطتين: "لم تعد الرياض واضحة بشأن سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالدفاع في الخليج".
أما النقطة الثانية، فهو سعي الرياض إلى الحصول على مجموعة من صفقات الأسلحة للجيل المستقبلي، بالإضافة إلى شكل من أشكال الضمانات بأن هذه الصفقات لن يتم تعليقها في الكونجرس.
وفيما يتعلق بالملف النووي، تريد السعودية بناء 17 مفاعلًا نوويًا مدنيًا كجزء من تنويع مصادر الطاقة ورؤية 2030 وما بعدها، وبطبيعة الحال، فإن الولايات المتحدة لديها مصلحة في أن تكون في مقعد القيادة لهذا المشروع، بدلا من التنازل عنه لقوى أخرى، سواء الصين أو روسيا أو فرنسا وكوريا الجنوبية.
النقطة الشائكة هي إصرار المملكة العربية السعودية على التخصيب المحلي، وهو ما يضعف موقف الولايات المتحدة، التي غطت برنامج التخصيب والأسلحة النووية الإسرائيلية لعقود من الزمن، وتنازلت عن أي مصداقية في هذه القضية.
ووفق التحليل، سيكون فتح هذه الزجاجة أمرًا صعبًا.
أما على المسار السعودي الإسرائيلي، وبينما يسعى الطرفان إلى التطبيع، يبدو أن هناك القليل من الوضوح بشأن ما يمكن أن تقدمه حكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، بشأن القضية الفلسطينية إلى السعودية، التي تعتبر نفسها اللاعب المركزي في العالمين العربي والإسلامي.
وفي الوقت الذي حصلت الإمارات على وعود بتعليق ضم المستوطنات، فإنه سيتعين على السعودية على الأقل أن تطالب بتجميد الاستيطان بشكل دائم، وتفكيك بعض البؤر الاستيطانية والمستوطنات غير القانونية، والالتزام الرسمي بحل الدولتين.
ويضيف التحليل: "قد تكون المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سعودي إسرائيلي هي الفرصة الأخيرة لوضع الوضع الإسرائيلي الفلسطيني المتدهور على مسار مختلف وأكثر تفاؤلاً، وهذا لا يشكل أهمية بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، اللذين يحتاجان إلى مستقبل أكثر قابلية للحياة في الأمد البعيد، بل وأيضاً بالنسبة للمنطقة ككل".
ويختتم بالقول: "في حين خلقت اتفاقيات إبراهيم الثنائية مجالات جديدة للتعاون لم تكن موجودة من قبل، فإن المضي قدماً في هذه الاتفاقيات الثنائية دون معالجة محنة الفلسطينيين سيستمر في تأجيج منطقة غير مستقرة وعرضة للصراعات، وهو ما يتعارض مع منطق التعاون الإقليمي والصراع، والتكامل الذي تحاول هذه الاتفاقيات تعزيزه".
المصدر | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد