باتفاقية دفاعية مع الرياض.. هل تطلق واشنطن النار على قدميها؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 625
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حذر الكاتب دانيال لاريسون من أن توقيع اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة والسعودية سيكون "كارثة على المصالح الأمريكية"، معتبرا أن "الاستسلام اليائس" سيدفع المملكة وإسرائيل إلى "طلب المزيد قريبا"، وكأن واشنطن تطلق النار على قدميها.

ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية فإن السعودية طرحت إمكانية تطبيع علاقتها مع إسرائيل مقابل توقيع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة متطورة، ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط على الأخيرة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

لاريسون تابع، في تحليل بمركز الأبحاث الأمريكي "ريسبونسبل ستيتكرافت" (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين كتب مقالا في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أيام اعتبر فيه أن توقيع اتفاقية دفاعية مع الرياض سيكون "الأساس الذي يمكن أن يُبنى عليه الانسجام الإقليمي الحقيقي"، واستخدم مثال معاهدة واشنطن مع كوريا الجنوبية كنموذج.

وأردف أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس "هذه الفكرة بجدية، لكن واشنطن لا تحتاج ولا تستطيع تحمل أي التزامات أمنية إضافية، فلا ينبغي أن تتعهد بإرسال جنودها للقتال نيابة عن نظام ملكي (...) يشن حريا عدوانية ضد جارتها الأفقر خلال معظم السنوات العشر الماضية".

ومنذ 2015 تقود السعودية تحالف عسكريا عربيا يدعم الحكومة الشرعية في اليمن، في مواجهة قوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمنة صنعاء (شمال) منذ 2014.

واعتبر لاريسون أن "الالتزام الرسمي بالدفاع تجاه السعودية هو أمر غير مقبول ويتعارض مع المصالح الأمريكية، وهي رشوة أكبر بكثير من أن تُمنح للرياض لمجرد إقامة علاقات مع إسرائيل".

وبشدة، يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية؛ نظرا لمكانتها البازة في العالمين الإسلامي العربي، بما قد يعني فتح باب التطبيع مع دول عديدة أخرى، وكذلك قدراتها الاقتصادية الضخمة.

مقاربة الكوريتين

و"ليس لدى الولايات المتحدة مصالح حيوية على المحك تستدعي التعهد بالدفاع عن المملكة، فإيران ليست على وشك غزو أو حتى مهاجمة السعودية"، كما أضاف لاريسون.

وزاد بأنه "بصرف النظر عن الضربات التي تعرضت لها منشآت لشركة النفط السعودية أرامكو في 2019، والتي كانت رد فعل على الحرب الاقتصادية لإدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017-2021)، فإن إيران والسعودية ليس لهما تاريخ من الاشتباكات المباشرة".

وبوساطة الصين، استأنفت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في أنحاء المنطقة.

ورأى لاريسون أن "مقارنة كوهين بشأن الكوريتين غريبة، فالعداء بين إيران والسعودية لا يشبه العداء المستمر منذ عقود بين كوريا الشمالية والجنوبية، ولا مصلحة لإيران في احتلال المملكة، وتفتقر إلى الوسائل لفعل ذلك، وعلى عكس كوريا الشمالية، لا تمتلك إيران أسلحة نووية".

وحذر من أنه "من المرجح أن يؤدي إقامة علاقة أمنية أقوى بين الولايات المتحدة والسعودية في مواجهة إيران إلى تفاقم التوترات الإقليمية وقد يشجع المتشددين في طهران على اتباع سياسات أكثر تصادمية".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتتهم هي وعواصم إقليمية وغربية، بينها الرياض وواشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

كما أن توقيع اتفاقية دفاع "سيشجع الحكومة السعودية على أن تصبح أكثر تهورا على افتراض أن الولايات المتحدة ستكون هناك لإنقاذها (...) وإيران لم تشن حربا تقليدية ضد جيرانها منذ قرون، ولم تحارب إلا عندما تعرضت للهجوم"، بحسب لاربسون.

واعتبر أن "الحكومة الإيرانية هي التي لديها سبب للقلق بشأن الهجمات الخارجية، فهي التي تعرضت بشكل روتيني للتهديد بعمل عسكري غير قانوني على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية بسبب برنامجها النووي. والالتزام الأمني الأمريكي تجاه السعودية قد يمهد الطريق لشن هجمات على إيران".

ومضى قائلا إن "الولايات المتحدة ستحصر نفسها بلا داع في منافسة إقليمية إلى الأبد، وهذا من شأنه أن يعزز ويقوي الانقسامات التي بدأت تضعفها التقاربات الأخيرة بين إيران وجيرانها".

صفقة خاطئة

لارسون حذر أيضا من أن "التنازلات الأمريكية لإسرائيل والسعودية لتسهيل تطبيعهما ستزيد من شهيتهما لمزيد من المكاسب".

وأردف أن "تأييد كوهين للضمانات الأمنية الأمريكية للسعوديين مفيد لأنه يذكرنا بأن الغرض الحقيقي من إقامة علاقات أوثق بين إسرائيل والمملكة هو تشكيل تحالف إقليمي مصمم على الصراع مع إيران".

وزاد بأن "الحكومة الإسرائيلية شعرت بخيبة أمل عندما أعادت إيران والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية، لكنهما الآن متشجعان لرؤية أن إدارة بايدن تبدو مستعدة لإعادة استراتيجيتهما المناهضة لإيران إلى المسار الصحيح".

واعتبر لاريسون أن "آخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة اليوم هو تحويل المزيد من الاهتمام والموارد إلى المنطقة التي استهلكت سياستها الخارجية على مدار العشرين عاما الماضية، ولكن هذا هو بالضبط ما سيحدث إذا ارتكبت واشنطن خطأ متابعة هذه الصفقة، ولذلك يحتاج الكونجرس إلى التصعيد الآن ورفض منح التزام أمني جديد للسعوديين".

واحتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وفقا لخبراء، ربما يدعم بايدن الذي يأمل في الفوز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

 

المصدر | دانيال لاريسون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد