تعرف على تفاصيل الموجة الجديدة لصفقات استحواذ صناديق الثروة الخليجية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 680
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

سلط جون كالابريس الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، جون كالابريس، على ما وصفه بالموجة الجديدة لصفقات الاستحواذ التي أبرمتها صناديق الثروة السيادية الخليجية.

واستشهد كالابريس مدرس السياسة الخارجية الأمريكية في الجامعة الأمريكية بواشنطن دي سي، بصفقة اندماج دوري بي جي آيه تور الأمريكي مع دوري دي بي وورلد تور الأوروبي مع دوري إل أي في المدعوم من السعودية.

وذكر كالابريس أن هذه الموجة تفجرت بالتزامن مع تفشى وباء كورونا المستجد (كوفيد-19) حيث استحوذت صناديق الثروة السياسية الخليجية على حصص في الشركات الغربية المتعثرة، مستفيدة من تقلبات السوق.

وأوضح أن صناديق الثروة السيادية كانت بالنسبة للدول الخليجية الغنية بالنفط والغاز بمثابة أدوات واعدة للادخار للأجيال القادمة، وتخفيف آثار الصدمات الاقتصادية الضخمة، واستثمار احتياطي وصناديق تنمية استراتيجية للإنفاق على رأس المال البشري والطبيعي والاجتماعي والمادي.

تضم منطقة الخليج حاليًا حوالي 20 صندوقًا ثريًا، مع واحد على الأقل من هذه الصناديق من كل من دول مجلس التعاون الخليجي الست.

تختلف الصناديق السيادية الخليجية من حيث حجم الأصول المدارة، واستراتيجيات الاستثمار، وكذلك مناهج التنويع، والتفويضات والأهداف، وهياكل الحوكمة، ومع ذلك تشترك في أمرين: 

الأول أن المصدر الأساسي لتمويلها هو فائض الإيرادات المتأتية من تصدير السلع، وتحديداً النفط والغاز، والثاني أنها تعمل تحت إشراف الحكومة أو الأسرة الحاكمة.

وفق معهد صندوق الثروة السيادية وتدير صناديق الثروة السيادية الخليجية مجتمعة حوالي 3.7 تريليون دولار، ولدى أكبر سبعة صناديق في المنطقة أصولا مجمعة تزيد عن 3.2 تريليون دولار، تمثل حوالي 40٪ من أصول صناديق الثروة السيادية العالمية.

ورأي كالابريس في تحليل مطول نشره بمعهد الشرق الأوسط، وترجمه الخليج الجديد، أن الموجة الحالية من صفقات الاستحواذ المبرمة من قبل الصناديق السيادية الخليجية، تتميز بالعديد من التغييرات الملحوظة في كل من نمط ووجهة الاستثمارات.

وأوضح أن أهداف الإنفاق الخاصة بصناديق الثروة السيادية الخليجية تعكس تحولاً نحو الأصول البديلة وصناعات المستقبل، وتسارع الاستثمارات المحلية، وزيادة الشهية للشركات الناشئة العالمية، والتركيز المتزايد على الاستثمار المشترك مع شركات الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري، واتساع نطاق التركيز الجغرافي.

تنويع الأصول البديلة وصناعات المستقبل

بحسب كالابريس، كانت الصناديق السيادية الخليجية تاريخيا تبحث عن فرص جذابة ومغرية في أوقات التقلبات وانخفاض التقييمات، لكن مستثمرو الثروات الخليجية تحولوا مؤخرًا نحو الأصول التي تدر عائدات وتولد النمو.

وبدلاً من الاحتفاظ بالثروة في أصول منخفضة المخاطر ومنخفضة العائد، قاموا بتنويع استثماراتهم في مجالات أكثر ربحية مثل الأسهم الخاصة والأسهم المدرجة.

وتشكل الأصول البديلة حصة كبيرة ومتنامية من إجمالي أصول أكبر ثلاثة صناديق في المنطقة.

تشمل الأصول البديلة بشكل أساسي الصناديق المشتركة وشركات رأس المال الاستثماري والعقارات والمواد الخام وأسهم الشركات غير المدرجة. كما تشمل أيضًا التحف والطوابع والعملات المعدنية والاستثمار في أقبية النبيذ وما إلى ذلك.

ووفق كالابريس فهناك تحول متزامن جار في تخصيص الاستثمار، فقد أبدت صناديق الثروة السيادية الخليجية اهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في الشركات القائمة على التكنولوجيا والابتكار، جنبًا إلى جنب مع القطاعات ذات الأولوية العالية مثل الرعاية الصحية واللوجستيات ومصادر الطاقة المتجددة والبرودباند والبنية التحتية الرقمية.

تسريع الاستثمارات المحلية

يتزايد عدد الصناديق الإستراتيجية الخليجية التي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي والاستثمار المشترك في الاقتصاد المحلي بشكل كبير.

وباستثناء جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يستثمر فقط في الخارج، فإن صناديق الثروة السيادية الخليجية صناديق مرنة تقوم بالأمرين معًا.

على سبيل المثال، ينشر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، معظم أصوله محليًا، كما هو الحال عمومًا بين الصناديق السيادية الخليجية.

يعتبر صندوق الاستثمارات العامة القوة الدافعة وراء تطوير ما يسمى بـ "المشاريع الضخمة" في المملكة، وأبرزها نيوم، ومشروع البحر الأحمر السياحي، ومدينة القدية الترفيهية بالقرب من الرياض، ومشروع روشان للتطوير العقاري.

يمتلك الصندوق استثمارات في مجموعة واسعة من الصناعات، من السعودية للكهرباء إلى التعدين في السعودية والاتصالات السعودية.

ومنذ عام 2017، أسس صندوق الاستثمارات العامة 79 شركة في قطاعاته الاستراتيجية البالغ عددها 13.

بدأت الدفعة الاستثمارية المحلية الكبيرة لصندوق الاستثمارات العامة بالإعلان في عام 2021 عن استراتيجية مدتها خمس سنوات تهدف إلى مضاعفة قيمة الأصول المدارة لديها إلى 1.07 تريليون دولار أمريكي والتزام بـ 40 مليار دولار سنويًا لتطوير اقتصاد السعودية حتى عام 2025.

يمتلك الصندوق الآن العديد من الاستثمارات الإستراتيجية في قطاع السلع الاستهلاكية والتجزئة، مثل نون دوت كوم (Noon.com) منافس أمازون (Amazon) في الشرق الأوسط.

ومؤخرا وافق الصندوق على شراء 30٪ من أسهم شركة أسواق التميمي في محاولة للمساعدة في تحويل الشركة إلى شركة وطنية رائدة في مجال البقالة وسلسلة التوريد الغذائية الإقليمية.

احتضان الصناعات الجديدة

وذكر كالابريس أن صناديق الثروة الخليجية تنشط بشكل متزايد في مشهد الشركات الناشئة العالمية، ولا سيما في الأسواق الخارجية.

فقد دعمت شركة سنابل، ذراع الاستثمار الخاص لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، بشكل ملحوظ قائمة طويلة من الشركات الأمريكية الناشئة.

في الوقت نفسه، يشارك صندوق الاستثمارات العامة ومجموعة علي بابا الصينية في جولات تمويل لدعم الشركات التكنولوجية الناشئة بشكل مشترك في آسيا والشرق الأوسط.

كما يقود جهاز قطر للاستثمار جولات لتمويل شركة Builder.ai، وهي منصة للشركات لإنشاء تطبيقات مخصصة للهواتف الذكية، بالإضافة إلى بالمشاركة في الجولة الأخيرة لتمويل شركة Insider Pte Ltd (Insider) ومقرها سنغافورة، وهي منصة تسويق رقمية تدعم الذكاء الاصطناعي.

كما قدم جهاز قطر للاستثمار استثمارات في شركات Swiggy وهي منصة لطلب الطعام وتوصيله، وRebel Foods وهي سلسلة مطاعم عبر الإنترنت، وVerSe Innovation وهي شركة تكنولوجيا محلية، وFlipkart شركة تجارة إلكترونية.

كما ضخت شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ) ملايين الاستثمارات في Byju وهي شركة تكنولوجيا التعليم وSpinny وهي مجموعة بيع السيارات المستعملة بالتجزئة، ومؤخرا اشترت حصصا في MobiKwik وهي منصة الخدمات المالية الرقمية و DealShare وهي شركة ناشئة للتجارة الإلكترونية الاجتماعية.

توسيع شراكات الاستثمار المشترك

وقال كالابريس إن الصناديق السيادية الخليجية تتعاون مع صناديق الثروة الأخرى أو المستثمرين الماليين من خلال المشاريع المشتركة

وأضاف أن هذه الاستراتيجيات التعاونية تخدم أهدافًا متعددة، بما في ذلك توفير التكاليف ومشاركة المعلومات وتنويع المحفظة.

الأهم من ذلك، من خلال الاستفادة من أموال الدولة، تهدف مشاركة الصناديق السيادية الخليجية في شراكات الاستثمار المشترك إلى جلب الشركات إلى شواطئها لدعم خطط التنمية المحلية.

استهدف عدد متزايد من شراكات الاستثمار في صندوق الثروة السيادية الخليجي الأصول الآسيوية. يعتبر جهاز قطر للاستثمار وجهاز أبوظبي للاستثمار من أكثر المستثمرين المشاركين نشاطاً.

تعاون جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي عزز نشاطه في آسيا، مع SC Capital Partners السنغافورية لاستهداف استثمارات مراكز البيانات عبر منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتعاون صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع شركة Bain & Company لتطوير "إستراتيجية الهند" التي تركز على قطاع البنية التحتية، ولا سيما الطاقة المتجددة، وانضم إلى بنك اليابان للتعاون الدولي (JBIC) لتعزيز المشاريع التعاونية في مجال إزالة الكربون والتحول الرقمي.

توسيع النطاق الجغرافي

لا تقوم صناديق الثروة السيادية الخليجية فقط بتمويل المشاريع الطموحة في الداخل لدعم جهود التنويع؛ ولكنها تضخ مليارات الدولارات في الأصول على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

صيد الصفقات

لطالما كانت أصول أمريكا الشمالية وأوروبا الدعائم الأساسية لمحافظ صناديق الثروة السيادية في الخليج.

حتى خلال الأزمة المالية 2008-2009، احتفظ المستثمرون الخليجيون بحصصهم الغربية الرئيسية، مستفيدين من آفاق استثماراتهم طويلة الأجل للتغلب على الانكماش والبحث عن أصول مقومة بأقل من قيمتها.

في عام 2022، أنفقت الصناديق السيادية الخليجية ما يقرب من 89 مليار دولار على الاستثمارات على مستوى العالم، أي ضعف العام السابق، تم نشر 51.6 مليار دولار من هذا المبلغ في أوروبا وأمريكا الشمالية.

بناء الجسور مع الجيران

ورغم أن الغرب لا يزال الوجهة المفضلة لأموال النفط التي تديرها صناديق الثروة السيادية في الخليج، إلا أن صناديق الثروة في المنطقة كانت تتحرك لتنويع انكشافها في الخارج.

وتعمل دول الخليج على بناء جسور اقتصادية مع جيرانها الأفقر، الذين اعتبروا بعضهم في يوم من الأيام خصومًا، وفي هذا الصدد هناك ثلاث وجهات إقليمية رئيسية هي مصر والعراق وتركيا.

والعام الماضي، أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي الشركة السعودية المصرية للاستثمار (SEIC) كأداة استثمارية رائدة للاستحواذ على حصص في الشركات المحلية، مع التركيز على البنية التحتية، والتطوير العقاري، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والأغذية والزراعة، والأدوية.

بعد وقت قصير من إنشائها، اشترت حصص أقلية مقابل 1.3 مليار دولار في أربع شركات مصرية.

في نفس الوقت تقريبًا، حول جهاز قطر للاستثمار مليار دولار إلى البنك المركزي المصري كجزء من صفقة لشراء حصص في شركات محلية.

وبحسب ما ورد يتفاوض جهاز قطر للاستثمار مع مصر لإبرام صفقة استثمارية يمكن أن تكون تاريخية للاستحواذ على حصص في سبعة فنادق تاريخية.

كما اتخذ مكتب أبوظبي التجاري الإماراتي، الذي أسس مكتبًا في القاهرة في ديسمبر/ كانون ثان 2021، خطوات لتكثيف استثماراته في مصر ودعم الاستثمار المشترك مع الصندوق السيادي المصري (TSFE).

وعلى صعيد أخر، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة السعودي وحدة جديدة لاستهداف الاستثمارات في عدد من الصناعات العراقية.

وبحسب ما ورد، فإن الشركة السعودية العراقية للاستثمار التي تم تشكيلها حديثًا، برأسمال قدره 3 مليارات دولار ومقرها الرئيسي في المملكة، ستسعى للحصول على فرص استثمارية في البنية التحتية والتعدين والزراعة والتطوير العقاري والخدمات المالية.

كما تسعى صناديق الثروة الخليجية، بقيادة جهاز أبوظبي للاستثمار و شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ)، إلى البحث عن أهداف استثمارية في تركيا، وسط مؤشرات على تحسن العلاقات السياسية بين أبوظبي وأنقرة.

والعام الماضي اشترى جهاز قطر للاستثمار حصة في شركة Eurasia Tunnel في إسطنبول، ومؤخراً، دخل في شراكة مع شركة Esas Private Equity التركية لاستثمار 105 ملايين دولار في شركة Insider التركية للتسويق التي تعمل بالذكاء الاصطناعي (AI).

توجه نحو أسيا

وتنشط صناديق الثروة السيادية الخليجية بشكل متزايد في آسيا، حيث تعتبر الصين والهند والدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) المستفيدين الرئيسيين.

بالإضافة إلى تعيين فرق متخصصة لدراسة الأسواق الآسيوية، فتحت صناديق الثروة الخليجية مكاتب في المنطقة، ولصندوق الاستثمارات العامة السعودي مكتب في هونج كونج.

بينما أقامت مبادلة وجهاز قطر للاستثمار متجرًا في سنغافورة.  قام قسم الأسهم الخاصة بجهاز أبوظبي للاستثمار بنشر فرق استثمار مخصصة تركز على "الصين والهند وجنوب شرق آسيا".

تغطي أهداف الإنفاق على صناديق الثروة السيادية الخليجية في آسيا مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الألعاب والرياضات الإلكترونية، والأعمال التجارية الزراعية، ومصادر الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المستهلك وخدمات البيانات.

 

المصدر | جون كالابريس/ معهد الشرق الأوسط- ترجمة وتحرير الخليج الجديد