بعد تشوهات الوكالة والكفالة.. دول الخليج تكافح لتحفيز القطاع الخاص

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 640
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قال علي السالم، وهو مستثمر كويتي في أسواق المال الخليجية والدولية، إن دول الخليج العربية تكافح حاليا لتحفيز القطاع الخاص بعد نحو قرن من نموذج تنموي ريعي قائم على نظامي الوكالة والكفالة اللذين تسببا في تشوهات هيكلية اقتصادية واجتماعية أعاقت المنطقة.

وأردف السالم، في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI) ترجمه "الخليج الجديد": يبدو أن نموذج التنمية القائم في الخليج منذ نحو قرب من الزمان قد بدأ يتغير أخيرا، ففي الإمارات والسعودية ودول خليجية أخرى تمت إعادة صياغة قوانين الوكالة (التجارية) بشكل جذري، وتقديم تأشيرات عمل أكثر شمولا ولفترة أطول.

وتابع: "يحدث هذا في وقت يخضع فيه المشهد التنافسي للتغيير على عدة جبهات، حيث يتم تحرير الأسواق المحلية، وإزالة الحماية طويلة الأمد، وتطبيق مجموعة متنوعة من الضرائب، وفرض حصص توظيف وطنية صارمة".

و"قد خرجت دول الخليج من الوباء العالمي (كورونا) والريح في أشرعتها الاقتصادية، فكان ارتفاع أسعار الطاقة يعني آفاقا معقولة لتحقيق ميزانيات وفوائض متوازنة بعد الانهيار غير المسبوق في 2020 في الطلب على الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي)"، بحسب السالم.

وأردف أن فرص الإمارات تعززت من خلال تعاملها الناجح مع الوباء، وقوانين الإقامة الجديدة، وحدث (مؤتمر) إكسبو الدولي، والصراع الأوروبي (الحرب الروسية الأوكرانية منذ 24 فبراير/ شباط 2022) الذي أدى إلى تدفق المهاجرين الاقتصاديين من أصحاب الثروات العالية، فيما واصلت السعودية طموحاتها في رؤية 2030 (التنموية)، ودخلت قطر التاريخ كأول دولة عربية تستضيف كأس العالم لكرة القدم (2022).

واستدرك: "لكن استمرت هذه الأحداث المذهلة في إخفاء نقطتي ضعف دقيقتين لكن رئيسيتين ابتُليت بهما دول الخليج لعقود، وهما الوكالة والكفالة".

 

الوكالة والكفالة

"كان التجار هم القوة الاقتصادية المهيمنة في عصر ما قبل النفط، وكانوا في كثير من الحالات أكثر ثراءً من العائلات الحاكمة"، بحسب السالم.

وتابع أن "الحكومات الخليجية آنذاك وضعت تدبيرين أوليين وقائيين للغاية، جزئيا للحد من تسرب رأس المال، ولكن الأهم هو تهدئة التجار وتعزيز نظام المحسوبية وترسيخ السيادة".

وأوضح السالم أن "الإجراء الأول تطلب توزيع السلع والخدمات الأجنبية ذات العلامات التجارية داخل دولة خليجية من خلال وكيل محلي، وأصبحت تُعرف باسم قوانين الوكالة أو الوكالة".

واستطرد: "ومع زيادة القوة الشرائية المحلية، تماشيا مع عائدات الهيدروكربونات، استغل الوكلاء المحليون وضع الموزع الوحيد لديهم للقفز إلى ما وراء التوابل والتمور لتأمين التفرد عبر عناصر ذات قيمة أعلى، مثل الآلات الصناعية والسلع الاستهلاكية، ولا عجب أن العديد من العائلات التجارية الأكثر ثراءً في الخليج تتبع طريقها إلى الثروة عبر وكالات السيارات".

أما "الإجراء الحمائي الثاني، وهو نظام الكفالة، فظهر في الخمسينيات من القرن الماضي لاستيراد العمالة الوافدة وتوظيفها، إذ نصت القوانين الجديدة على أن يكون المواطن الخليجي أو الشركة بمثابة الراعي للعمالة الأجنبية. وسمح ذلك للرعاة المحليين بالحصول على حصة كبيرة من الدخل الناتج عن العمالة المستوردة منخفضة التكلفة"، كما أضاف السالم.

وزاد بأنه "في حين نجح النظامان في البداية في تحفيز اقتصاد القطاع الخاص المحلي الناشئ والسيطرة على تدفق العمالة الأجنبية، فقد أدخلا أيضا تشوهات هيكلية اقتصادية واجتماعية أعاقت المنطقة".

 

اقرأ أيضاً

الاستثمار بالقطاع الخاص سيحد من التدهور الاقتصادي الخليجي  

 

شكل فاسد

من الناحية الاقتصادية، بحسب السالم، كان ما ظهر هو "شكل فاسد على نطاق واسع من النظام الرأسمالي، وهو شكل ركز بشكل شبه حصري على تجارة احتكار القلة المحمية بموجب القانون والممولة من موجات إنفاق القطاع العام".

وشدد على أن "جاذبية التجارة تمثل حافزا أقل لتطوير الإنتاج المحلي (...) ومنذ نحو  قرن من الزمان، عزز هذا الوضع الثقافة الاقتصادية القائمة على البحث عن الريع في القطاع الخاص، وتراكمت كارثة تكوين رؤوس أموال القطاع الخاص في يد أقلية من السكان".

وتابع: "أدت هاتان السمتان المهيمنتان والهيكلية للقطاع الخاص الخليجي إلى ظهور نماذج أعمال قائمة على احتكار القلة ونماذج تجارية ريعية، مثل نقطة بيع حصرية للسلع والخدمات (الوكالة) وحق حصري مماثل في موازنة سعر العمالة المستوردة (كفالة)، وكانت النتيجة نقص مزمن في المنافسة والابتكار، مما أدى إلى تطور سطحي، والفشل في خلق حوافز للقطاع الخاص ليكون ديناميكيا، ناهيك عن المنافسة عالميا".

و"يفتقر القطاع الخاص في الخليج اليوم إلى القدرة على تحليل المشكلات وحلها بشكل نقدي، وبدلا من ذلك، يتم استيراد الحلول وبيعها، مع الالتفاف على اكتساب المعرفة المتضمنة في البضائع المقدمة"، بحسب السالم.

 

المصدر | علي السالم/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد