فورين بوليسي: عباس الضعيف خطر على إسرائيل.. وانهيار السلطة سيفجر صفقة تطبيع السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 638
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"لماذا يعتبر عباس الضعيف خطرا على إسرائيل؟".. حمل كل من الدبلوماسي الأمريكي السابق والزميل الحالي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دينيس روس، وزميله في المعهد غيث العمري هذا التساؤل، في تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي"، حذروا فيه من أن استمرار ضعف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من شأنه أن يزيد من فرص العنف ويعطل حراكا دبلوماسيا مضت فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لبدء تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.

ويرى التحليل أنه مع ضعف السلطة الفلسطينية، نشأ فراغ في الضفة الغربية - وسارعت حركات المقاومة، وأبرزها "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لملء هذا الفراغ، ومن غير المرجح أن تغير العملية الإسرائيلية الأخيرة على جنين وتوابعها المستمرة هذا الواقع في الضفة الغربية.

حتى قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يقرون بأنه بدون إعادة تأكيد انتشار قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، فإن أقصى ما ستشتريه هذه العملية هو بضعة أشهر.

الافتقار إلى الشرعية

المشكلة الأعمق، بحسب التحليل، هي ضعف السلطة الفلسطينية، التي تفتقر إلى الشرعية الشعبية لأسباب عديدة، بما في ذلك الفساد المستشري، وسوء الحكم، وعدم الرغبة في إجراء الانتخابات، والنظام السياسي المتصلب الذي يمنع أي تقدم للقادة الشباب المحتملين.

ويضيف التحليل أنه إذا لم تستطع السلطة الفلسطينية الحد من تطوير البنية التحتية للمقاومة في الضفة الغربية أو منع الهجمات ضد الإسرائيليين، فستواصل إسرائيل تنفيذ العمليات العسكرية، مما يزيد من فرص عدم الاستقرار على نطاق واسع، وصولا إلى انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية.

التطبيع السعودي الإسرائيلي

وبالإضافة إلى الضرر الذي يسببه هذا الوضع للفلسطينيين والإسرائيليين، من المرجح أن يقوض المناخ المتطور الهدف الرئيسي لإدارة بايدن في الشرق الأوسط في الوقت الحالي، وهو تحقيق اختراق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

ويرى الكاتبان أنه لإحباط ذلك، سيتعين على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع مستوى دبلوماسيتها في الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يتطلب ذلك دفعة كبيرة، وهذا ما يفعله البيت الأبيض لأنه يسعى لتحقيق اختراق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

ويعتبران أن هذه الخطوة ستكون ذكية، فمن شأن تحقيق التطبيع السعودي الإسرائيلي أن يغير المشهد بشكل أساسي في الشرق الأوسط، علاوة  على أن تطبيع السعودية يمكن أن يجلب دولا أخرى إلى الطاولة، مثل  إندونيسيا وماليزيا ودول عربية أخرى.

لكن الأوضاع المتدهورة في الضفة الغربية قد تهدد هذه الصفقة، وقد يكون الوقت تأخر لإنجاز مثل هذا الاختراق، فبالإضافة إلى العنف والعمليات الإسرائيلية، هناك الهجمات التي باتت يومية من قبل المستوطنين على القرى والممتلكات الفلسطينية، والتي في طيقها للتحول إلى مذابح، وهي هجمات زادت من الحنق  على السلطة الفلسطينية، حيث يرى الجمهور أن قوات الأمن الفلسطينية لا تحميهم.

ويتم  تغذية هجمات المستوطنين ودعمها من قبل أولئك الموجودين في إسرائيل، بمن فيهم وزراء الحكومة مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

ويرى التحليل أن قوات الأمن الفلسطينية بات لديها عدم رغبة في فعل شئ إزاء الهجمات الفلسطينية على إسرائيل، أو التعامل مع البنية العسكرية لحركات المقاومة في الضفة الغربية، وهو ما يجعل الوضع أسوأ.

لكن لماذا لم تعد ترغب السلطة في التحرك؟

يقول الكاتبان إن الأزمة الرئيسية تتمثل في افتقار السلطة الفلسطينية الآن إلى الشرعية، لا سيما بعد أن وعدت شعبها، منذ تأسيسها عام 1994،  بأن الدبلوماسية والتعاون مع إسرائيل سيؤديان إلى إنهاء الاحتلال وتحسين حياتهم.

لكن منذ الانتفاضة الثانية، فقد هذا الوعد كل مصداقيته، حيث تضاءلت فرص التوصل إلى اتفاق سلام وأصبحت العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية محددة بالصراع بدلاً من التعاون.

لكن عجز شرعية السلطة الفلسطينية لا يتجذر فقط في فشل عملية السلام،بل إن الطريقة البائسة التي تحكم بها السلطة الفلسطينية قد ساهمت بشكل كبير في تضاؤل مكانتها، يقول الكاتبان.

لم تجر أي انتخابات منذ عام 2006، ورئيس السلطة محمود عباس في العام الثامن عشر من ولاية مدتها أربع سنوات، وانتشرت الفوضى في جميع أنحاء المناطق.

وخوفًا من البديل المجهول، كان هناك القليل جدًا من الضغط المستمر على عباس من قبل القادة الأمريكيين أو الأوروبيين - المانحين الرئيسيين للفلسطينيين - لتغيير مساره السياسي.

وهناك أيضا سوء الإدار والفساد، فقد أظهرت استطلاعات حديثة موثوقة بأن حوالي 84% من الجمهور الفلسطيني يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة، وأكثر من 80% يريدون من عباس أن يستقيل، والشعب معزول تمامًا لدرجة أن 63% يعتقدون أن السلطة الفلسطينية عبء على الشعب الفلسطيني.

ويرى الكاتبان أن هذا الافتقار إلى الشرعية الآن هو ما يمنع السلطة الفلسطينية من محاولة التصرف، أو بذل جهد لإيقاف حركات المقاومة في جنين أو  نابلس،  أو حتى المناطق الهادئة تقليديًا مثل أريحا، لأن قوات الأمن تعلم أنهم يمثلون سلطة فلسطينية تفتقر إلى أي شرعية في عيون الجمهور.

ما الحل؟

يرى التحليل أنه على إسرائيل أن تعمل على وقف العمليات الاستفزازية، خاصة من قبل المستوطنين، حيث يتعين على جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يمنع هجمات المستوطنين تلك، لأن تلك الهجمات تقلل من أي موقف تحتفظ به السلطة الفلسطينية، وتغذي باستمرار الرغبة في الانتقام من قبل الفلسطينيين.

تجربة سلام فياض

ويستشهد التحليل بتجربة عام 2007، بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة وطرد السلطة الفلسطينية، حيث انتشرت الفوضى بصفوف السلطة في الضفة الغربية بعد ذلك، ما كاد أن يؤدي لانهيارها، لكن تحرك إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش لتقديم منح للسلطة ودفع عباس إلى تعيين رئيس وزراء ذو مصداقية – سلام فياض – وتمكينه من إجراء إصلاحات ذات مغزى، وهددوه بقطع المساعدات إذا لم يفعل ذلك.

ويقول الكاتبان إنه بالرغم من عدم إحراز سلام فياض تقدما كبيرا في مسائل إصلاحات الميزانية والاقتصاد، فقد بدأ باستعادة الأمن. وقد نجح - واستمر في الوظيفة لأكثر من خمس سنوات، وقويت السلطة الفلسطينية.

ويطالب الكاتبان إدارة بايدن بتنفيذ هذه الاستراتيجية مجددا والضغط على عباس، ولكن مشاركة عربية،  بما في ذلك أولئك الذين يمكنهم توفير الموارد ، مثل السعوديين والإماراتيين - وكذلك الأردنيين والمصريين الذين تربطهم علاقات مع السلطة الفلسطينية.

مشروعات وتمويلات

ويجب أن يكون الإصلاح المؤسسي مصحوبًا أيضًا بمشاريع بنية تحتية جاهزة للانطلاق ويتم تمويلها على الفور لإحداث تأثير ملموس فوري على حياة الفلسطينيين وإظهار أن طريقة رئيس الوزراء الجديد تعمل.

ويطالب الكاتبان إسرائيل، من ناحيتها، بتسهيل المشاريع التي يجب أن تبدأ بسرعة على الأرض، وخاصة مشاريع البنية التحتية التي يمكن أن توظف من تتراوح أعمارهم بين 17 و 26 عامًا، وحصولهم على تصريح للعمل في إسرائيل، بما يسهل انشغالهم في العمل وابتعادهم عن البطالة التي تسبب لهم الإحباط وتقودهم إلى العنف ضد الإسرائيليين، على حد قولهما.

ويطالب الكاتبان أيضا إسرائيل بمراجعة التفاهمات الاقتصادية التي شكلت اتحادًا جمركيًا بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فتلك الاتفاقات عفا عليها الزمن وتحرم السلطة الفلسطينية من الحصول على إيرادات كبيرة.

ستحدث مراجعتهم اختلافًا ملحوظًا في الشؤون المالية للسلطة الفلسطينية - وهو أمر يمكن للسلطة الفلسطينية الإصلاحية استخدامه.

يجب على إسرائيل أيضًا وقف الإعلانات عن المستوطنات الجديدة ومنع إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير المصرح بها، ومنع هجمات المستوطنين ومعاقبة المسؤولين عنها، ومنع إعادة توطين مستوطنة "حومش"، التي فككها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون كجزء من التزامه للولايات المتحدة، يقول الكاتبان.

ويختم التحليل بأن هذا لن يحدث من تلقاء نفسه، بل بجهد كبير أمريكي عربي، والتزام من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتطلب إثبات وعده لبايدن بأن تكون يديه على عجلة قيادة السياسات الإسرائيلية بدلاً من المتطرفين في تحالفه.

 

المصدر | دينيس روس وغيث العمري / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد