الإمارات تغرد خارج سرب مجلس التعاون الخليجي اقتصاديا وتجاريا.. كيف ردت السعودية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 438
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

سلط تقرير نشره موقع "إنفستمنت مونيتور" الضوء على مساعي الإمارات الحثيثة لإبرام اتفاقيات تجارية مع أطراف دولية، بشكل مستقل عن دول مجلس التعاون الخليجي، التي كانت تتحرك في هذا الإطار ككتلة واحدة، مستغلة القوة الاقتصادية والمالية الجمعية لدول الخليج الست، وهو ما كان يغري الاقتصادات الكبرى حول العالم للتعامل مع المجلس.

واعتبر التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الإمارات تبدو غير مهتمة بتعزيز التحرك الوحدوي لدول مجلس التعاون في هذا الإطار، وتتطلع – بدلا من ذلك – إلى تعزيز اتفاقيات تجارية واقتصادية شاملة مع قوى إقليمية ودولية، ضمن أهدافها لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تتطلع أبوظبي إلى الحفاظ على مكانتها كمركز مالي وتجاري إقليمي، فضلاً عن تنويع اقتصادها.

اتفاقيات التجارة الحرة الخليجية واتفاقيات الشراكة الاقتصادية الإماراتية

وبينما تتفاوض دول مجلس التعاون الخليجي على العديد من اتفاقيات التجارة الحرة (FTAs) مع الاقتصادات العالمية الكبرى مثل الصين، تصر الإمارات على أن تذهب منفردة للاتفاقيات التجارية الخاصة بها، يقول التقرير.

منذ أواخر عام 2021، تابعت الإمارات بقوة اتفاقيات التجارة الثنائية الخاصة بها، والتي يطلق عليها اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA).

ووقعت الإمارات أول اتفاقية (CEPA) مع الهند في فبراير/شباط 2022، بعد إطلاق المفاوضات في أغسطس/آب 2021.

وتتيح الاتفاقية وصولاً أكبر للصادرات الإماراتية عن طريق خفض أو إلغاء التعريفات الجمركية على أكثر من 80% من المنتجات.

ويهدف الاتفاق إلى توليد 100 مليار دولار من التجارة الثنائية في غضون خمس سنوات.

وقّعت الإمارات كذلك اتفاقيات (CEPA) مماثلة مع إسرائيل وإندونيسيا، وصادقت على أحدث اتفاقياتها مع تركيا في مايو/أيار 2023.

وبموجب اتفاقها مع تركيا، يأمل الجانبان في زيادة التجارة الثنائية إلى 40 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة.

وهناك المزيد من المفاوضات في طور الإعداد مع دول من بينها تايلاند وماليزيا.

الصين والمملكة المتحدة

يأتي ذلك بينما يجري مجلس التعاون الخليجي-  الكيان المكون من 6 دول، هي السعودية وقطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان، بالإضافة إلى الإمارات – مفاوضات لاتفاقيات تجارة حرة مع شركاء تجاريين رئيسيين مثل الصين وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة.

هذه الاتفاقيات مع المجلس مغرية بشكل خاص للقوى الدولية الكبرى المذكوة سلفا، نظرا لأن التكتل الخليجي يمتلك إجمالي ناتج محلي ضخم للغاية يبلغ 1.6 تريليون دولار.

لكن، رغم ذلك، فإن الإمارات ترى أن اتفاقيات (CEPA)  الخاصة بها هي أسرع في التفعيل والتعاون من اتفاقيات التجارة الحرة التي يجريها مجلس التعاون الخليجي، والتي قد تستغرق عقودًا حتى تكون فعالة.

وتعزز اتفاقيات (CEPA) اقتصاد الإمارات بعدة طرق، بما في ذلك تعزيز الوصول إلى الأسواق من خلال التعريفات التفضيلية،  ووضع قواعد للتجارة الرقمية وحماية حقوق الملكية الفكرية، كما يقول روبرت ماسون، وهو زميل غير مقيم في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن العاصمة".

الإمارات والسعودية.. تنافس تجاري متصاعد

ويشير التقرير إلى التنافس الاقتصادي والتجاري الذي بدأ بين الإمارات والسعودية، وتعزز منذ مجئ ولي الهخ السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة في المملكة، ضاربا المثل بالقرار الذي اتخذته الرياض في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بالطلب من الشركات الأجنبية نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة حلول عام 2024 أو المخاطرة بخسارة العقود الحكومية المربحة، وهي خطوة كان ينظر إليها بوضوح على أنها استهداف سعودي للإمارات، من خلال حث الشركات الأجنبية على الانتقال من دبي ، المركز التجاري والمالي في الخليج، إلى السعودية.

وفي عام 2021 أيضًا، عدلت السعودية التعريفات الجمركية على الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي، واستبعدت البضائع المصنوعة في المناطق الحرة أو تلك التي لها مدخلات إسرائيلية من امتيازات التعريفة التفضيلية.

كان يُنظر إلى التعديل إلى حد كبير أيضا على أنه يستهدف الإمارات، حيث تلعب المناطق الحرة دورًا اقتصاديًا رئيسيًا، وحيث تم مؤخرًا إقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل.

مشكلات مجلس التعاون

ويرى التقرير أن مشكلات مجلس التعاون الخليجي، والتي كان أبرزها الخلافات الهيكلية الاقتصادية، مثلت حافزا للإمارات للتحرك منفردة في المجال التجاري.

فعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها اتحادات جمركية وسوق مشتركة، إلا أن التكامل الاقتصادي الأعمق لا يزال بعيد المنال.

وفي عام 2003، وافق الأعضاء على تشكيل اتحاد نقدي بعملة واحدة بحلول عام 2010.

فشل المشروع في نهاية المطاف بسبب اختلافات حول الاقتصاد الكلي بين الأعضاء، وكذلك الخلاف بين السعودية والإمارات حول موقع البنك المركزي للاتحاد.

وعلى الرغم من بدء المفاوضات مع العديد من الدول، لم يوقع مجلس التعاون الخليجي سوى عدد قليل من اتفاقيات التجارة الحرة حتى الآن.

ظلت هذه المفاوضات التجارية معطلة لسنوات بسبب عوامل تشمل التنافس داخل الخليج والأولويات الاقتصادية الوطنية.

وتقول كارين يونج، باحثة أولى في مركز جامعة كولومبيا حول العالم إن "دول مجلس التعاون الخليجي كوحدة سياسية وتفاوضية ليست قوية جدًا، خاصة الآن، حيث تتنافس دول الخليج بشكل أكثر انفتاحًا على الاستثمار والفرص الجديدة مع تنوعها".

انطلاقة جديدة منذ "كوفيد-19"

لكن منذ جائحة "كوفيد -19"، أعاد قادة الخليج إطلاق محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع الشركاء التجاريين الرئيسيين، مثل الصين.

وعلى الرغم من أن التكتل بدأ مفاوضات مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2004، إلا أن المحادثات ظلت معطلة إلى حد كبير.

لكن في السنوات الأخيرة، تحسنت العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في عهد ولي العهد السعودي.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2022، استضافت الرياض قمة دول مجلس التعاون الخليجي - الصين، والتي أسفرت عن العديد من اتفاقيات التعاون الاستثماري بين الجانين.

واقترح محللون، مثل ناصر السعيدي، أنه يمكن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في وقت مبكر من عام 2024، وهو يعتقد أن اتفاقية التجارة الحرة مع الصين ستغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط ، مما يعزز التجارة والاستثمار.

وبالمثل، فإن المملكة المتحدة، التي فتحت مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الخاصة بها مع دول مجلس التعاون الخليجي في يونيو/حزيران 2022، تتطلع إلى صفقة بمليارات الدولارات مع الكتلة المكونة من ستة أعضاء.

الاقتصادات الضخمة تفضل التعامل مع مجلس التعاون ككتلة

ويرى التقرير أن الاقتصادات الأكبر تفضل التعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي ككل ، بدلاً من الاتفاق على صفقات تجارية ثنائية على أساس كل دولة على حدة، فمجلس التعاون سوق كبيرة ومهمة لدول مثل المملكة المتحدة والصين، لكن الاتفاقيات الثنائية قد تقوض محاولات المضي قدمًا في صفقات أكثر قيمة.

ويعني ما سبق أن أبوظبي يتعين عليها أن  تضع في اعتبارها استمرار تحسين علاقاتها مع الرياض، التي تسيطر على مجلس التعاون بقوة، إذا كانت الإمارات تريد أن تتمتع بثمار الصفقات التجارية الضخمة مع الكيانات الدولية العظمى.

 

المصدر | إنفستمنت مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد