النفط وصدمات 2022.. هكذا أدارت السعودية تحدي ضبط السوق

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 780
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

سلطت صحيفة "سعودي جازيت" الضوء على أسلوب إدارة السعودية لأزمة الطاقة العالمية التي تصاعدت بشكل كبير في عام 2022 حيث تعرض سوق النفط لصدمات شديدة.

وذكرت الصحيفة الحكومية، في تقريرترجمه  "الخليج الجديد"، أن أزمة الطاقة أصبحت أكثر سخونة على الساحة الدولية في 2022، وعلى جميع القطاعات، لارتباطها بعمليات الإنتاج، ما أدى إلى مضاعفة التكلفة التشغيلية ومستويات قياسية من التضخم.

بداية الأزمة

بدأت أزمة الطاقة الحالية مع انتشار الجفاف في العديد من البلدان حول العالم، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في السدود. وأدى ذلك إلى انخفاض كمية الكهرباء المولدة من محطات الطاقة الكهرومائية، وهذا بدوره أدى إلى استخدام المزيد من الغاز والفحم وزيت الوقود.

وتضاعفت الأزمة بسبب الأوضاع السياسية، وأبرزها الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصة أن التصعيد السياسي والعسكري والنفطي بين الغرب وروسيا بلغ ذروته.

وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر موسكو لاعبا مهما في سوق الطاقة العالمية، حيث تمتلك أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي، وهي واحدة من كبار منتجي ومصدري النفط.

وكان لذلك تأثير كبير على الأزمة، فضلا عن تأثير أزمة سلسلة التوريد العالمية في الضغط على تسليم النفط المستخرج.

أسعار قياسية

وأدت الاضطرابات الجيوسياسية إلى وصول أسعار النفط إلى مستويات قياسية في بعض الأحيان خلال عام 2022، لتصل إلى 140 دولارًا للبرميل بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

ورغم الخوف من استمرار ارتفاع الأسعار، إلا أن القرارات التي استمرت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في اتخاذها جعلت الأسعار تعود بسرعة إلى "توازن عادل للمنتجين والمستهلكين" بحسب توصيف الصحيفة الحكومية.

وبعد أن وصل إنتاج النفط إلى أعلى مستوياته في أغسطس/آب، تدخلت المنظمة وخفضت الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميًا، قبل أن توافق في أكتوبر/تشرين الأول على خفض جديد قدره مليوني برميل يوميًا، ما أدى إلى وصول السعر إلى 93.4 دولارًا للبرميل.

وأبقت "أوبك" الخفض دون تغيير في اجتماعها الأخير. واستقرت الأسعار عند حوالي 80 دولارًا مع تغييرات هامشية.

 

أوروبا الأكثر تضررا

 وجاء أكبر تأثير لأزمة الطاقة على أوروبا من خلال الزيادة الحادة في أسعار الغاز والكهرباء والغاز المسال، ما فرض التقشف في استهلاك الكهرباء، خاصة بعد أن قطعت روسيا إمدادات الغاز.

واضطرت بعض الدول إلى تشغيل محطات الفحم مرة أخرى مؤقتًا لتوليد الطاقة، بينما تخلت دول أخرى عن قرار إغلاقها.

وإزاء ذلك خفضت بعض الدول ضرائب الطاقة، خاصة أن بعض المصانع قلصت إنتاجها وواجهت خطر الإغلاق بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، بينما لجأ البعض الآخر إلى زيادة أسعار الكهرباء والغاز البترولي المسال.

 زيادة التكاليف

وكلفت الزيادة في أسعار الطاقة أوروبا نحو تريليون دولار، بحسب البيانات الأخيرة التي كشفت عنها وكالة بلومبرج، مشيرة إلى أن الوضع سيظل صعبًا حتى عام 2026.

وأكد صندوق النقد الدولي أن أزمة الطاقة المستمرة تسببت في زياردة نفقات المعيشة في الدول الأوروبية بنسبة 7% عام 2022 ، مع توقع أن تصل إلى 9% عام 2023.

معاناة أمريكا والصين

ولم تسلم الولايات المتحدة الأمريكية من أزمة الطاقة، حيث اضطرت إلى استخدام احتياطياتها النفطية من خلال سحب 180 مليون برميل، ما أدى إلى وصول الاحتياطيات الاستراتيجية إلى أدنى مستوى لها منذ يونيو 1984.

ووصلت الأسعار إلى مستويات قياسية، مع ارتفاع التضخم أيضًا، بينما هدد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بفرض عقوبات ضريبية على شركات النفط ما لم تستثمر أرباحها القياسية لخفض التكاليف على المستهلك وزيادة الإنتاج.

أما الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم ، فقد واجهت أسوأ أزمة طاقة، حيث اضطرت الشركات في المناطق الصناعية إلى خفض استهلاكها، بالإضافة إلى قطع التيار الكهربائي في المناطق السكنية.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المعادن الصناعية، مثل النحاس والزنك والألومنيوم، إلى مستويات قياسية مع ارتفاع تكاليف الكهرباء والغاز الطبيعي.

 

توازن السوق السعودي

 وهنا تشير الصحيفة السعودية إلى أن "المملكة سعت، من خلال دورها الريادي في سوق النفط، للتخفيف من أزمة الطاقة، من خلال سياساتها ومبادراتها لطرح حلول مختلفة".

وأوضحت أن المملكة "تبنت سياسة إعادة الاستقرار في الأسواق خدمة لمصالح المستهلكين، وللحفاظ على أكبر مستوى ممكن من الإمدادات، حيث مضت بالتواصل مع الحكومات الأوروبية لتلبية احتياجاتها النفطية، على اعتبار أنها هم الأكثر تضررا".

كما ضاعفت المملكة صادراتها إلى القارة الأوروبية في سبتمبر/أيلول الماضي بمقدار 950 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ 490 ألفًا في العام السابق.

واستخدمت السعودية مكانتها بين دول أوبك أيضا للتخفيف من حدة الأزمة، وكانت الخطوة الأولى هي خفض الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول، قبل أن تتخذ خطوة أكبر بتخفيض مليوني برميل يوميًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية عام 2023، والالتزام بنفس مستوى الإنتاج في اجتماعها الأخير في سبتمبر/أيلول.

والتزم تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+" باتخاذ مزيد من الإجراءات لخفض الإنتاج إذا دعت الحاجة إلى إعادة التوازن بين العرض والطلب، وبذلك "نجحت المملكة في إدارة الملف باقتدار وكفاءة وحكمة" حسب تعبير الصحيفة الحكومية.

وأضافت: "كانت المملكة على مستوى المسؤولية في هذا الجانب لدرجة أنها قدمت في السابق تضحيات لخفض صادراتها بنسبة أعلى من باقي المنتجين للحفاظ على أسواق الطاقة بعد الانهيار الحاد في أعقاب أزمة فيروس كورونا، والتي أعادت الاستقرار إلى أسواق الطاقة".

 جدل كبير

ورافق قرار أوبك+ الأخير بخفض الإنتاج جدلًا كبيرًا واتهامات من الولايات المتحدة بأن القرار كان لدوافع سياسية. إلا أن هذا الادعاء قوبل بالرفض الشديد من قبل الدول الأعضاء بالتكتل، مؤكدة أنه جاء من منظور اقتصادي بحت ووفقًا لتوقعات أوضاع السوق.

وواجهت السعودية بقوة حملة تصوير المملكة بأنها وراء القرار من خلال تأكيد وزير الطاقة الأمير "عبد العزيز بن سلمان" على أن القرار مهم لدعم استقرار سوق النفط وصناعة النفط.

كما أشار الأمير إلى أن "أوبك+" لا تسيّس قراراتها وأن الشؤون السياسية تبقى خارج تحليلها وتوقعاتها لأوضاع السوق.

وأضاف أن المجموعة تركز على أساسيات السوق فقط، مما يمكنها من تقييم الموقف بشكل أكثر موضوعية ووضوحاً ، ويعزز مصداقيتها.

شريك موثوق

وخلص تقرير "سعودي جازيت" إلى أن "السعودية شريك موثوق وجدير بالثقة في مجال الطاقة ، وقد تجلى ذلك في حرصها على تلبية احتياجات السوق والوفاء بجميع التزاماتها ، خاصة أنها تدير هذا الملف برؤية اقتصادية بحتة".

وأشار إلى أن المملكة "تسخر علاقاتها الدبلوماسية لتحقيق استقرار سوق الطاقة، وكان ذلك واضحًا في تنسيقها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط والقضاء على فائض المعروض في الأسواق، بناءً على الدور الذي تلعبه موسكو في السيطرة على الإنتاج خارج أوبك".

 

المصدر | سعودي جازيت - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد