أين تقف دول الخليج إزاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1347
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بينما سارع العالم لإدانة غزو روسيا جارتها الأصغر أوكرانيا، المدعومة من أمريكا والدول الغربية، آثرت دول مجلس التعاون الخليجي الثرية، بما في ذلك السعودية والإمارات التزام الصمت إلى حد كبير.

ويرى مراقبون أن اختيار الانحياز الخليجي لواحد من طرفي الأزمة المذكورة كان سيعد سهلا بالنسبة لدول الخليج التي كانت تحميها الولايات المتحدة لفترة طويلة، لكن تزايد العلاقات مع موسكو يجبرها على تحقيق التوازن.

ويعتبر المراقبون أن التحفظ في رد الفعل الخليجي إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا أمر مفهوم بالنظر إلى التعاون الخليجي الروسي لا سيما في مجالات الطاقة والأمن.

وكلاعبين رئيسيين في أسواق الطاقة، فإن معظم دول مجلس التعاون الخليجي لديها علاقة مع روسيا بصفتها زملاء منتجين.

الإمارات

امتنعت الإمارات، ومعها الصين والهند، الجمعة، عن التصويت على مشروع قرار وزعته أمريكا يطالب موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا. وكما كان متوقعا استخدمت موسكو حق النقض "فيتو" لإحباط المصادقة على مشروع القرار الذي اشتركت فى صياغته أمريكا وألبانيا.

ونال المشروع تأييد 11 دولة عضوا من أعضاء المجلس الـ15، وبعد التصويت أفادت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية في 23 فبراير/شباط الماضي، أن وزيري الخارجية الإماراتي والأمريكي أجريا محادثات هاتفية؛ لاستعراض "التطورات العالمية" ولم يرد ذكر أوكرانيا من قريب أو بعيد.

وقبل ساعات من شن روسيا هجومها البري والبحري والجوي المكثف على أوكرانيا يوم الخميس، شدد الإمارات على "عمق الصداقة مع موسكو".

وعلى الرغم من أن الإمارات حليف وثيق للولايات المتحدة في المنطقة، لكنها واجهت مؤخرًا صعوبة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بشأن شراء طائرات مقاتلة من طراز F-35، بالإضافة إلى مزاعم الولايات المتحدة ببناء منشآت عسكرية صينية في البلاد.

شركة "روستيك" الروسية للصناعات العسكرية والمنتجات الصناعية، لديها علاقات إستراتيجية مع وزارة الدفاع الإماراتية، وستكون الاستثمارات من دول خليجية، مثل الإمارات، موضع ترحيب خاص قبيل أي عقوبات محتملة أخرى يتم اتخاذها بشكل منسق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولطالما كان يُنظر إلى الإمارات، ولا سيما دبي، على أنها مصدر جذب للاستثمار الروسي، ووجهة لقضاء العطلات للنخبة الروسية، إضافة إلى كون الإمارات لاعبا رئيسيا ومنتجا زميلا لروسيا في أسواق الطاقة. 

وإلى جانب ذلك، كان هناك ثمة تكامل للاستراتيجية الكبرى بين موسكو وأبوظبي فيما يتعلق بأمر منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت كل من موسكو وأبوظبي حريصة على احتواء الإسلام السياسي.

السعودية

تقود الرياض وموسكو تحالف "أوبك+"، حيث تتحكم الدولتان بصرامة في إنتاج النفط لزيادة أسعاره في السنوات الأخيرة.

وبذريعة الحفاظ على اتفاقية الإنتاج بين "أوبك" والدول غير الأعضاء في "أوبك" "أوبك+"، رفضت السعودية دعوة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لضخ المزيد من النفط حيث تجاوزت الأسعار علامة 100 دولار للبرميل بعد الهجوم على أوكرانيا.

من المرجح أن يفسر الرئيس الأمريكي الموقف السعودي على أنه بمثابة تقويض للمحاولات الغربية لاستخدام العقوبات كأداة أساسية ضد موسكو.

كجزء من استراتيجيتها التحوطية، يبدو أن السعودية غير راغبة في التخلي عن تعاونها العسكري المشترك مع روسيا.

وقالت "إيلين والد"، الزميلة البارزة في  المجلس الأطلسي، إن السعودية تخشى الإضرار بعلاقتها مع موسكو  وترى أن هناك ضرورة في الحفاظ على مشاركة روسيا في "أوبك+"، وإذا تركت روسيا التحالف النفطي، فمن المحتمل أن ينهار الاتفاق برمته.

وأضافت "والد": "ربما يكون التزام الصمت بشأن العمل الروسي في أوكرانيا هو أفضل مسار لهذا في الوقت الحالي. لكن هذا الموقف البراجماتي قد يصبح غير مقبول من جانب السعودية وغيرها من دول الخليج إذا ضغط عليهم الزعماء الغربيون". 

قطر 

قطر بدورها شجبت العنف، وامتنعت عن توجيه انتقادات لروسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وأجرى وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن" مكالمتين هاتفيتين منفصلتين مع نظيره الروسي "سيرجي لافروف" ووزير الخارجية الأوكراني "دميترو كوليبا"، وأعرب خلالهما عن قلق بلاده من التطورات الجارية.

في غضون ذلك، دعا أمير قطر "تميم بن حمد" جميع أطراف الأزمة الروسية الأوكرانية إلى ممارسة ضبط النفس وحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية.

وستكون القضية الرئيسية لقطر في موازنة صادراتها من الغاز مع الالتزامات في آسيا، خاصة إذا زاد الطلب في مناطق مختلفة في وقت واحد.

من جانبه يدرك الرئيس الروسي الدور الذي يمكن أن تلعبه قطر في نهاية المطاف في تنويع واردات الغاز الأوروبية بعيدًا عن روسيا، حيث علقت ألمانيا مشروع الغاز "نورد ستريم-2" وتعرضت شركة غازبروم الروسية، المساهم الوحيد في المشروع، لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

وقد بعث "بوتين" برسالة إلى أمير قطر "تميم بن حمد" توضح السبل التي يمكن للبلدين من خلالها دعم العلاقات الثنائية وتعزيزها. كما سلم الرسالة وزير الطاقة الروسي "نيكولاي شولجينوف" الذي كان في الدوحة لحضور منتدى الدول المصدرة للغاز السنوي.

الكويت

ذهبت الكويت إلى أبعد من جيرانها برد فعلها على الأزمة الأوكرانية الروسية وكانت صريحة في التأكيد على أهمية احترام استقلال وسيادة أوكرانيا.

ويبدو أن الموقف الكويتي مستمد بشكل رئيسي من تجربتها الأخيرة في الصراع والاحتلال على يد جارتها العراق الذي أتم منذ فترة وجيزة تعويضات إجمالية قدرها 52.4 مليار دولار عن غزوه للكويت عام 1990.

البحرين وعُمان

أيدت البحرين، في بيانات سابقة للأزمة الحالية قبل الغزو، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وحدة أراضي أوكرانيا في عام 2014.

في عام 2021، أكد "عبدالله بن أحمد آل خليفة"، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية، دعم البحرين لوحدة أراضي أوكرانيا. وأشار إلى أنه سيتم منع الشركات البحرينية من القيام بأنشطة في شبه جزيرة القرم المحتلة.

مع تسليط الأضواء الدولية على أشدها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، يبقى أن نرى ما إذا كانت البحرين ستستمر في اتخاذ موقف عام جريء بشأن أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن سلطنة عمان لم تصدر بعد استجابة للأزمة الروسية الأوكرانية، فإن موقفها سيكون مشروطًا بتوجهها العام في السياسة الخارجية، حيث تفضل التركيز على الحلول الدبلوماسية والوساطة (مع التركيز الواضح على الحياد واحترام السيادة).

ويبدو أن مسقط تدرك الدور المحدود الذي يمكن لدولة صغيرة أن تلعبه في علاقات القوى العظمى بين الولايات المتحدة، و"ناتو"، وروسيا.

 

المصدر | الخليج الجديد